من البرلمان لـ"النهضة".. الخناق يشتد على الغنوشي ويصل عقر داره
زعيم إخوان تونس يواجه حصارا برلمانيا وحزبيا يستهدف استبعاده من المنصبين، لعدة أسباب، أبرزها الرغبة في تسليم مشعل القيادة للشباب
مستعد لتقديم جميع التنازلات للبقاء على رأس البرلمان التونسي، ويلعب بجميع أوراق الضغط للاحتفاظ برئاسة "النهضة"، رغم لفظه من قبل عدد كبير من قيادات الحركة الإخوانية.
زعيم إخوان تونس راشد الغنوشي الذي يتقلد أيضا رئاسة المؤسسة التشريعية، يواجه، منذ فترة، حصارا برلمانيا وحزبيا يستهدف استبعاده من المنصبين، لعدة أسباب، أبرزها الرغبة في تسليم مشعل القيادة للشباب، وتجديد الدماء بشرايين الحزب.
غير أن الرجل الذي يتأهب لدخول عامه الثمانين، ويمسك بزمام الحركة منذ تأسيسها قبل 40 عاما، يبدي تشبثا لافتا بالبقاء على رأسها، ما تسبب في تصدع يضرب صفوف القيادات الإخوانية منذ فترة، وينذر بتفتيت صفوفها.
دعوات داخلية
مع أن الكثير من القيادات الإخوانية التونسية أبدت، في أكثر من مناسبة، رفضها للتجديد للغنوشي على رأس الحركة، إلا أن جبهة الرافضين بدأت تتوسع بشكل لافت.
ووفق مصادر لـ"العين الإخبارية"، طالب نحو 100 من أعضاء النهضة الغنوشي بعدم الترشح لرئاسة الحركة، في المؤتمر القادم المقرر عقده نهاية العام الجاري، واعتزال السياسة.
وذكرت المصادر أن قائمة الرافضين تضم أعضاء في المكتب التنفيذي ومجلس الشورى والكتلة البرلمانية للحركة، إضافة إلى قيادات محلية ببعض المناطق.
ووجه الرافضون للغنوشي لائحة موقعة طالبوه فيها بـ"إعلان عدم تجديد ترشحه لرئاسة الحركة"، من أجل تكريس مبدأ التداول القيادي وتوفير شروط نجاح المؤتمر القادم.
وأفادت ذات المصادر بأن العديد من القيادات هددت بالاستقالة الجماعية في حال استمرار الغنوشي على رأس الحركة.
وينص الفصل 31 من النظام الداخلي للحركة الإخوانية على أنه "لا يحق لأي عضو أن يتولى رئاسة الحركة لأكثر من دورتين متتاليتين».
ويترأس الغنوشي حركة النهضة منذ عام 1981، عبر مؤتمرات انتخابية يري العديد من المتابعين أنها كانت صورية لا تخضع لمقاييس الانتخابات الديمقراطية.
وفي عام 1972، أسس الغنوشي حركة "الاتجاه الإسلامي"، قبل أن تتحول إلى "النهضة" مطلع الثمانينيات، وتتخذ من الفكر الإخواني مرجعية لها.
مزرعة خاصة
شهدت حركة النهضة، بالسنوات الأخيرة، استقالات وازنة بصفوف قياداتها، مثل عبد الفتاح مورو (الرجل الثاني في الحركة )، وعبد الحميد الجلاصي، وحمادي الجبالي، وجميعهم من أبرز القيادات التاريخية لإخوان البلاد.
وفي تدوينة عبر مواقع التواصل، اتهم الجلاصي المحيط المقرب من راشد الغنوشي بمحاولة احتكار القرار السياسي في الحركة، وتحويلها إلى مزرعة خاصة.
ولفت إلى أن الغنوشي يقوم بتسيير حركة النهضة بشكل مناقض للديمقراطية، كما قام باقصاء العديد من رفاقه من أجل البقاء على كرسي الرئاسة.
وبالتوازي مع ذلك، تفجرت العديد من الاتهامات التي طالت عائلة الغنوشي، وخصوصا ابنه معاذ وصهره رفيق عبد السلام، بتلقي تمويلات من الخارج، والتخابر مع النظام التركي ضد الأمن القومي التونسي.
كما يواجه الغنوشي اتهامات بالاستثراء الفاحش، وامتلاك عقارات ومغانم وثروة خيالية، مع أنه لم يعرف له عبر تاريخه ممارسة أي نشاط اقتصادي.
رفض برلماني وشعبي
أكثر من جلسة مساءلة برلمانية خضع لها الغنوشي منذ انتخابه رئيسا للمؤسسة التشريعية، وأكثر من عريضة تطالب بعزله قدمها نواب لمكتب البرلمان، بسبب أدائه المخيب للآمال.
لم يكتف الغنوشي بصلاحيات منصبه، فقفز على صلاحيات الرئيس منتهكا الدستور والبروتوكولات، فأجرى زيارات لتركيا، ومكالمات لقيادات إخوانية ليبية، وتدخل بالسياسة الخارجية للبلاد، وعرض أمنها القومي للخطر.
ووفق أحدث استطلاعات الرأي، يواصل الغنوشي تصدر قائمة أسوأ السياسيين في تونس وأكثر شخصية لا يثق فيها التونسيون ولا يريدون أن تلعب أي دور سياسي في بلادهم.
وبحسب استطلاع أجرته مؤسسة "سيغما كونساي" المتخصصة في سبر الآراء، اعتبر 68 بالمئة من التونسيين الغنوشي أكثر شخصية سياسية لا يثقون فيها ولا يريدون منها أن تلعب دورا سياسيا.