فرار 6 آلاف رجل أعمال من تركيا إلى اليونان والبرتغال وإسبانيا
الاقتصاد التركي يفتقد وجود قوى إقليمية، يسند أزمته عليها، خاصة حلفاءه الأوروبيين، الذين يعملون حالياً على تأديب أردوغان.
لم تعد أزمة الليرة التركية، متعلقة بالانهيار التاريخي، الذي يتسارع مع الوقت، والتي من الواضح أن غطاءها ضعيف، لا سيما أنه لا توجد قوى إقليمية، تسند الاقتصاد التركي في أزمته، بل إنه عمل على معاداة الجميع، خاصة حلفاءه الأوروبيين، الذين يعملون حالياً على تأديب الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، الذي بات يهددهم باللاجئين من جهة، ومن جهة أخرى، بمرور العناصر المتطرفة إلى أراضيهم، وأخيراً القنابل الموقوتة من جماعات الأتراك التابعة له، وتعيش في أوروبا، ولعل انعكاسات ذلك ستظهر من الموقف الألماني، الذي يبدو أن له مخططاً في تأديب "أردوغان"، وتفجير تهديداته في وجهه.
أزمة "الليرة"، كما هي مليئة بالتطورات، فهي أيضاً مليئة بالخبايا، وذلك بحسب محللين سياسيين وباحثين متخصصين في الشأن التركي، يرون أن ما يتعرض له الاقتصاد التركي، حتى الآن، حصار اقتصادي سري، قبل أن يأزف الوقت، ويتعدى "أردوغان" كل الحدود، بتصعيد سياساته العدائية، سواء لجيرانه العرب أو للأوروبيين، والاستمرار في القمع الداخلي الذي يرفضه الغرب، وأيضاً المتاجرة بالأزمة السورية.
من برلين، توجد خبايا لم يظهر منها شيء، لا يدركها سوى دوائر معينة، فمن الواضح بحسب محللين سياسيين، أن هناك عملية تأديب ألمانية لتركيع الديكتاتور التركي، حتى يعيد حساباته جيداً في زيارته المرتقبة إلى ألمانيا، التي وصف مسؤوليها بـ"النازيين" منذ فترة، وهي الزيارة المقرر لها سبتمبر / أيلول المقبل.
وفي هذا الصدد، يتحدث عضو الأمانة العامة للاندماج بالحزب الاشتراكي الألماني الشريك في الائتلاف الحاكم، حسين خضر، الذي يكشف على عهدته معلومات تتعلق بالدور الألماني لتأديب "أردوغان" في أزمة الليرة، وذلك من خلال معلومات توجه من خلال الإفادة الأسبوعية للحزب لأعضائه البارزين عن آخر التطورات، حيث قال في تصريحات خاصة، إن هناك أكثر من 6 آلاف مليونير من جنسيات مختلفة، خرجوا برؤوس أموالهم من تركيا خلال العام الأخير، وذلك بحسب تقارير من الحزب الاشتراكي الألماني، وأن أكثر الدول التي استفادت من هذا الخروج، البرتغال وإسبانيا واليونان، التي استقبلت هذا العدد الضخم من رؤوس الاموال، لافتاً إلى أن العقوبات على تركيا، بدأت من النصف الأول في 2017 بشكل سري، ومازالت بهذا الشكل، من دول بالاتحاد الأوروبي، وعلى رأسهم ألمانيا والنمسا.
وأوضح "خضر"، في تصريحات خاصة لـ"العين الإخبارية"، أن العقوبات تتعلق بسياسات الرئيس التركي، بداية من القمع الداخلي لشعبه، وتتبع المعارضين وسجنهم، ثم حملة عفرين، مروراً بإجراءات القبض على شخصيات ألمانية تعمل وتعيش وتزور تركيا، ومع بداية العقوبات، ثم الوقوف على أنه الأكثر استغلالاً للأزمة السورية من خلال التجارة بآلام السوريين، ثم مخططه بنقل مصانع بآلاتها وعمالها وهناجرها إلى تركيا، لاسيما من حلب، ثم حماية ممتلكات الإخوان والجماعات المتطرفة في سوريا ونقلها مع ممتلكاتهم وأموالهم إلى تركيا.
