المنطقة العازلة.. 8 سنوات من الخداع التركي لتصفية أكراد سوريا
تداخلات وتناقضات في السياسة الخارجية التركية حول الأزمة السورية، وفشل مستمر في إنشاء منطقة عازلة في الشمال السوري.
8 سنوات من الاستغلال التركي للأزمة السورية، تحت شعار إنقاذ الشعب السوري وتأمين الحدود التركية–السورية.
تداخلات وتناقضات في السياسة الخارجية التركية حول الأزمة السورية؛ فمن المعسكر الأمريكي تارة إلى المعسكر الروسي تارة أخرى، لتبقى فزاعة أردوغان مستمرة، وهي الأكراد، ومحاولة إنشاء منطقة عازلة في الشمال السوري.
- أردوغان: دخلنا سوريا لمساعدة شعبها.. والأكراد: اعتداء سافر
- خبراء لـ"العين": تركيا ونظام الأسد اتفقا على استهداف أكراد شمال سوريا
التقرير التالي يرصد بداية أردوغان لمحاولة السيطرة على الشمال السوري تحت مظلة المنطقة العازلة.
بداية النزاع والخداع التركي
منذ بدء النزاع في سوريا عام 2011، قامت تركيا بالدعوة إلى إنشاء منطقة عازلة أو آمنة في شمال سوريا، بحجة مواجهة تدفق اللاجئين، وفي نوفمبر/تشرين الثاني من العام نفسه أعلن وزير الخارجية التركي آنذاك أحمد داود أوغلو، أن بلاده قد تقرر بالتنسيق مع المجتمع الدولي، فرض منطقة عازلة على حدودها مع سوريا لأسباب إنسانية.
الإعلان التركي الأول بخصوص إقامة منطقة عازلة على الحدود، تم تسويقه عبر وسائل الإعلام الموالية لأردوغان، تحت أكذوبة حماية المدنيين السوريين، ولكن في واقع الأمر كان يسعى أردوغان الذي كان يشغل منصب رئيس الوزراء في تلك الفترة، إلى محاولة الانقضاض على الأكراد وتصفية الحسابات.
بدأ أردوغان في تنفيذ مخططه؛ ففي 26 يوليو/تموز 2012، اتهم دمشق بأنها وضعت 5 مناطق في شمال سوريا "في عهدة" حزب العمال الكردستاني وفرعه السوري حزب الاتحاد الديمقراطي للإساءة لتركيا؛ وقال: "منطقة آمنة، منطقة عازلة، كل ذلك يشكل جزءا من الخيارات التي لدينا".
تصريحات أردوغان جاءت عقب انسحاب الجيش السوري دون قتال من بعض المناطق الكردية، وانتشار المقاتلين المقربين من حزب العمال الكردستاني، مما أثار غضب تركيا ودفعها إلى تسليح وتدريب عدد من المقاتلين المعارضين للنظام السوري؛ من أجل ضمان استمرار النزاع الذي استغلته أنقرة لغزو الأراضي السورية.
وفي أغسطس/آب 2012، طالب وزير الخارجية التركي أحمد داود أوغلو مجلس الأمن الدولي بضرورة إقامة مخيمات في الشمال السوري، من أجل إيواء اللاجئين السوريين الذين يحاولون الفرار من أعمال العنف الدائرة في بلدهم، إلا أن طلبه قوبل بالتحفظ، بعد كشف نوايا تركية تجاه الأكراد في تلك المنطقة.
داعش ومخطط أردوغان
9 أكتوبر/تشرين الأول 2014، بدأت أنقرة في التخلي عن الخدعة الإنسانية لإقامة منطقة آمنة على الحدود، وبدأت في استغلال محاربة تنظيم داعش، حيث طالب وزير الخارجية حينها أحمد داود أوغلو بإنشاء "منطقة آمنة من أجل نجاح العملية ضد تنظيم داعش".
مع خسارة حزب أردوغان الأغلبية في الانتخابات التركية العامة بدأت الشائعات في يونيو/حزيران 2015، حول قيام الجيش التركي بحملة عسكرية داخل سوريا، لا من أجل حماية الشعب السوري كما كان يتم الترويج له منذ بداية الأزمة، بل للتخلص من الأكراد في سوريا وإنشاء منطقة عازلة بطول 110 كيلومترات، وبعمق 33 كيلومترا على طول الحدود التركية الواقعة في شمال سوريا.
