المرشح لجائزة السلام الدولية للأطفال يتحدث لـ"العين الإخبارية": "قضيتي أطفال سوريا"
بوجه طفولي بريء، يقف محمد الأسمر أمام الكاميرات موثقا معاناة أطفال سوريا، ليترشح ذو الـ13 عاما للفوز بجائزة السلام الدولية للأطفال.
منذ 6 أيام، تلقى السوري عزيز الأسمر، والد محمد، مكالمة تفيد بترشح ابنه إلى تلك الجائزة، وسط منافسة 169 طفلا آخرين على مستوى العالم، ليكون محمد، العربي الوحيد في تلك القائمة. وهو أمر أسعد الأسرة جميعها، لا سيما أنها خطوة قد تمكن الصغير من تحقيق حلمه البسيط، وهو رفع المعاناة عن أطفال سوريا ودعمهم.
و الفيديوهات التي ينشرها محمد لها قصة طويلة، تبدأ منذ طفولته، فقد كان نابغا في الرياضيات، وبإمكانه حل أية مسألة حسابية معقدة دون اللجوء لآلة حاسبة، وكان ماهرا في لعبة الشطرنج، يلاعب الكبار ويهزمهم سريعا، ما جذب إليه أضواء الكاميرا، وظهر في عدة تقارير فضائية رغم صغر سنه.
ومع الأيام، كانت معاناة الطفل تكبر يوما بعد يوم، فقد كان في الثانية من عمره حين اتخذت الأحداث في سوريا طريقها إلى الاشتعال. ولم يكن بإمكان الصغير الذي ولد في مدينة بنش في إدلب، أن يصم أذنيه أو يغمض عينيه عما يجري حوله، أو لا يتفاعل معه. فقرر اللجوء للكاميرا، موثقا أزمات الصغار في سوريا لعلها تجد طريقها للحل.
يقول محمد لـ"العين الإخبارية" إنه يتمنى أن يكون هناك دعم كبير للأطفال الموهوبين في سوريا، وأن تتوقف الحرب الطاحنة هناك، لينعم الجميع بالسلام: "كان لدي جار، اختفى فجأة، وحين سألت عنه أدركت أن ساقه بترت نتيجة قصف، في تلك اللحظة قررت أن أتحدث عنه في فيديو يصل إلى العالم" قالها محمد، موضحا أنه بدأ دراسة اللغة الإنجليزية في إحدى المراكز التعليمية المحلية، التي يشرف عليها عمه.
تعلم محمد اللغة الإنجليزية ليكون قادرا على نشر مقاطع الفيديو التي يصورها باللغة التي يتحدث بها أكبر عدد من سكان العالم، فهو لا يخاطب المواطن السوري أو العربي فحسب. وتكون أكثر لحظات الطالب في الصف التاسع سعادة، حين يتلقى أحد الأطفال مساعدة من أحد: "كنت في قمة سعادتي حين اشترى أحدهم طرفا صناعيا لأحد الأطفال، لكنني سأكون أكثر سعادة لو توقف كل ما يحدث، وعادت سوريا آمنة للجميع".
رغبة محمد في مساعدة من حوله بما استطاع كان دافعا لاستكمال ما بدأ، راح يصور مقاطع فيديو أكثر من ذي قبل، وتصل كلماته إلى الكثيرين حول العالم، ومبتغاه الأهم بين ذلك كله أن يمارس الأطفال طفولتهم دون مشكلات: "حين ترى الأطفال وهم عاجزين أو مرعوبين، فذلك أمر في غاية الصعوبة، أتمنى أن تعود الابتسامة على وجه الجميع مرة أخرى".
مقاطع فيديو عن الذين بترت أطرافهم، وعن القتلى من الأطفال، وعن جائحة كورونا في ظل تلك الحرب المستعرة، وأخرى عن اللاجئين، والأوضاع المعيشية الصعبة، أمور يقوم محمد بالحديث عنها أمام الكاميرا، ثم ينشر ما صور عبر صفحة والده على فيسبوك، قبل أن ينشئ صفحة خاصة به، لنشر ما يصور عبرها: "أعرف بعض الإعلاميين هنا، صوروا معي كثيرا حين كنت صغيرا، ولذلك فهم يساعدونني على تصوير تلك المقاطع في بعض الأحيان".
يشرح محمد لـ"العين الإخبارية" كيف يرتب لعملية التصوير، قائلا: "في البداية أبحث عن موضوع معين، هناك مشكلات عديدة هنا، ثم أكتب نصا أتدرب عليه وأرى إذا كانت به أخطاء وأعرضها على خبير في اللغة الإنجليزية، ثم أقف أمام الكاميرا". ولاقت فيديوهات محمد إعجاب الآلاف، وتعاطف مع ما ينشره الكثيرون، إلى الحد الذي بلغ معه ترشيحه لتلك الجائزة، التي بدأت منذ عام 2005.
كما يعمل والد محمد في مجال الخط، يرسم على الحوائط والجدران، ويساعده ابنه أحيانا في ذلك الأمر، ويدون عبارات تحض على السلام والعدل، ويرى الأب في ابنه شجاعة وذكاء كبيرين، ويقول: "أتمنى أن يحقق محمد أمنياته كلها، سواء فاز بالجائزة أو غير ذلك، فهو محب للجميع وأمثاله يستحقون كل خير".