إخوان تونس.. "حربائية" مورو تقصي الشاهد من السباق الرئاسي
اختيار حزب النهضة لمورو يعكس مراهنة إخوانية على الشخصية الأكثر "حربائية" في تاريخ الحركة التي يكتنز خطابها بالازدواجية.
اعتبر مراقبون تونسيون أن ترشيح حركة النهضة الإخوانية نائب رئيس البرلمان عبدالفتاح مورو في الانتخابات الرئاسية بمثابة صفعة سياسية لرئيس الحكومة يوسف الشاهد.
ويرى المراقبون أن الحليف الأول للإخوان منذ سنة 2018 بصدد دفع ثمن تحالفه الذي جعله في وضع تبعية سياسية أفقدته وزنه الشعبي وهيأته أن يكون في صورة المنقلب على عائلته السياسية الحداثية.
ويعكس اختيار حزب النهضة لمورو، حسب عدد من المراقبين، مراهنة إخوانية على الشخصية الأكثر "حربائية" في تاريخ الحركة الإسلامية، والتي تكتنز في خطابها ازدواجية؛ إذ تتبنى الشيء ونقيضه.
واجهة إخوانية مزيفة
يروي عز الدين الرصاصي أحد نشطاء االإخوان السابقين، في تصريحات لـ"العين الإخبارية"، أن عبدالفتاح مورو هو واجهة الإخوان المزيفة التي تدعي الانفتاح لكنها تخفي وجها متشددا يتقاطع في أصوله مع التنظيم الإرهابي في مصر.
الرصاصي، الذي استقال من حركة "الاتجاه الإسلامي" منذ بداية التسعينيات، أوضح أن مورو كان يُعد المنظر الفكري للإخوان والرجل الأول بعد راشد الغنوشي في الدعاية والاستقطاب بمساجد "باب سويقة" (المدينة العتيقة وسط العاصمة).
وأشار إلى فكرة أن ترشيحه للرئاسة في تونس بدأت منذ سنة 2014 لكن خلافاته مع الغنوشي حالت دون خوض المعركة الرئاسية في ذلك الوقت.
وبعيدا عن خطاب المرونة السياسية والاستعراض اللغوي، تحفظ ذاكرة التونسيين لعبدالفتاح مورو احتفائه سنة 2012 بالإرهابي وجدي غنيم عندما استقبله في منزله وأقاما محاضرة عن مقاصد "الجهاد".
عندها كان مورو أحد الدعاة إلى الذهاب لسوريا والعراق للقتال مع التنظيمات الإرهابية كالنصرة وداعش.
وفي حديث ثنائي مع وجدي غنيم، تداولته وسائل الإعلام، صرح مورو بأن الإخوان يريدون تغيير أفكار الأطفال وتحويل وجهتهم الفكرية، وهذا جهد سيحقق نتائج على امتداد السنوات.
رجل الانقلابات
خطة مورو كنائب لرئيس البرلمان التونسي جعلته يفكر في كيفية إزاحة محمد الناصر وتولي المنصب، وهو السيناريو الذي فضحه النائب عن نداء تونس سفيان طوبال.
طوبال اتهم كلا من الشاهد ومورو بصياغة انقلاب يوم 27 يونيو/حزيران، في الأيام الأولى لمرض الرئيس الراحل الباجي قائد السبسي، فيما لم يرد أي منهما على تلك الاتهامات أو يحاول تكذيبها.
وفي تصريحات لـ"العين الإخبارية"، اعتبر القيادي في حزب نداء تونس، عاطف محجوب، أن عبدالفتاح مورو يحلم بأن يكون رئيسا حتى يغير مناهج التعليم وضرب القيم الحداثية للمدرسة التونسية التي أسسها الرئيس الراحل الحبيب بورقيبة، معتبراً أنه ورقة أخرى في يد الغنوشي لتحويل وجه المجتمع وتحقيق ما يسمى "أخونة الدولة".
وبين أن للرجل تاريخ طويل في تزييف الحقائق وقول الأشياء المتناقضة من أجل التموقع في المشهد السياسي.
ورقة التنظيم الأخيرة
ويرى مراقبون أن اللجوء إلى ترشيح عبدالفتاح مورو دليل على وهن وعجز داخل حركة النهضة الإخوانية لأن مسألة الترشيح تأخرت إلى أكثر من 4 أيام من انطلاق تقديم الترشيحات.
ويؤكد الكاتب السياسي محمد بوعود أن عبدالفتاح مورو يعد الورقة الوحيدة التي يلعبها الإخوان في تونس، وهي ورقة اضطرارية لتسجيل مشاركتهم في الرئاسية بعد عجز الغنوشي عن خوض المعركة لتدني شعبيته وانهيار وزنه السياسي داخل حركته بعد سلسلة الصراعات الأخيرة.
واستقال من حركة النهضة عدد من القيادات خلال الأشهر الأخيرة على غرار لطفي زيتون مستشار الغنوشي ومدير الحملة الانتخابية حاتم بولبيار ومدير العلاقات الخارجية محمد غراد.
ورقة مدفوعة من الغنوشي للتعويل على شخص يخفي حقائق التصلب داخل الإسلام السياسي ويجيد فن المغالطة والتسويف، ويراوغ بالمفردات بدمج الخطاب السياسي مع الخطاب الديني.
ويبني بوعود رأيه على أن حركة النهضة تريد المراهنة على خطاب ديني تبرر به فيها الاقتصادي والاجتماعي في إدارة الحكم وتحويل الحملة الانتخابية إلى مسرح للتكفير والإقصاء على أساس القرب من الإسلام.
ويختتم حديثه بالتأكيد على أن "زئبقية" مورو وتلونه أقصى رئيس الحكومة يوسف الشاهد من فرضية أن يكون مرشحا للإخوان.