يوليو/تموز 2015، أشارت الخطط التركية المعلنة عن الدفع بما يقارب من 18 ألف جندي داخل سوريا من خلال معبريْ جاربلوز وعزاز الحدودين، ومن ثم إنشاء منطقة عازلة.
وفي 11 نوفمبر/تشرين الثاني 2015، حض أردوغان من جديد الأسرة الدولية على تأييد اقتراحه الذي رفض من قبل، وهو إقامة منطقة آمنة داخل الأراضي السورية.
وردت الخارجية الروسية آنذاك بأن إنشاء "منطقة عازلة" في شمال سوريا يتطلب الحصول على موافقة مجلس الأمن الدولي.
أغسطس/آب 2016 أطلق أردوغان عملية "درع الفرات"، العنوان الأبرز لها هو محاربة تنظيم داعش، ولكن حقيقة الوضع هي محاصرة الأكراد والسيطرة على الشمال السوري.
وتحت عنوان "الكذبة التركية بشأن محاربة داعش"، أكدت مجلة "فورين بوليسي" الأمريكية، أن الرئيس رجب طيب أردوغان، لن يفي بالتزاماته فيما يتعلق بمحاربة التنظيم.
وأوردت المجلة، في تقرير، أنه من المفترض أن تنظر أنقرة إلى "داعش" على أنه عدو ينبغي إزاحته، لكن المعادلة العسكرية والسياسية على الأرض تبدو أكثر تعقيدا، فأنقرة مستفيدة من التنظيم الإرهابي بما أن الأخير عدو المقاتلين الأكراد.
ووفق المجلة، فإن الشرطة التركية ألقت القبض بالفعل على خلايا إرهابية تضم مقاتلين من "داعش"، من بين آخرين، لكن على أرض المعركة كانت القوات الأمريكية ووحدات حماية الشعب الكردية هم من تولوا مهمة دحر التنظيم الإرهابي.
وبناء على ذلك، خلص التقرير إلى أن التزام أردوغان بمحاربة "داعش" كان مجرد كذبة؛ لأن شغله الشاغل كان دائما مرتبطا بالتخلص من المقاتلين الأكراد.
المنطقة العازلة والرفض الروسي
13 فبراير/شباط 2017، أعلن أردوغان عن نيته في إنشاء منطقة مساحتها 4 أو 5 آلاف كلم مربع خالية من الإرهابيين، على حد وصفه في الشمال السوري، ولكن طلبه قوبل بالرفض من القوى الإقليمية.
وفي 19 ديسمبر/كانون الأول، أمر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، بشكل مفاجئ سحب نحو ألفي جندي أمريكي ينتشرون في شمال شرق سوريا، في حين كانت تركيا توجه تهديدا بشن عملية عسكرية وشيكة ضد المقاتلين الأكراد.
التهديد التركي للأكراد بعد الإعلان الأمريكي، دفع واشنطن إلى التهديد الصريح بتدمير الاقتصاد التركي في حال الهجوم على حلفائها الأكراد في الشمال السوري.
- أكراد سوريا يرفضون إقامة "منطقة آمنة" خاضعة لسيطرة تركيا
- الخارجية السورية: الحكومة فعلت الاتصالات مع جماعات كردية في ضوء التدخل التركي
وفي محاولة من أردوغان لتنفيذ ما يطمح إليه منذ اندلاع الأزمة السورية، وهو المنطقة العازلة، دعا الإثنين الماضي، إلى إقامة تلك المنطقة بعرض أكثر من 30 كلم في سوريا على طول الحدود التركية، وأعلن أن قواته ستتولى إقامة هذه المنطقة بين الحدود التركية ومواقع الوحدات الكردية، التي تدعمها واشنطن.
الطلب التركي المستمر حول المنطقة العازلة، سارعت موسكو، أبرز حلفاء دمشق، إلى رفضه، وقال وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف: "نحن على قناعة بأن الحل الوحيد والأمثل هو نقل هذه المناطق لسيطرة الحكومة السورية وقوات الأمن السورية".
فيما أبدى أكراد سوريا رفضهم إقامة "منطقة آمنة" تحت سيطرة تركية في شمال البلاد على الحدود بين البلدين.
aXA6IDMuMTQ1LjYxLjE5OSA=
جزيرة ام اند امز