بمشاركة دولية.. تحرك عربي حثيث نحو سوق مشتركة للطاقة
المؤتمر ناقش عددا من الموضوعات من بينها الأهمية الاستراتيجية لتبادل الطاقة الإقليمية وتأثيرها على اقتصاديات الدول العربية.
بمشاركة دولية استضافت العاصمة المصرية القاهرة، اليوم الأربعاء، أعمال المؤتمر الأول لتفعيل التبادل التجاري للطاقة في الوطن العربي، والذي ينعقد على مدار يومين.
ناقش المؤتمر الذي نظمه الصندوق العربي للإنماء الاقتصادي والاجتماعي، والبنك الدولي، وجامعة الدول العربية، عددا من الموضوعات من بينها الأهمية الاستراتيجية لتبادل الطاقة الإقليمية وتأثيرها على اقتصاديات الدول العربية، فضلا عن الفرص والتحديات التي تواجه التبادل التجاري للطاقة وتبادل الكهرباء والغاز في المنطقة العربية.
كما تم استعراض بعض الخبرات الدولية لتنمية أسواق الكهرباء عبر الحدود، والأسس الرئيسية للمؤسسات والتشريعات الخاصة بالتبادل الإقليمي للكهرباء، وفرص الاستثمار في البنية التحتية الإقليمية لتحقيق النفع من أسواق تبادل الكهرباء.
وشارك في المؤتمر وزراء وممثلو وزارات وكبار المسؤولين الحكوميين في مجال الطاقة في الدول العربية، بالإضافة إلى خبراء تبادل الطاقة، وخبراء وممثلين عن الصندوق العربي، والبنك الدولي، وجامعة الدول العربية، وهيئة الربط الكهربائي لدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، وممثلين عن منظمات دولية تعمل في مجال الطاقة.
في السياق، قال الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط إن مشروع الربط الكهربائي العربي يحظى باهتمام بالغ من أعلى المستويات، باعتباره أحد أهم المشروعات التكاملية العربية، ويمّهد لإقامة سوق مشتركة للكهرباء بين الدول العربية تتم من خلالها عمليات تبادل تجارة الكهرباء بشكل يحقق الكثير من المزايا الاقتصادية والاجتماعية لكافة الدول المشاركة في السوق.
وتابع أبو الغيط، في كلمته التي ألقاها نيابة عنه السفير الدكتور كمال حسن علي الأمين العام المساعد رئيس قطاع الشؤون الاقتصادية بالجامعة العربية، أن الاهتمام بمشروعات الربط الكهربائي العربي بدأ على مستوى القمة العربية مع بداية عام 2001.
وقال إن نتائج دراسات الجدوى الاقتصادية والفنية لمشروع الربط الكهربائي العربي -موَّلها الصندوق العربي- خرجت بنتائج إيجابية من ناحية الارتفاع المتوقع في كمية الطاقة المتبادلة بين الدول العربية، أو الوفر المقدر في تكاليف التوليد في الدول العربية حتى عام 2030، حيث قدرت القيمة الحالية بأسعار عام 2014 للوفورات بحوالي 35 مليار دولار أمريكي.
وأضاف أن البيانات الخاصة بتبادل الطاقة في الدول العربية تشير إلى ارتفاع الطلب على الطاقة الكهربائية عربياً بنسبة 6.2 % في المتوسط في الفترة ما بين 2000- 2010، في حين ارتفع الطلب على الطاقة الكهربائية بنسبة 19.4% في الفترة ما بين 2010- 2014، ومن المتوقع أن يستمر النمو في استهلاك الطاقة الكهربائية على هذا النحو المرتفع حتى عام 2030.
وقال أبو الغيط: "لقد قطعنا شوطا كبيراً في طريق الوصول إلى السوق العربية المشتركة للكهرباء"، مشيرا في هذا الإطار إلى توقيع مذكرة التفاهم لإنشاء سوق عربية مشتركة للكهرباء من جانب وزراء الكهرباء والسفراء المعتمدين لست عشرة دولة عربية لتدخل بذلك حيز النفاذ.
وأضاف أبو الغيط: "نحن الآن في طور الانتهاء من الاتفاقيتين الأهم في قطاع الكهرباء على المستوى العربي وهما الاتفاقية العامة واتفاقية السوق"، موجها الشكر لفريق البنك الدولي الذي عمل يداً بيد مع المجلس الوزاري العربي للكهرباء وأمانته على إنجاز هذا العمل الكبير.
