طموحات "المستقلين" بالانتخابات.. هل تكسر ثنائية فتح وحماس؟
منذ الإعلان عن موعد الانتخابات الفلسطينية، تنشط شخصيات مختلفة لتشكيل قوائم مستقلة، على أمل كسر ثنائية فتح وحماس.
ففي الضفة الغربية وقطاع غزة، تجرى مشاورات وراء الكواليس وفي العلن، بين شخصيات أكاديمية ومهنية، وأخرى حزبية غاضبة من تياراتها، لتشكيل قوائم انتخابية مستقلة، تسعى لتكون بديلاً عن قطبي المشهد الفلسطيني.
ورغم الآمال التي يعلقها هؤلاء على غضب الجمهور الفلسطيني من سلوك فتح وحماس وعموم الفصائل التقليدية، فإن تقديرات أخرى تذهب إلى أن الاستقطاب الحاصل بين أكبر فصيلين فلسطينيين يقلل فرص أي قوى أخرى.
الحراكات الشعبية
المهندس فايز السويطي، أحد الشخصيات البارزة من الخليل، كشف لـ"العين الإخبارية" عن اتفاق نشطاء الحراكات الشعبية في الضفة وغزة على تشكيل قائمة مشتركة.
وقال السويطي، وهو أحد الوجوه البارزة في الحراك الفلسطيني ضد الفساد: إن المشاورات بين الحراكات الشعبية خلصت لتشكيل قائمة مشتركة يكون كل من فيها من المستقلين المشهود لهم بالسمعة الطيبة والسيرة الحسنة.
وأضاف: "شرطنا لمن يدخل القائمة أن يكون مستقلا؛ لأن الناس قد سئمت الوجوه السياسية المعتادة وملت تكرار تلك الأسماء منذ سنوات طويلة".
وكان الرئيس الفلسطيني محمود عباس دعا، الشهر الماضي، لانتخابات تشريعية يوم 22 مايو/أيار ورئاسية في 31 يوليو/تموز المقبل. وستكون هذه أول انتخابات تشريعية من عام 2006 ورئاسية منذ عام 2005.
دوافع المستقلين
ووفق السويطي فإن هناك أكثر من دافع لترشح قوائم للمستقلين أبرزها أن الساحة الفلسطينية يتحكم فيها فصيلان متصارعان ذقنا منهم الأمرين على مدار انقسامهم، والقضية الفلسطينية تأثرت سلبا من انقسامهم على كل الصعد والمستويات.
والدافع الثاني، بحسب السويطي، هو الوضع المأساوي جراء الفساد المستشري والمنتشر بين الحاكمين.
وأضاف: "هذان دافعان رئيسيان للمستقلين للتحرك لتشكيل قوائم بهدف الوصول للمجلس التشريعي لمحاربة الفساد من منبره وبناء دولة المؤسسات ووضع حد لهيمنة الفصيلين على أمل أن نصل في النهاية لتوحيد الشارع ونبذ الفاسدين منه".
تغيير الوقع
المهندس عصام حماد، مؤسس برنامج "تحدي السكر"، من غزة، أعلن هو الآخر عبر صفحته على "فيسبوك" أنه يدرس خوض الانتخابات عبر قائمة مستقلين، وطرح تشكيل قائمة "التحدي".
ورأى أن دخول المستقلين مهم لطرح قضايا مجتمعية ومعالجة هموم المجتمع ومشاكله الحقيقية، مشددا على أن "تغيير الواقع يبدأ من دواخلنا وليس من إرادة المجتمع الدولي أو الدول المانحة".
وقبل أيام، عقب وفاة الأكاديمي عبد الستار قاسم، من الضفة الغربية الذي رشح نفسه للرئاسة الفلسطينية في عام 2005، كشف مقربون منه أنه كان يعمل على تشكيل قائمة تضم مستقلين من غزة والضفة الغربية.
رهانات ولكن!
وفي حين يراهن المستقلون على غضب الشعب من الفصائل لتحقيق مكاسب في الانتخابات القادمة، لا تزال استطلاعات الرأي تعطيهم فرصًا قليلة.
