محاولة انقلاب بوركينا فاسو.. تحرك مبكر أم ثأر متأخر؟
البعض يرجح أن يكون تحركا مبكرا يحاول تعبيد الطريق للفظ الأنظمة العسكرية بغرب أفريقيا، بينما يرى آخرون أنه ثأر متأخر يستهدف خلق ضغط إضافي.
سيناريوهات عديدة يعتقد خبراء أنها تظل جميعها صالحة لقراءة ما وراء محاولة الانقلاب الأخيرة في بوركينا فاسو، البلد الذي يحكمه مجلس عسكري منبثق عن انقلاب.
ويرأس المجلس العسكري الكابتن الشاب إبراهيم تراوري الذي تولى السلطة في 30 سبتمبر/ أيلول 2022، بعد انقلاب كان الثاني خلال ثمانية أشهر في بلد تطوقه التهديدات الإرهابية منذ عشر سنوات تقريبا.
وحينها، أكدت السلطات البوركينية أنها تريد "تسليط الضوء على هذه المؤامرة"، معربة عن "الأسف لأن ضباطا أقسموا على الدفاع عن الوطن، انخرطوا في مشروع من هذا النوع يهدف إلى عرقلة مسيرة شعب بوركينا فاسو من أجل سيادته وتحريره بالكامل من جحافل الإرهاب التي تحاول استعباده".
تسريبات
مصادر مطلعة كشفت الكواليس التي سبقت المحاولة الانقلابية، وقالت لـ"العين الإخبارية" إن الأمر بدأ حين قدمت المخابرات العامة البوركينية معلومات للرئيس الانتقالي إبراهيم تراوري بوجود تحركات لعربات عسكرية متجهة إلى العاصمة واغادوغو دون علم الجيش،
وقامت الأجهزة الرسمية بإخبار الشعب بما يحدث، وخرج محتجون إلى الشوارع وأغلقت الطرقات لإفشال المحاولة، ثم هرب مدبرو الانقلاب الذين دخلوا البلاد– وفق التسريبات- قادمين إليها من ساحل العاج المجاورة، بالتعاون مع مجموعة أخرى من دولتي ليبيريا وسيراليون، الذين رتبوا الأمر مع قادة صغار داخل الجيش البوركيني.
وبعد أن تم الترويج لما يحدث على أنه شائعات، أكدت السلطات البوركينية الأمر، وأعلنت القبض على مجموعة من المدبرين، فيما قالت مصادر خاصة إن قائد المحاولة هو جندي بوركيني تربطه صلة عرقية برئيس ساحل العاج، وهو الذي قام بالتخطيط بدعم خارجي وتنسيق داخلي.
وأضافت المصادر لـ"العين الإخبارية"، مفضلة عدم نشر هويتها، أن هناك من أفشى سر المحاولة قبل القيام بها، وهذا ما ساعد كثيرا في إجهاضها.
وتعقيبا على الأحداث، كتب الرئيس البوركيني إبراهيم تراوري، صباح الخميس، يقول في تدوينة عبر منصة إكس (تويتر سابقا)، إن "المخطط كان خطيرا للغاية، ولولا إرادة الشعب البوركيني لنجح الانقلاب".
توصيف يتفق معه خبراء ممن يرون أنه في حال نجح الانقلاب، فإنه كان سيؤدي لتفكيك الدولة وإثارة الفوضى، ولم يستبعدوا وجود أيادٍ خارجية خلف المحاولة،
تحرك مبكر؟
يعتقد الدكتور عبد المهيمن محمد الأمين، مدير جامعة المغيلي الدولية بنيامي، أن "فرنسا لا يمكن أن تستسلم حيال خروجها من المنطقة بهذه الطريقة".
وفي حديث لـ"العين الإخبارية"، يقول الخبير إن "القرار الذي اتخذته كل من مالي وبوركينا فاسو والنيجر بالتحالف العسكري، بالتعاون مع غينيا كوناكري، للتصدي لأي تدخلات عسكرية خصوصا في النيجر، لا يمكن أن يمر بسلام".
وأضاف أنه يمكن قراءة المحاولة الانقلابية ببوركينا فاسو في هذا الإطار، مشيرا إلى "أن محاولات إثارة الفوضى بالمنطقة لم ولن تهدأ".
وتابع أن "مثل هذه المحاولات متوقعة بشكل كبير في الدول الثلاث"، لافتا إلى أن "فرنسا قد تغير من سياستها باستراتيجية معلنة للتعاون مع الأنظمة الجديدة".
ومستدركا في الوقت نفسه بالقول إن باريس "ستحاول التحرك بخط مواز في محاولة لعدم استقرار هذه البلدان"، متوقعا استمرار مثل هذه المحاولات.
ثأر متأخر؟
يتفق مع محمد الأمين، الدكتور محمد شريف جاكو، الخبير التشادي في الشأن الأفريقي، حول جزئية توجيه أصابع الاتهام لباريس.
وقال جاكو لـ"العين الإخبارية"، إن "فرنسا لن تصمت على ما حدث، ومن غير المستبعد أيضا وقوفها حول تحركات الأزواد في شمالي مالي".
وأضاف أن "فرنسا ستحاول على كافة الأصعدة المعلنة وغير المعلنة، سواء بالتدخل المباشر والذي يصعب عليها، والتدخل غير المباشر إما بالتنسيق مع المتعاونين معها داخل الجيوش في مالي وبوركينا فاسو والنيجر، أو بالوقوف خلف منظمة إيكوس (تكتل غرب أفريقيا)، أو بتحفيز الدول المجاورة للبلدان الثلاثة لتُضيق الخناق على المنقلبين".
وأكد الخبير أن فرنسا "لن تنجح وأن كل محاولاتها ستبوء بالفشل"، معتبرا أنه "سبق أن تأكد أن باريس وقفت خلف محاولات انقلابية عدة في دولة غينيا كوناكري ولكنها لم تنجح".