بالصور.. موكب تشكيلي يصاحب "محمل" الحج من القاهرة إلى مكة
هنا أندرسون، فنانة بريطانية، وجدت شغفا كبيرا في رحلة الحج عبر التاريخ فتجسدها في معرض جديد بالقاهرة بعنوان "المحمل.. نظرة ثانية".
"نحو عام 913 (1508م) افتتح السلطان برنامجا جديدا للاحتفالات لتحل محل مسيرات رجب، وذلك من خلال عرض الستائر الخارجية للكعبة والمقام الإبراهيمي في النصف الأول من شهر شوال. ذهب السلطان بنفسه إلى الساحة الواقعة أسفل القلعة للاستمتاع بمشاهدة المنسوجات الثمينة المصاحبة للمحمل، ورتب لمسيرة في القاهرة.. هذا التقليد الذي استمر في القرن التاسع عشر، ونلاحظ أن المحمل كان يمر أمام مسجد السلطان حسن ولم يكن مسجد الرفاعي قد بُني في ذلك الوقت".
هذا المقطع الحيً تستطيع أن تشاهده محكيّا على لوحة زيتية، وليس فقط مُدونا في كتب التاريخ، وذلك عبر مشروع فني تتبعته الفنانة البريطانية هنا ستيفنسن بشغفها الموصول بحكايات وتراث الشرق.
هذا التاريخ البعيد استغرق ستيفنسن، وذهب بها لتتبع رحلة "المحمل" القديمة من القاهرة إلى مكة المكرمة عبر 30 لوحة بمعرض جديد بعنوان "المحمل.. نظرة ثانية" وذلك بجاليري "أوبونتو" في القاهرة.
نظرة أولى
اقتفت الفنانة البريطانية بـ"نظرة ثانية" أولى محاولات توثيق رحلة الحج قديما عبر الصور، وجمعت أعمال أوائل المصورين الذين وثقوا تلك الرحلة المقدسة، منهم 3 من المصريين هم محمد صادق بك (١٨٣٢-١٩٠٢)، وهو أول مصور للمواقع المقدسة ومؤلف كتاب "مشعل المحمل"، وإبراهيم رفعت باشا (١٨٥٧) مؤلف "مرآة الحرمين"، وأخيرا محمد علي أفندي سعودي (١٨٦٥-١٩٥٥) الذي عشق رحلة المحمل وخلده بكاميراته في ١٩٠٤ و١٩٠٨ الحرفيين والصناع الذين اتصلوا بهذا التراث، كما كُلف سعودي أفندي من قِبل صديقه شيخ الأزهر آنذاك محمد عبده، (١٨٤٩-١٩٠٥) بحصر آثار الحجاز.. هؤلاء جميعا هم أصحاب "النظرة الأولى" واللقطات الأولى لهذه الرحلة عبر التاريخ، وتتبعتهم أندرسون في معرضها التشكيلي الجديد.
مشروع للعمر
تقول هنا ستيفنسن، في تدوينها عن المعرض: "لم أكن أعتقد أبدا أن تلك المحادثات، والأمسيات الممتعة التي قضيتها في البحث والنظر إلى تلك الصور الصغيرة القديمة ذات اللون الأبيض والأسود منذ سنوات مضت قد تصل بنا إلى هذا الحدث الرائع، لكن ما يؤرقني حاليا هو رغبتي في رسم المزيد والمزيد من اللوحات عن المحمل دون توقف، حتى إنه قد يصير مشروعا يستمر مدى الحياة.. لا نهاية له".
نستعرض فيما يلي مقاطع من تلك الرحلة عبر أعمال أندرسون في معرضها الجديد:
"حرفيين دار الكسوة (1920-1930) وتتراوح أعمارهم بين 35 و60 سنة، يرتدون طربوش ما قبل الثورة، الحاج كامل أمين ندى ووالده الذي كان مسؤولا عن تدريب الحرفيين السعوديين الشباب بعد حجه عام 1974، والذي أشرف على كسوة الكعبة عامي 1975 و 1976 وكان قد تم تصنيعها بالكامل في المملكة العربية السعودية، وكذلك الحاج محمد سليمان خلف، الذي حضر المعرض الدولي للفنون التقنية في باريس في عام 1925 (حيث فازت مصر بالجائزة)، والذي كان واحدا من آخر المتقاعدين الذين زاروا دار الكسوة قبل إغلاقها في حي الجمالية".
- خلال مشاهدة العرض العسكري للمحمل.
-السكان المحليون والأجانب في صحبة موكب المحمل أثناء رحيله.
- في الطريق إلى القطار الذي سيحمل المحمل وعربة خاصة صممت لهذه المناسبة.
- رافق "محمد لبيب البتنوني" صاحب "الرحلة الحجازية": الجناب العالي الخديوي عباس باشا حلمي الثاني، في رحلته "لأداء فريضة الحج وزيارة الروضة الطاهرة النبوية على صاحبها الصلاة والسلام".
يصف المؤرخ محمد لبيب البتنوني رحلة الحج للخديوي عباس حلمي الثاني في الكتاب الذي يحتوي على الوصف والمعلومات التاريخية والتعليقات والمشاهدات في زمن الحج سنة 1327هـ المكتوبة بأسلوب جزل جميل يجعله مميزا عن الكتب الأخرى التي تناولت الموضوع نفسه. وقد استعان المؤلف ببعض الخرائط التي قام بإعدادها اللواء محمد صادق باشا، كذلك بعض الصور الفوتوغرافية التي التقطها اللواء إبراهيم رفعت باشا وهما من الرواد الأوائل في تصوير الحرمين في النصف الثانى من القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين.
-الشريف ووالي مكة مع أمير الحج في العربة الرسمية في الأراضي الحجازية.
- الحجيج يجتمعون في مسجد نَمِرة في السهل الواقع أسفل جبل عرفات بين الظهر والعصر، يستظلون بمظلة لحماية أنفسهم من لهيب الشمس، و كان النبي صلى الله عليه وسلم قد صلى هاتين الصلاتين هنا في حجته الأخيرة "حجة الوداع".
معرض هنا أندرسون يستمر في جاليري "أوبونتو" بحي الزمالك القاهري حتى 18 نوفمبر/تشرين الثاني الجاري.