سعياً إلى الوصول لاقتصاد خالٍ من الكربون، من المتوقع أن تكشف الاتحاد الأوروبي، الثلاثاء 6 فبراير/شباط 2024، خريطة طريق طموحة، وسط أزمة مزارعين واسعة النطاق.
وتجسد أزمة المزارعين التوتر المتزايد حول التنظيمات البيئية قبل أربعة أشهر من الانتخابات الأوروبية.
وكان الاتحاد الأوروبي حدّد هدف خفض انبعاثات غازات الدفيئة بنسبة 55% بحلول العام 2030 مقارنة بالعام 1990، لتحقيق تحييد أثر الكربون عام 2050.
وكهدف وسيط، يفترض أن توصي المفوضية الأوروبية بخفض صاف بنسبة 90% في العام 2040، وفق وثائق العمل، أي الإبقاء على الوتيرة نفسها للفترة الممتدة بين 2020 و2030، ما يوفر أفقا يمكن توقعه بالنسبة إلى المستثمرين.
لكن ينبغي لبروكسل أن تتغلب على المخاوف المرتبطة بالتأثير الاجتماعي-الاقتصادي للخفض القسري لانبعاثات الكربون، إذ أصبح "الاتفاق الأخضر الأوروبي" فزاعة للرأي العام.
وبعد النجاحات التي حُقِّقت في قطاعات النقل والطاقة والصناعة، سحقت هذه المروحة من التشريعات البيئية بشأن المسائل الزراعية في مواجهة معارضة أعضاء يمينيين في البرلمان الأوروبي ومزارعين، فيما طالب زعماء بـ"استراحة تنظيمية" لإعالة الشركات والأسر.
وأكد مفوض الاتحاد الأوروبي للمناخ فوبكه هوكسترا منتصف يناير/كانون الثاني "علينا التوفيق بين الطموح المناخي من جهة وضمان بقاء شركاتنا قادرة على المنافسة من جهة أخرى".
- شتاء بلا ثلج.. اختفاء الجليد يجمد هذا النشاط في إيطاليا
- آمنة الضحاك: تمديد عام الاستدامة يدعم رحلة الإمارات للحياد المناخي 2050
هدف مناخي عادل.. غاية أوروبية
وطلبت 11 دولة من بينها فرنسا وألمانيا وإسبانيا من بروكسل في رسالة مشتركة اطلعت عليها وكالة فرانس برس "هدفا مناخيا طموحا".
لكن الدول الموقعة دعت كذلك إلى انتقال "عادل ومنصف" ممكن اقتصاديا، بتكاليف يمكن السيطرة عليها وعدم ترك أحد خلف الركب خصوصا الأكثر ضعفا" وتعزيز "أمن الطاقة والقدرة التنافسية الصناعية".
ومع اقتراب انتخابات يونيو/حزيران حين يتوقع صعود اليمين المتطرف والقوميين، يبدو أن النقاش حول المعايير البيئية التي كانت في قلب التظاهرات الزراعية الأخيرة، سيكون شائكا.
وكان مطلوبا من السلطة التنفيذية الأوروبية تحديث توقعاتها لما بعد العام 2030 في غضون ستة أشهر بعد مؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ (COP28) في ديسمبر/كانون الأول الماضي. لكن وفق ما يقتضي سياق ما قبل الانتخابات، لن تكشف بروكسل الكثير الثلاثاء.
وستكون المفوضية المقبلة المنتخبة مكلّفة تقديم اقتراح تشريعي رسمي للولايات والبرلمان الأوروبي المجدد.
ويفترض أن تستند توقعات العام 2040 جزئيا إلى احتجاز وتخزين كميات كبيرة من الكربون، وهو ما يثير استياء منظمات غير حكومية تنتقد هذه التكنولوجيات "غير المثبتة" وتطالب بأهداف للحد من الانبعاثات الخام.
متابعة الاتفاق الأخضر
مع اعتماد قوانين بيئية مختلفة "أنجزت المهمة للفترة التي تسبق العام 2030، يجب التسريع الآن، وتوسيع" الجهود، وفق باسكال كانفان رئيس لجنة البيئة في البرلمان الأوروبي.
وأضاف "إذا لم نواصل العمل، لن نتمكّن من تحقيق الهدف النهائي. إذا لم تكن الظروف السياسية مواتية، لن يحدث ذلك: إحدى القضايا المحورية للانتخابات هي متابعة (الاتفاق الأخضر). إطلاق هدف 2040 الآن يتطلب من الجميع اتخاذ موقف".
وكان يلمح إلى حزب الشعب الأوروبي (يمين)، القوة الأولى في البرلمان والذي أصبح معارضا للاتفاق، في حين تنتمي رئيسة المفوضية أورسولا فون دير لايين وهوكسترا إلى المعسكر نفسه.
وقال بيتر ليزه، عضو البرلمان الأوروبي عن حزب الشعب الأوروبي "مع تنفيذه، نشهد بشكل متزايد مدى طموح هدف المناخ للعام 2030. من السهل تحديد رقم، لكن من الأصعب ضمان حدوث التحول في الصناعة وبين المواطنين".
واعتبر هدف 90% "طموحا للغاية" ودعا إلى "إطار سياسي صحيح" يتضمن خفض القيود المفروضة على الصناعيين مشددا على أنه "يجب علينا أخذ الناس في الاعتبار، لا سيما الأسر ذات الدخل المنخفض" التي "يجب دعمها بشكل أكبر".
وقالت إليسا جيانيلي من منظمة "إي 3 جي" غير الحكومية إن على الاتحاد الأوروبي "أن يتعلم الدروس من أخطاء الماضي وأن يعزز سياسته الصناعية والبعد الاجتماعي. في ظل الحملة الانتخابية، فإن ارتكاب خطأ من شأنه أن يسمح للأصوات المحافظة والشعبوية بعرقلة" التحول الأخضر الأوروبي.