الغنوشي يتخلص من "صندوقه الأسود" في البرلمان.. إقالة أم استقالة؟
متابعون يرون أن رحيل العقل المدبر للتمكين الإخواني في البرلمان التونسي مقدمة لخروج الغنوشي واستقالته من المجلس النيابي.
فتحت استقالة الحبيب خذر مدير ديوان راشد الغنوشي في البرلمان التونسي ثغرة جديدة في بيت رئيس إخوان تونس المتهاوي، فبرحيل رجل الظل أصبح ظهر الغنوشي مكشوفًا أكثر أمام خصومه في مجلس نواب الشعب.
ورغم إفلاته من لائحة سحب الثقة يوم 30يوليو/تموز المنقضي، إلا أن كلفة المساءلة وتداعياتها السياسية كانت كبيرة أمام راشد الغنوشي الذي واجه معارضة 97 نائبًا مقابل مساندة ضئيلة في حدود 16 نائبا.
واستقال "خذر" أمس الجمعة من دون الإعلان عن أسباب الخطوة المثيرة للتكهنات، وسط أنباء عن أن الاستقالة جاءت بطلب مباشر من الغنوشي، بعد أن أصبح الرجل هدفا آخر لانتقادات المعارضة بسبب ممارساته التي اعتبرت خطرا على الأمن الداخلي للمجلس.
وسواء أكانت الاستقالة بإيعاز من الغنوشي أو بسبب خلافات، يرى متابعون أن رحيل العقل المدبر للتمكين الإخواني في البرلمان، ورجل المخططات السرية لتحويل مؤسسة مجلس نواب الشعب إلى مقر إضافي لحركة النهضة، هو مقدمة لخروج الغنوشي واستقالته من المجلس النيابي.
واعتبر المتابعون أن فترة رئاسة الغنوشي للبرلمان هي الأسوأ في التاريخ السياسي، وأن أخطاءه بلغت درجة الإجرام السياسي والتخابر مع جهات أجنبية ضد مصلحة البلاد
الحبيب خذر.. همزة وصل مع الإرهابيين
عرفت فترة تواجد الحبيب خذر على رأس إدارة ديوان البرلمان التونسي اختراقًا خطيرًا للأمن الداخلي للبرلمان، حسب ملاحظات العديد من الكتل البرلمانية المعارضة.
وقد سمح خذر للعديد من الشخصيات المتهمة بالإرهاب الدخول للمجلس في مخالفة للقوانين، مما جعل الأمن الرئاسي يتخذ موقفا مضادا ضد سياسات الغنوشي.
واعتبر مراد الرتيمي الناشط في الحزب الدستوري الحر (16مقعدا) أن الحبيب خذر كان يريد تحويل البرلمان إلى غرفة سرية لأجندات الإخوان، وأن استقالته ستخفف من وطأة الاختراق الإخواني والإرهابي للبرلمان.
وبين في تصريحات لـ"العين الإخبارية" أن استقالته جاءت بعد ضغط نيابي قاده الاعتصام المفتوح لكتلة الدستوري الحر لمدة تجاوزت 20يوما، مبينا أنه رغم عدم بلوغ لائحة سحب الثقة إلى 109 أصوات، إلا أنها هزيمة مدوية لحركة النهضة وللغنوشي.
وتوقع الرتيمي أن يقدم الغنوشي استقالته في قادم الأيام، لأنه يعلم عجزه السياسي والوظيفي عن مواصلة رئاسة المجلس والتجميع بين مختلف الكتل.
وكان قد عرضت عديد الكتل البرلمانية في الفترة السابقة وثيقة تستعرض الخروقات التي قام بها الحبيب خذر ورئيسه الغنوشي خلال 8 أشهر من التواجد على رأس البرلمان.
وتتمثل هذه الخروقات، حسب نص الوثيقة التي تحصلت "العين الإخبارية " على نسخة منها في تدخلاته السياسية الخارجية متجاوزا بذلك أحكام الدستور التونسي، والإدلاء بمواقف سياسية دولية حساسة لا تتلاءم والسياسة الخارجية لتونس.
وكان الغنوشي قد عبر عن مساندته لحكومة فايز السراج في ليبيا التي تضم عناصر إرهابية ومرتزقة من كامل دول العالم
كما تضم العريضة إدانة للغنوشي بسبب القيام بلقاء سفراء أجانب في تونس دون العودة إلى مكتب المجلس (مكتب فيه تمثيلية كل الأحزاب)، وتفويض الإمضاء لرئيس ديوانه بشكل غير قانوني
كما ارتكب الغنوشي خرقا ممنهجا للنظام الداخلي والتلاعب بالقوانين الداخلية لمجلس نواب الشعب، في سابقة خطيرة لم يرتكبها أي رئيس برلمان في السابق.
الغنوشي والنهاية السياسية
ولا يمر رئيس إخوان تونس بفترة إيجابية خلال هذه المدة، حسب ما يراه العديد من الخبراء، فالغنوشي يواجه معارضة شرسة من أكثر من جهة.
وترى منى الفرشيشي رئيسة مبادرة "من أجل تأسيس جديد" (مستقلة) أن الهزائم المتتالية للغنوشي قلصت من مدى قدرته على المناورة، وحتى مجالات تأثيره داخل أنصاره أصبح ضعيفًا وغير مؤثر في الشارع التونسي.
وقالت في تصريحات لـ"العين الإخبارية" إن زعيم الاخوان في تونس يخوض معاركه الأخيرة، وهي معركة من أجل البقاء خاصة في ظل الانتقادات التي يواجهها من الرئيس التونسي قيس سعيد.
وقد كشف قيس سعيد في أكثر من مناسبة وتصريح إعلامي مدى الإجرام الإخواني وسعي الجماعة إلى التآمر ضد الأمن التونسي وتهيئة المناخ لانتشار الإرهاب.
وتابعت الفرشيشي قائلة "إن استقالة الحبيب خذر ستكون حتمًا مقدمة لاستقالة الغنوشي مع بداية عودة الموسم البرلماني الجديد في شهر أكتوبر/تشرين الأول القادم".