ويشير "خضر"، إلى أن برلين الآن تقدم لـ"أردوغان" حلولاً متعلقة برفع سقف الحريات، وإعادة النظر في أمن أوروبا، لاسيما دوره الكبير، كونه مدخلاً ومخرجاً للإرهابيين مع أوروبا، وعليه تقديم ما يستطيع القيام به في زيارته المنتظرة إلى ألمانيا، والتي يحاول تبكير موعدها.
وتابع: "تعاملت أوروبا بسياسة الترهيب والترغيب، طوال الفترة الماضية، والآن هناك ضغوط كبيرة تمارس قبل حضوره في سبتمبر/ أيلول المقبل، منها منع الاستيراد منه وتحجيمه اقتصادياً بشكل غير معلن، بعدم شراء بضائع من مصانعه حتى تمتلئ المخازن بالبضائع، مما يمنع توافر العملة الصعبة، فتنهار العملة أكثر".
فيما قال الباحث السياسي في ميونيخ، إبراهيم كابان، إن "أردوغان" هدد أمن ألمانيا بشكل خاص، وأمن أوروبا بشكل عام، من خلال المقامرة باللاجئين والتهديد بهم من فترة إلى أخرى، وما كان يأتي بتهديد مخفي بتمرير الجماعات الإرهابية من سوريا إلى قلب أوروبا، وأنه هو من يمتلك مفتاح الدخول والخروج إلى أوروبا، وبعد أن وضعت أجهزة الأمن الأوروبية، خطط حماية من هذه العناصر، تم العمل على مواجهة سياسية عبر الاقتصاد مع سياسات "أردوغان"، التي من الواضح أنها كانت تسير بحسب مؤشر غروره، بأنه يستطيع استغلال أوروبا، ويقدر على تهديد ألمانيا، من خلال الجماعات والمنظمات التابعة لحزب "العدالة والتنمية".
لفت "كابان" في تصريحات خاصة لـ"العين الإخبارية" ، إلى أن كبرى الشركات الألمانية العقارية تعمل حالياً على تصفية وجودها، بعد أن أنهت جزءاً كبيراً من تعاملاتها بالداخل التركي، خلال الفترة الماضية، منذ حملة "عفرين"، مشيراً إلى أن "أردوغان" خلال الـ 10 سنوات الماضية، كان يركز على إقامة المشاريع بقروض من البنوك الأوروبية، في ظل استقرار اقتصاد تركيا في هذا الوقت، وربط التنمية بالقروض، ليتحول ذهنية الشارع التركي إلى الحالة الاقتصادية المتنامية، ولكن ما حدث أن أي انهيار ينعكس على الوضع المالي، الذي اهتز بالاعتماد على الدولار الأمريكي، ليصل الدولار إلى أكثر من 7 ليرات، مما جاء بإفلاس شركات دون الإعلان بفعل الإعلام التركي.
وأردف: "الشركات الأوروبية هي المساهم الأول في السياحة والعقارات، ومن المعروف أن هذه الشركات توقف تعاملاتها عند قدوم أي هزة اقتصادية، بسحب أموالها على الفور"، لافتا إلى أنه في حالة استمرار هذا الانهيار سيكون له تأثير مباشر على الاقتصاد التركي، بحكم أن من انتخبوا أردوغان هم من آمنوا بتحرك الاقتصاد نحو الأفضل، في ظل مؤشرات سابقة "تم تجميلها" لحكومة العدالة والتنمية، التي اعتمدت في رسالتها الاقتصادية لجماهيرها، على تصدير المنتجات التركية، بدون فرض جمارك من جانب الأوروبيين والأمريكيين.
aXA6IDE4LjExOS4xMzcuMTc1IA==
جزيرة ام اند امز