بوركينا فاسو تطلب "ود" مالي.. فهل يقوم "الاتحاد"؟
لم تغب علامات عاطفة إيديولوجية متبادلة أثناء إقامة أبولينير يواكيم كيليم دي تامبيلا في بلد نظيره المالي تشوجويل كوكالا مايغا.
لكن يبقى تتبع لأي مدى يمكن أن يصل التقارب بين واغادوغو وباماكو، عاصمتي بوركينا فاسو ومالي الرابضتين في غرب أفريقيا والمثقلتين بالهجمات الإرهابية والتقلبات الأمنية والسياسية.
"اتحاد فيدرالي"
رئيس وزراء بوركينا فاسو، أبولينير يواكيم كييليم دي تيمبيلا، اقترح إقامة "اتحاد فيدرالي" بين بلده ومالي اللذين يحكمهما عسكريون انقلابيون يرفضون وجود قوات فرنسية على أراضيهما.
ونقل بيان نشره مكتب دي تيمبيلا عقب زيارة أجراها إلى مالي، يومي الثلاثاء والأربعاء: "يمكننا تشكيل اتحاد فيدرالي مرن يمكن أن ينمو بشكل أقوى ويحترم تطلعات كل منا داخله".
وأضاف: "حاول أسلافنا الجمع، مثل اتحاد مالي الذي لم يدم للأسف لكنهم حددوا الطريق"، في إشارة إلى محاولة قصيرة الأمد لإنشاء اتحاد بين مالي والسنغال وبوركينا فاسو وبنين (1959-1960) في وقت استقلال هذه المستعمرات الفرنسية السابقة.
وبحسب المسؤول البوركيني، فإن "هذا مشروع يجب أن نحاول تحقيقه خلال الفترة الانتقالية، لأنه إذا عاد السياسيون إلى السلطة، فسيكون ذلك صعبًا".
ومع أنه لم يصدر بعد أي تعقيب رسمي من بايماكو حول المقترح، إلا أن رئيس الوزراء المالي شوغيل كوكالا مايغا شجّع نظيره البوركيني على أن تحذو بلاده حذو مالي خلال مأدبة عشاء مساء الثلاثاء.
وشدد كوكالا مايغا على المبادئ التي يتبناها المجلس العسكري المالي، وهي الدفاع عن السيادة وحرية اختيار الشركاء الأجانب وإعلاء المصلحة الوطنية.
"الفيدرالية والسيادية"
ليس هناك شك في أن السلطات الحالية في بوركينا فاسو تشعر بالانسجام مع مالي، ففي نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، اختار الكابتن إبراهيم تراوري، الرجل القوي في بوركينا فاسو، أن تكون أول زيارة له إلى الخارج إلى الجارة مالي.
ومن هناك، كان من المفترض أن يسافر دي تامبيلا إلى روسيا مطلع ديسمبر/ كانون أول الماضي، وفق تصريح أدلى به قبل أسابيع قال فيه: "غادرت المنزل وعدت إلى المنزل".
ومع أن عدة تقاطعات تجمع المجلسين الحاكمين بالبلدين، من أسلوب اللباس "المقنع" إلى الهوى "البوتيني"، لكن هل من الممكن أن يختار الجانبان في النهاية الاتحاد؟
مقترح في حال تحقق، وفق تقارير إعلامية فرنسية، فإن كل جانب سيضع في الغلاف الفيدرالي المحتوى الذي يرغب به، حتى لو كان المصطلح يستحضر رسميًا "التجمع" أو "اتحاد عدة ولايات في دولة فيدرالية"، أي هيكل الدولة الذي يفترض مسبقا تنازلات السيادة بشكل أو بآخر.
لكن يظل الإشكال المتعلق بمفهوم "السيادة" التي من المفترض أن تكون إطارا للخطابات السياسية للبلدين، وفق خبراء أعربوا عن اعتقادهم بأن اللغز الأيديولوجي الحالي للأنظمة الأفريقية الناتجة عن الانقلابات، بدأت باعتماد مزيج من نسج قومية اليمين وعولمة اليسار.
توجه اختزله التوتر الطاغي بين المجلسين الحاكمين بالبلدين على العلاقات التقليدية مع فرنسا، وهو ما يبدو أنه غذى نوعا ما النزعة الشعبية الأفريقية للتخلص من المستعمر التقليدي، والتوجه شرقا.
وبانتظار ما يمكن أن يسفر عنه المقترح، يبدو أن السياسي البوركيني المخضرم دي تامبيلا قد استسلم ببساطة للكلمة الطيبة والرسالة المستهدفة: كلمة طيبة تنضح من ارتباط خيالي بين المضيف وضيفه.
رسالة مموهة يقول محللون إنها موجهة إلى التجمعات الإقليمية الفرعية غير الفيدرالية الأخرى مثل المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا (إيكواس)، مفادها "نعم" للتكامل لكن "لا" لمن يناهض الانقلابيين.