حوار القاهرة.. رهان فلسطيني على الدور المصري
بمزيج من الأمل والشك، يتابع الفلسطينيون وصول قادة الفصائل للقاهرة، بانتظار نتائج "لقاء مصيري" سيحدد مصير ترتيبات عقد الانتخابات.
ورغم الأجواء الإيجابية السائدة حتى الآن من المواقف المعلنة عن الانتخابات، فإن "شيطان التفاصيل" يبدو حاضرًا في الملفات الشائكة الحاضرة على طاولة الحوار وسط تباين المواقف وحتى تباين الرؤى نحو القضايا المطروحة على طاولة البحث.
ويعتقد على نطاق واسع أن الحوار سيحدد مصير الانتخابات التشريعية التي دعا إليها الرئيس الفلسطيني محمود عباس في 22 مايو/أيار والرئاسية 31 يوليو/تموز.
لقاء مصيري
يؤكد الدكتور هاني العقاد، الكاتب والمحلل السياسي، أن لقاء القاهرة مصيري لحسم أكثر من ملف يتعلق بالانتخابات وتشكيل محكمة الانتخابات، وتشكيل القوائم والمجلس الوطني والمحكمة الدستورية والأمن ومنظمة التحرير الفلسطينية وغيرها من الملفات العالقة.
وقال العقاد لـ"العين الإخبارية": "الرهان على الحوار كبير للخروج بمخرجات حقيقية تعيد للمواطن ثقته وتتيح مغادرة مربع الانقسام لكن إن لم تحسم قضايا الخلاف في القاهرة فلن يتفقوا على شيء بعد ذلك."
وأضاف "مطلوب شراكة حقيقية بين الفصائل جميعها خصوصا بين فتح وحماس بعيد عن المحاصصة وتقاسم مواقع السلطة وامتيازاتها، أما إن ذهبوا للمحاصصة فستبقى الفصائل تدور في الفلك ذاته حتى لو جرت الانتخابات فإنها لن تؤدي إلى تحقيق شراكة حقيقية.
وأكدت مصادر أمنية بمعبر رفح، لـ"العين الإخبارية"، أن وفودا من الفصائل غادرت صباحاً قطاع غزة لتنضم إلى باقي وفود الفصائل القادمة من الضفة الغربية والخارج للمشاركة في الحوار الذي تستضيفه القاهرة.
ويبدأ الحوار، الإثنين، ويستمر حتى الأربعاء المقبل، لبحث التحضيرات للانتخابات وتوحيد المواقف بشأنها وإيجاد حل للمعيقات التي قد تواجهها العملية الانتخابية.
ويتوقع العقاد أن تتمكن الفصائل بجهد مصري من الوصول لاتفاق لإداركهم أن عدم توصلهم لاتفاق فإن ذلك سيكون كارثة على الفصائل والشعب برمته. وقال: أعتقد أن مصر ودولًا أخرى لن يسمحوا باستمرار المراوحة دون اتفاقات حقيقية".
وسبق أن توصلت الفصائل لاتفاقات عديدة، ولكنها كانت تختلف لاحقا على تفاصيل التطبيق.
رهان على دور مصر
يرهن المحلل السياسي من الضفة الغربية، عادل شديد، نجاح هذه الجولة بتوفر الإرادة القوية لدى الفصائل تحديدا فتح وحماس وهو ما سيمكن من حسم الملفات على طاولة الحوار.
ويبدي شديد في حديثه لـ"العين الإخبارية" شكوكًا في الوصول للحسم بهذه الجولة؛ لأن موضوع الانتخابات لم يأت من حاجة فلسطينية بقدر ما كان لاعتبارات خارجية، وفق تقديره.
وقال: إن لم تتغلب الفصائل على العقبات ستبقى الأمور على سابق عهدها.
وتوجد تباينات كبيرة بين موقف فتح وحماس وفصائل أخرى من عدة قضايا مفصلية منها التعديلات القضائية الأخيرة التي ينظر لها أنها تشكل تهديدا لشفافية العملية الانتخابية، وكذلك تباينات من الرؤية لتشكيل محكمة الانتخابات ودور المحكمة الدستورية، والقوة الأمنية المنوط بها حماية عملية الانتخابات.
وقال شديد: "ليس من المضمون حتى لو اتفقوا على الملفات أن تشكل الانتخابات مدخلا لمعالجة الانقسام لأن الواقع في غزة في ظل حماس وفي الضفة في ظل فتح خلق مراكز سياسية جديدة من الصعب تغييرها جذريا".
وأضاف "الانقسام الآن تمأسس والمطلوب تقليل من تداعيات الحالة المدمرة التي تشكل نكبة سياسية وأخلاقية للشعب الفسطينية.
لا خيار إلا إنهاء الاقسام
ومع ذلك، قالت مريم زقوت، القيادية في الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين قبيل مغادرتها غزة للمشاركة في الحوار لـ"العين الإخبارية": كلنا أمل بتذليل كل العقبات لتوحيد نظامنا السياسي واستكمال كل الملفات حول القضاء وغيرها لتكون الانتخابات ثمرة وأن يكون الانقسام خلفنا وذلك بتوفر الإرادة السياسية خاصة أن قضيتنا تواجه التصفية.
وشددت على أنه "لا خيار إلا أنهاء الانقسام والتوحد خلف استراتيجية وطنية واحدة".
فرصة أكبر لهذه الأسباب
يرى الدكتور صادق أمين الكاتب والمحلل السياسي، أن هناك فرصة أكبر في هذه المرة للخروج بنتائج إيجابية من اللقاء الحاسم، مشيرًا إلى أن طرفي الانقسام بحاجة ماسة إلى تجديد الشرعية، محليا ونتيجة ضغوط خارجية.
وأضاف في حديثه لـ"العين الإخبارية" أن النتائج الحالية هي بالأساس نتيجة اتصالات ماراثونية بعد تولي أمين سر اللجنة المركزية لحركة فتح جبريل الرجوب مسؤولية ملف المصالحة عن حركته في مقابل صالح العاروري نائب رئيس المكتب السياسي لحماس، بعد أن كانت تجري في السابق بقيادة القياديين عزام الأحمد عن فتح وموسى أبو مرزوق عن حماس.
وأقر ان هناك خلافات عميقة يمكن أن تفجر اجتماع القاهرة خاصة ما يتعلق بالملف القضائي والترتيبات الأمنية للانتخابات، والرؤية لما بعد الانتخابات حيث تنتظر ملفات شائكة أي جهة تفوز، لذلك يطرح بقوة ملف القائمة المشتركة أو الوصول لبرنامج مشترك يضمن حدوث حراك سياسي بعيدًا عن الجمود الذي قاد للحصار بعد فوز حماس في انتخابات 2006.
وفي حال جرت الانتخابات الحالية ستكون التشريعية الأولى منذ عام 2006 والرئاسية الأولى منذ عام 2005.
ويتفق الخبراء الفلسطينيون أن الأنظار جميعها ستبقى متجهة نحو القاهرة في الأيام الثلاث القادمة تترقب النتائج الحاسمة التي ستحدد مسار المرحلة المقبلة فلسطينيا.