من جانبه، أكد الدكتور محمد شاكر، وزير الكهرباء والطاقة المتجددة المصري، على التزام بلاده بمواصلة التعاون مع الدول العربية والأفريقية وتبادل الخبرات في جميع مجالات الكهرباء والطاقات المتجددة، مشددا على أن القاهرة تعمل بقوة في اتجاه تعزيز مشروعات الربط الكهربائي بهدف تعزيز أمن الطاقة وزيادة استخدام الطاقة المتجددة على المدى المتوسط والطويل.
ولفت شاكر، في كلمته، إلى أن مصر ترتبط كهربائياً مع دول الجوار شرقاً (مع الأردن) وغرباً (مع ليبيا)، وتعمل حاليا على دراسة رفع قدرات الربط الكهربائي مع دول المشرق والمغرب العربي، بالإضافة إلى مشروع الربط الجاري تنفيذه مع المملكة العربية السعودية ومن خلاله سيتم ربط مصر بدول الخليج وآسيا.
وأشار إلى أنه تم الانتهاء من إعداد دراسة الجدوى المبدئية للربط الكهربائي بين مصر وقبرص واليونان؛ حيث ستكون مصر جسراً للطاقة بين أفريقيا وأوروبا.
كما أشار إلى أهمية مشاريع الربط في تدعيم الأمن بين الدول والاستقرار السياسي بسبب خلق أجواء التعاون والحوار ووجود مصالح اقتصادية مشتركة وخلق فرص عمل جديدة أثناء فترة الإنشاءات والتشغيل.
وأكد شاكر أن الربط الكهربائي بين قارة أفريقيا وأوروبا سيعمل على استيعاب الطاقات الكهربائية الضخمة التي سيتم إنتاجها من مصادر الطاقات المتجددة في أفريقيا، مشيرا إلى حرص بلاده على دعم جهود الدول الأفريقية للنفاذ للطاقة النظيفة من المصادر المتجددة، لاسيما في إطار تولي مصر رئاسة الاتحاد الأفريقي، خاصةً في ظل ما تتمتع به الكثير من الدول الأفريقية من العديد من مصادر الطاقة المتجددة غير المستغلة.
وأشار إلى أن نسبة وصول الكهرباء تصل إلى 99,7% من سكان جمهورية مصر العربية، لافتا إلى أن الحكومة تستكمل ذلك الجهد في إطار تنويع مصادر إنتاج الطاقة الكهربائية والاستفادة من ثروات مصر الطبيعية وبخاصة مصادر الطاقة الجديدة والمتجددة.
وأكد وزير الكهرباء المصري على أن مشروع المحطة النووية بالضبعة سيؤدى دوراً جوهرياً في تنويع مزيج الطاقة في مصر وتعزيز مكانتها الإقليمية والدولية، مشيرا إلى أنه تم إنجاز خطوات مهمة في مجال إنشاء المحطة، والتي تتكون من أربع وحدات نووية بقدرة إجمالية 4800 ميجاوات بالتعاون مع الجانب الروسي، متوقعا دخول الوحدة الأولى من المشروع بقدرة 1200 ميجاوات بنهاية عام 2026.
من جانبها، قالت وزيرة الطاقة والثروة المعدنية الأردن هالة الزواتي إن السوق العربية المشتركة مهمة جدا؛ خاصة وأن هناك عددا من الدول لديها فائض وأخرى تعاني العجز.
وضربت الوزيرة مثالا، أثناء كلمتها، فقالت إن دولة الأردن تحتاج كهرباء بالشتاء، في حين تحتاج كل من السعودية والعراق الكهرباء بالنهار بالصيف، والأردن تولد كهرباء متجددة بالصيف بالنهار، داعية للتكامل بين الدول العربية.
ولفتت الزواتي إلى أن السوق العربية ستساعد على مواجهة تذبذب استمرارية النظام الكهربائي الذي تعاني منه بعض الدول العربية، معتبرة أن الدول التي تعتقد أنها فقط دول مصدرة قد تكون في حاجة للاستيراد من الدول المجاورة حولها إن لم يكن للحاجة فللتخزين.