"زهرة الصبار" لهالة القوصي.. هل تضحك القاهرة لناسها؟
عرض في دبي السينمائي الدولي ضمن مسابقة المهر العربي
هل تضحك عايدة؟ هل ستبتسم لها القاهرة والدنيا، وتمنحها أحلاما محققة أمام خيبات كثيرة ليس أولها الحب ولا آخرها نجاحها كفنانة صاعدة؟
في محل للتصوير الفوتوغرافي، تبدأ أحداث فيلم المخرجة المصرية هالة القوصي "زهرة الصبار" بلقطة تأسيسية تظهر فيها جملة "اضحكي يا عايدة"، والتي ستكون هي الأساس للرسالة التي يريد الفيلم توصيلها.
ويفترض أن تحصل الطفلة عايدة على صورة تبدو فيها مبتسمة بشكل طبيعي لا مفتعل، فهل ستنجح تلك الطفلة التي صارت فنانة صاعدة في الحفاظ على تلك الابتسامة في رحلة تحقيق أحلامها، وهي تنتقل إلى المركز وهو "القاهرة" قادمة من الهامش الذي تمثله "القرية".
ويكون السؤال الماثل للمشاهدين خلال الفيلم الذي ينافس بقوة على جوائز المهر العربي بمهرجان دبي السينمائي: "هل تضحك عايدة؟ هل ستبتسم لها القاهرة والدنيا، وتمنحها أحلاماً محققة أمام خيبات كثيرة ليس أولها الحب ولا آخرها نجاحها كفنانة صاعدة؟
وتتصاعد الأحداث أمام تفاصيل الأيام الرتيبة مع عايدة (سلمى سامي) التي تعيش في منزل "فوق السطح" مع مدام سميحة المرأة البرجوازية كبيرة السن (منحة البطراوي) عندما تقرر صاحبة الشقة التي تقع على سطح أحد الأبنية القاهرية القديمة طردهما ليكون مصيرهما الشارع بلا مأوى.
وهنا يظهر فجأة جار صغير يدعى "ياسين" (مروان العزب) الذي يقوم بمرافقتهما كالملاك الحارس في رحلة هي في الحقيقة استعادة لحياة عايدة في القاهرة وفرصة لها للتصالح مع ماضيها.
يمر الرفقاء الثلاثة بمجموعة من المنازل التي تمثل محطات حياة الممثلة الصاعدة "عايدة"، حيث يصلان شقة صديقها الفنان باسل الذي تعب من الغناء، ومن ثم إلى شقة الأستاذ مراد الذي أحبها وما زال، ثم إلى منزل والدتها المطلقة، وأخيراً إلى شقة حبيبها الكاتب أحمد.
وفي كل مكان تمكثا فيه تشعر عايدة وسميحة بالأمان الجزئي/ اللحظي، الذي يأخذ بالتلاشي شيئاً فشيء حتى يقررا البحث عن مكان آخر.
وبين أحداث عادية وأخرى كارثية، يتحرك الثلاثة برحلة لاستكشاف الذات، فيما تنمو بينهم صداقة استثنائية، مثل زهرة رقيقة تتفتّح من بطن صبارة شائكة.
وتعمدت المخرجة "هالة القصي" إيضاح تفاصيل حياة "عايدة" وعلاقتها الملتبسة مع أحلامها القديمة المتكسرة بهذه الطريقة، لتبيّن تحولات المجتمع المصري الواقعة مثل حالة التدين السائدة.
والمخرجة "هالة القوصي" التي تعمل منذ 25 عاما كمصورة فوتوغرافية محترفة، لا تقدم سرداً بصرياً تقليدياً، بل تمزج الخيال مع الواقع عبر لوحات فنية مسرحية تستلهم من التاريخ والتراث والمسرح والغناء، وهو ما جعل من فيلمها عملاً فنياً مفتوحاً على مستويات عدة للتلقي والفهم.
وهذا العمل الذي يخرج السرد عن تقليديته يوسع من مساحة رؤية الشخصيات الفنية ومواقفها الفكرية، ويتيح للمشاهدين مع اختلاف خلفياتهم صناعة معانيهم الخاصة تجاه الواقع المصري وتحولاته.