وتوقع السويطي أن يكون لقوائم المستقلين حضور قوي في التشريعي المقبل؛ لأن الناس تواقة للتغيير وخصوصا الوجوه التي ارتبط وجودها بوقوع الانقسام.
وأضاف: "آمل أن تحقق قائمتنا فوزا مفاجئا في الانتخابات لأنها تضم بين جنباتها خيرة المدافعين عن حقوق المواطن على مدار سنوات التغول على المواطن ومصادرة حقوقه".
وبحسب نتائج استطلاع رأي أجراه المركز الفلسطيني للبحوث السياسية والمسحية، في نهاية ديسمبر/كانون الأول الماضي، فإنه لو جرت انتخابات تشريعية فإن 38% يتوقعون فوز حركة فتح، و25% حماس، و23% لقوائم حزبية ثالثة أو قوائم جديدة.
معركة قوية
أستاذ العلوم السياسية بجامعة الأزهر، رياض العيلة، قال إن الوضع الفلسطيني لا يسمح إلاّ للحركتين الكبريين فتح وحماس بالتنافس وحصد الأصوات والمقاعد في حين الفصائل الأخرى نصيبها متواضع، فكيف سيكون واقع المستقلين في هذه المعركة القوية.
وتوقع العيلة في حديثه لـ"العين الإخبارية" أن تكون الأمور صعبة على قوائم المستقلين ولربما لا يتجاوزوا نسبة الحسم؛ لأنه لا يوجد لهم مد جماهيري كبير.
وقال العيلة: "هناك عدة تجمعات للمستقلين تسعى لتشكيل قوائم متعددة وليس قائمة واحدة ما يشتت أي قوة محتملة لهم في الشارع، فضلا على صعوبة اتفاق المستقلين على برنامج سياسي واجتماعي موحد".
وتجري الانتخابات الفلسطينية التشريعية وفق التمثيل النسبي الكامل عبر قوائم على مستوى الوطن، وهو ما يفرض المزيد من التحديات على المستقلين والأحزاب الصغيرة، حيث على هذه القوائم أن تحصل على ما لا يقل عن 1.5 % من أصوات الناخبين لتجتاز نسبة الحسم.
ورأى أن ملل الناس من وجوه فتح وحماس خلال الفترة السابقة صحيح وهو ما تراهن عليه قوائم المستقلين لكن غاب عنها أن الفصائل السياسية لن ترشح تلك الوجوه التي تأففنا منعا وإنما ستأتي بشخصيات مقبولة على الشارع لما تتمتع به من سيرة ومسيرة ناصعة..
وأضاف: "المستقلون لا يمتلكون الأدوات التي تساعدهم في خوض المعركة الانتخابية، فليس لديهم ماكنيات إعلامية كما القوى السياسية وخصوصا الكبرى وليس لديهم الانتشار المتوفر للقوى ولا الأموال".
وشدد على أن الفوز بمقاعد التشريعي يحتاج لتعب كبير وجهود مضنية لإقناع الناس بانتخاب قوائم المستقلين؛ لأن الناخب يدرك أن الفائز أيًّا كانت مرجعيته لن يحقق من وعوده شيئا عند وصوله كرسي التشريعي.
3 تحديات
ويتفق الكاتب والمحلل السياسي حسام الدجني، مع العيلة، ويرى أن الحالة الفلسطينية هي حالة تجاذب فصائلي، وعليه تضعف مكانة المستقلين.
وأوضح أن المستقلين سيكون أمامهم 3 تحديات: أولها القدرة على تشكيل قائمة تمثلهم، ثم الموارد المالية اللازمة للعملية الانتخابية، وأخيرا قدرتهم على التأثير واستقطاب مجتمع حزبي ومؤطر في أغلبه.
وأشار إلى أن الانتخابات الفلسطينية سيكون لها أثر إيجابي كبير على شكل النظام السياسي أمام المجتمع الدولي، وستمنح المؤسسات السياسية المنتخبة مكانة لمواجهة التحديات التي تعصف بالقضية الفلسطينية، وستعيد الاعتبار للمشروع الوطني، وستمنح الأطراف الدولية التي تناصر قضيتنا قوة للدفاع عنها، وجلب الدعم السياسي والمالي والقانوني لها.