بالصور.. مقهى كوكب الشرق يقاوم الاندثار في بغداد
رواد مقهى كوكب الشرق يتحسرون على ما آل إليه، منهم أبو حيدر الذي ينفخ دخان سجائره الواحدة تلو الأخرى على إيقاع أغنية "أروح لمين"
بعدما كان ملاذاً لعشاق الموسيقى، بات مقهى كوكب الشرق "أم كلثوم" يقاوم الاندثار، حاله في ذلك حال المسارح وأماكن ثقافية أخرى في شارع الرشيد التاريخي في العاصمة العراقية.
لا يرتاد المقهى اليوم إلا كبار السن من الرجال الذين يأتون لشرب الشاي أو لعب طاولة الزهر، ويقول أحدهم ويدعى طارق جميلة 70 عاما: "علاقتي بالمقهى بدأت منذ عام 1971، وبعد 2003 غاب عنه الاهتمام ولم يجد رواد الأمس".
ويوضح أن عديدا من الشبان كانوا في السابق يمضون "ساعات طويلة" على وقع أغاني أم كلثوم من "هو صحيح الهوى غلاب" إلى "يا ظالمني" وغيرها.
من جهته، يقول أبو حيدر، العسكري المتقاعد: "الحضور إلى هنا، كان جزءا من تقليدنا الحياتي، وبعد تلك السنوات لم يعد أمامنا إلا هذا المقهى نلجأ إليه لنستعيد الذكريات".
ويعد التغيير الوحيد الذي أدخل على المقهى هو حلول مسجل جديد محل القديم الذي يعمل بأسطوانات يستغرق دورانها أكثر من ساعة، ولم يعد الأمر يتطلب إلا عاملا يختار المحتوى، بدلا من سماع هتافات الزبائن المطالبين بهذه الأغنية أو تلك.
"ذاكرة بغداد"
يقول أبو حيدر: "تعاقب على إدارة المقهى عدد من الأشخاص بدءا من مؤسسه عبدالمعين الموصلي، وللأسف البعض لم يبدِ اهتماما به".
إلى جانبه، يلفت سعيد القيسي (65 عاما) إلى أن "المقهى يقاوم الاختفاء ولم يفكر أحد بتأهيله والاهتمام بواحد من رموز بغداد التراثية والمكانية".
وأضاف القيسي وهو أحد رواد المقهى منذ أكثر من 40 عاما "هذا المكان ارتبط بالذائقة الفنية الغنائية، كانت تحفة غائرة في وجدان الشباب، حيث يمتزج التراث والتاريخ والصوت الشجي".
ولم يتخلَ القيسي عن المقهى رغم قدمه "لاستعادة الذكريات مع الرفاق ليس إلا"، بحسب قوله.
وعلى مقربة من مكان مقهى كوكب الشرق، لا يزال هناك مبنى قديم يعرف بـ"خان المدلل"، حيث غنت أم كلثوم في عام 1932 أثناء زيارتها إلى بغداد، وتحول هذا المكان فيما بعد إلى محال لبيع التحف.
ويجاور مقهى كوكب الشرق مقهى آخر سمي بالأسطورة ربما سعيا للتناغم مع صيت المقهى الأم.
ويذكر الستيني أبودريد أنه "في محاولة لإنقاذ تاريخ المقهى، افتتح مقهى الأسطورة للتجديد، إذ إن القديم غادره من كان يديره ويشرف عليه".
ويتحسر رواد مقهى كوكب الشرق على ما آل إليه، ينفخ أبو حيدر دخان سجائره الواحدة تلو الأخرى على إيقاع أغنية "أروح لمين"، وكأن المكان يشكو قدمه وتهالكه.