هل تستطيع أوروبا الدفاع عن نفسها؟.. هذا ما تحتاجه
مع تزايد الدعوات في واشنطن لتولي أوروبا المسؤولية عن دفاعها وأمنها، ترتعد فرائص بروكسل خوفا من احتمالات حدوث ذلك.
وترى مجلة «ناشيونال إنترست» الأمريكية أن التحول الدائم في كيفية نظر كل من جانبي حلف شمال الأطلسي "الناتو" إلى موقف الآخر من شأنه أن يوفر الدافع الذي يحتاجه الاتحاد الأوروبي ليصبح حليفا أقل اعتمادا وأكثر قدرة ومساواة للولايات المتحدة.
وتثير احتمالات فوز ترامب بولاية رئاسية ثانية قلق قادة الاتحاد الأوروبي بشأن أمن الكتلة الأمنية مرة أخرى. ومن الواضح أن المناقشات التي جرت خلال في الفترة من 2016-2021 حول الاعتماد الكامل على حلف شمال الأطلسي والولايات المتحدة للدفاع عن الاتحاد الأوروبي لم تصل إلى نتيجة مرضية.
لماذا تتقاعس أوروبا؟
أرجعت المجلة غياب رغبة القارة الأوروبية في الاهتمام بالقدرات الدفاعية إلى أن التقدم الأمني الأوروبي ظل ردة فعل للتهديدات التي تواجه سلامة الاتحاد الأوروبي.
وثانياً، والأهم من ذلك، الافتقار إلى القدرة على التعرف على المناطق التي تحتاج إلى تحسينها ومعالجتها، وأن غياب الموارد لم يكن هو السبب الذي منع القارة العجوز من تطوير وسائل مهمة للحماية الذاتية. بل إن أيديولوجية الاعتماد على الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي للحصول على ضمانات أمنية راسخة في أذهان زعماء الاتحاد الأوروبي هي التي منعت بروكسل من تطوير وسائل مهمة للحماية الذاتية.
تحول في العقلية
وبحسب المجلة، لا يحتاج الاتحاد الأوروبي إلى جرس إنذار آخر للبدء في التحرك الدفاع عن نفسه. بل إنه يحتاج إلى تحول دائم في العقلية لا يمكن فرضه على الإطلاق من قِبَل رئاسة أمريكية واحدة.
وفي هذا السياق، لا يقف الاتحاد الأوروبي وحيداً. بل يتعين على واشنطن أيضاً أن تعيد تقييم تصورها لموقف أوروبا ودورها في اعتماد أوروبا.
فبعد انهيار الاتحاد السوفياتي في عام 1991، والذي تزامن تقريباً مع توقيع المعاهدة التأسيسية للاتحاد الأوروبي، والتي حددت أيضاً أهدافاً للسياسة الخارجية والأمنية المشتركة، كان بوسع واشنطن أن تسحب مشاركتها النشطة في الأمن الأوروبي.
لكن حتى عام 2016، أعادت كل إدارة التأكيد على التزامها بتوفير الحماية للاتحاد الأوروبي، وفي بعض الأحيان إلى حد تثبيط الاستثمار الهادف في القدرات التي كان من الممكن أن تضمن أمن الاتحاد الأوروبي بشكل أكثر استقلالية عن الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي.
وبعد سنوات من الوعود الشاملة بحماية أوروبا والتي تصاعدت في بعض الأحيان إلى تثبيط العزيمة عن بناء القدرات الأمنية، يبدو من غير المستغرب أن يواجه الزعماء الأوروبيون صعوبة في زيادة قدرة الاتحاد على حماية نفسه والاعتماد بشكل أقل على الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي.
والتحول الحقيقي في العقلية في واشنطن بعيداً عن الرغبة في إبقاء أوروبا تابعة ونحو الدعم الحقيقي لأوروبا ذات القدرات الأمنية المتزايدة، وبالتالي السماح للاتحاد الأوروبي بأن يصبح حليفاً أكثر قدرة ومساواة، قد يكون ما يحتاج إليه الاتحاد الأوروبي لتذكر أنه كان قادراً على بدء عملية الاعتماد بشكل أكبر على نفسه للدفاع والأمن.
هدية لواشنطن
وقد يكون هذا بمثابة هدية لواشنطن أيضاً. فيرى 60% من الناخبين الأمريكيين أن الاتحاد الأوروبي يعتمد بشكل مفرط على الدعم العسكري الأمريكي، ويعتقد 70% من البالغين أن الولايات المتحدة تنفق الكثير من المال على مساعدة الدول الأخرى.
والولايات المتحدة متورطة بالفعل في صراعات متعددة، كما أن النمو العسكري للصين وأنشطتها يتطلبان تحويل الانتباه إلى آسيا ومنطقة المحيطين الهندي والهادئ.
وخلصت الصحيفة إلى أن أوروبا الأقل اعتماداً على أمريكا والتي سيسهم فيها التحول في العقلية الأمريكية قد لا تستجيب لمخاوف الناخبين فحسب، بل تسمح أيضاً لواشنطن بأن تكون أكثر انتقائية في مشاركتها العسكرية، وبالتالي أكثر فاعلية في المساعدات التي تقدمها.
ومن الممكن تقاسم عبء أوكرانيا بطريقة ذات مغزى. وستكون لقدرة الاتحاد الأوروبي على توفير الأمن لنفسه مزايا لكلا جانبي الأطلسي.