أوروبا قلقة جداً وأشبه ما تكون بالأسد الجريح، خصوصاً بعد الهجمات التي استهدفتها خلال هذا العام وما قبله
تحدثت في مقال الأسبوع الماضي عن الخبر المغلوط، الذي نشرته وكالة «رويترز» قبل عدة أيام، يتحدث عن توجه بلجيكا لطرد إمام المسجد الكبير هناك، وكان عنوان الخبر «بلجيكا تسحب الإقامة من إمام سعودي سلفي»، وذلك بسبب نشره لأيديولوجيا الكراهية والتحريض، وأوضحتُ أنه بعد التثبت، اتضح أن الإمام مصري وليس سعودياً. ويبدو أن الخلط كان من قبل وزير الهجرة البلجيكي ثيو فرانكين. حيث إن وكالات الأنباء نقلت الخبر عنه.
توجه رابطة العالم الإسلامي في التخلي عن بعض المراكز الإسلامية المشبوهة التي تقاوم تغيير خطابها المتشدد هو توجه إيجابي جداً، إذ إن مجرد التصاق اسمها بأحد تلك المراكز كمشرفة عليه ولو «تشغيلياً» يضعف مصداقية رسالتها الجديدة للعالم والقيم السامية التي تبشر بها
بعد نشر المقال وقع بين يدي بيان أصدرته -مشكورة- رابطة العالم الإسلامي بالعربية والإنجليزية والفرنسية، أوضحت فيه بعض التفاصيل المتعلقة بمسجد بروكسل الكبير. إذ قالت بأنها تدير «تشغيليا» المركز الإسلامي ببروكسل، وأن قياداته مرتبطة بقرار مجلس إدارته المكون من عدد من سفراء الدول الإسلامية، وأن قيادات المركز معينون من عدة سنوات بتزكية رخص بلجيكية، بمن فيهم إمام الجامع المرشح من قبل دولته للعمل بالمركز من 14 عاماً.
وأشار البيان إلى أن القيادة الجديدة للرابطة التقت بالجهات البلجيكية المختصة وجرى تفاهم إيجابي نحو عدد من موضوعات المركز، ومنها دراسة الرابطة اعتذارها عن تشغيله في حال عدم انعقاد مجلس إدارته، ومن ثم عدم تجديد دماء قياداته. وتعرض البيان إلى رابطة العالم الإسلامي التي ألقت خطاباً مستنيراً داخل المركز يحث الأقليات المسلمة على احترام قوانين البلدان التي يعيشون فيها أو مغادرتها، وفيما يخص القوانين المخالفة للشريعة، فإن المضطر للبقاء له حكم الضرورة وغيره يلزمه المغادرة إلى بلدان أكثر احتراماً للحريات الدينية.
البيان حمل 16 نقطة مهمة، وأشار بشكل ضمني إلى أن هنالك خللاً في إدارة ذلك المسجد أو على الأقل حاجة إلى تغيير قياداته، بدماء جديدة تؤمن بالمبادئ الإنسانية السامية، كالتعايش والسلام ونبذ الكراهية. كما كشف البيان بوضوح توجه القيادة الجديدة للرابطة نحو خطاب أكثر تسامحاً وسلاماً. وأنها لن تتوانى في التخلي عن تلك المراكز التي تقاوم التوجه الجديد لإصلاح الخطاب الديني، خصوصاً في الغرب كجزء من الحرب على الإرهاب.
في رأيي أن توجه الرابطة في التخلي عن بعض المراكز الإسلامية المشبوهة التي تقاوم تغيير خطابها المتشدد هو توجه إيجابي جداً، إذ إن مجرد التصاق اسمها بأحد تلك المراكز كمشرفة عليه ولو «تشغيليا» يضعف مصداقية رسالتها الجديدة للعالم والقيم السامية التي تبشر بها. بل ويقوّض كافة الجهود الكبيرة التي تبذلها الرابطة في الآونة الأخيرة التي ترمي إلى التسامح والتعايش والحوار بين الأديان.
أوروبا قلقة جداً وأشبه ما تكون بالأسد الجريح، خصوصاً بعد الهجمات التي استهدفتها خلال هذا العام وما قبله، وتضع نصب عينيها بعض الأئمة الذين مازالوا يفسدون في الأرض التي أحسنت إليهم، مثل إمام مسجد كامبريلس الذي دبر هجوم برشلونة الدامي. وبدون براءة رابطة العالم الإسلامي من تلك المراكز المشبوهة، سنظل في دائرة الاتهام التي نحن بريئون منها تماما!
نقلا عن "الرياض"
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة