دار الأوبرا المصرية.. منارة الفن والثقافة عبر 150 عاما
دار الأوبرا الجديدة تم تشييدها كمنحة من الحكومة اليابانية قدرت بـ6 مليارات و485 ألف ين ياباني بما يعادل 33 مليون دولار.
تاريخ طويل وعريق تتمتع به دار الأوبرا المصرية وسابقتها "الأوبرا الخديوية"، يعود لأكثر من 150 عاما عاصرت خلالها الحقبة الخديوية والملكية والجمهورية، وكتبت تاريخها الفني المزدهر والريادي على المستويين الأفريقي والعربي.
بدأت حكاية بناء دار الأوبرا القديمة "الخديوية " في عهد الخديوي إسماعيل بمناسبة افتتاح قناة السويس عام 1869 التي دعا فيها ملوك وملكات وأمراء أوروبا، وبالفعل تم بناء الأوبرا القديمة في ستة أشهر فقط، وتم افتتاحها يوم 1 نوفمبر/تشرين الثاني 1869، وكانت تقع في منطقة الأزبكية (ميدان الأوبرا حاليا)، وقد وضع تصميمها المعماري اثنان من أكبر فناني أوروبا آنذاك هما "بيترو أفوسكاني"، و"روتسيي" لتستوعب 850 مقعدا، وفي يوم الافتتاح قدم معزوفة ريغوليتو للموسيقار الإيطالي "جوزيبي فيردي"، أمام الخديوي إسماعيل والإمبراطورة "أوجيني" زوجة نابليون الثالث، وملك النمسا، وولى عهد بروسيا.
وفي عام 1870 قدم الموسيقار الإيطالي" فيردي" على مسرح الأوبرا القديمة "أوبرا عايدة" التي ألفها "ميريت باشا" عالم المصريات الفرنسي، وكتب نصها الغنائي الإيطالي "أليبرتو نزوني"، وقد قام بتصميم ديكورها في باريس.
تولى رئاسة الأوبرا الخديوية العديد من الشخصيات الفنية الأجنبية أمثال اليوناني "بافلوس"، ثم الموسيقار "بسكوالي"، ثم "جنارو فورنارنو"، أما أول مصري يتولى رئاستها فكان منصور غانم، ثم الفنان "سليمان نجيب" من الفترة 1938- 1954، وتوالى على رئاستها شخصيات فنية مصرية مثل الشاعر "عبدالرحمن صدقى"، والمهندس "محمود النحاس"، وآخرين.
في 28 أكتوبر 1971 تعرضت الأوبرا القديمة لحريق هائل دمرت فيه الأوبرا بكاملها بما فيها من ملابس وديكورات وتحف نادرة، وفقدت مصر أول أوبرا في أفريقيا والشرق الأوسط كانت منارة الفن طوال أكثر من مائة عام، وظلت مصر بلا أوبرا طوال 17 عاما حتى 1988 تاريخ إنشاء الأوبرا الجديدة.
الأوبرا المصرية الجديدة
افتتحت الأوبرا الجديدة في يوم 10 أكتوبر/تشرين الأول 1988، وتم اختيار موقع جديد لها في أرض الجزيرة بالقاهرة، وتم تشييدها كمنحة من الحكومة اليابانية قدرت بـ6 مليارات و485 ألف ين ياباني أي نحو 33 مليون دولار، وقد بنيت على الطراز الإسلامي الحديث على مساحة 22772 متر مربع، بارتفاع 42 متر، واستغرق العمل نحو ثلاث سنوات.تضم الأوبرا الجديدة ثلاثة مسارح هي: "المسرح الكبير" ويحتوي على 1200 مقعد، و"المسرح المكشوف" ويسع 600 مقعد، و"المسرح الصغير" ويضم 500 مقعد، وتحتوي الأوبرا الجديدة على العديد من المراكز الثقافية التي أثرت النشاط الفني والثقافي في مصر والعالم العربي والأفريقي طوال 30 عاما مضت؛ منها: "قصر الفنون" الذي يضم الأعمال التشكيلية، ومركز "الهناجر للفنون" ويحتوي على قاعة عرض ومسرح صغير للعروض المسرحية، وبالأوبرا مكتبة موسيقية وملحق بها قاعة للعرض الفني، ومركز "الإبداع الفني" التابع لوزارة الثقافة المصرية، ومتحف الفن المصري الحديث، ونقابة الفنانين التشكيليين.
وهناك العديد من الفرق الفنية التابعة للأوبرا الجديدة؛ منها: فرقة باليه أوبرا القاهرة، وأوركسترا القاهرة السيمفوني، كورال أوبرا القاهرة، وفرقة أوبرا القاهرة، وأوركسترا أوبرا القاهرة، وكورال أكابيللا، وفرقة الرقص المسرحي الحديث المصرية، وفرقة عبدالحليم نويرة للموسيقى العربية، والفرقة القومية للموسيقى العربية، فرقة أوبرا الإسكندرية للموسيقى العربية، وفرقة الموسيقى العربية للتراث، وفرقة الإنشاد الديني. وللأوبرا المصرية الجديدة فروع إقليمية تابعة لها منها: دار أوبرا الإسكندرية، دار أوبرا دمنهور، دار أوبرا المنصورة، دار أوبرا الأقصر.
ولعبت دار الأوبرا الجديدة منذ تشييدها عام 1988 وطوال 30 عاما دورا مهما كمنارة ثقافية وفنية أسهمت في إثراء الحركة الفنية في مصر والعالم العربي، وقد قدمت الأوبرا عروضا فنية وثقافية في جميع البلدان العربية، وكان آخرها "ليالي الأوبرا المصرية" بالرياض، والذي قدمته فرقة الموسيقى العربية المكونة من 45 عازفا ومطربا بمركز الملك فهد الثقافي، وهي المرة الأولى التي تشارك فيها دار الأوبرا المصرية في حفلات بالمملكة العربية السعودية.
واستقبلت الأوبرا زعماء وشخصيات دولية كان آخرهم الأمير محمد بن سلمان ولي عهد السعودية الذي حضر عرضا مسرحيا بحضور الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي.