في ظل التقلبات المناخية التي نشهدها والارتفاع غير المسبوق في درجات الحرارة، تناشد المنظمات المعنية بالبيئة والمُناخ الحكومات وكذلك الأفراد للانتباه لناقوس خطر يهدد الوجود البشري.
تزايدت الدعوات الرامية لتغيير نمط حياة الأفراد باعتبار أن معالجة أزمة تغير المناخ أصبحت حتمية بالأفعال، حيث باتت الأقوال لا تُجدي نفعًا، وذلك مع تحذير العلماء بـ"تهديد وجودي" إذا ما تجاوز معدل زيادة درجة الحرارة أكثر من درجة ونص بين عامي 2030 و2052.
تضرُّر كل فرد على الأرض من التقلبات المُناخية أصبح جليًّا، حيث اجتاحت الفيضانات بُلدانا في أقصى الشرق كالفلبين، وسجلت البرازيل عددا قياسيا من الحرائق بالقارة الأمريكية الجنوبية، وبين هذه وتلك شهدت بلدان آسيوية وأوروبية وأفريقية خرابًا ودمارًا وسقوط ضحايا جراء تلك التقلبات المناخية.
مع اقتناعي برفض خبراء المناخ تحميل الأفراد مسؤولية خفض "البصمة الكربونية" باعتبارها وسيلة لصرف الانتباه عن الحلول الحقيقية، أرى أن مبدأ "إذا أردت تغيير العالم، فابدأ أولا بترتيب سريرك كل صباح" قد يكون فعالا، وإنْ كان بنسب محدودة.
فإن لم تكن من ساكني الكهوف فلك بصمتُك الكربونية الخاصة على الأرض، والتي يعرّفها العلماء بأنها إجمالي "غازات الدفيئة" المنبعثة في الغلاف الجوي والناجمة عن أنشطة الأفراد أو المنظمات والدول، والمتسببة في ظاهرة الاحتباس الحراري.
اعتقادك أن الكربون الوحيد، الذي ينطلق في الهواء بناء على نشاطاتك البشرية، آتٍ فقط من محرك السيارة التي تقودها، خاطئ، فالتفاحة التي تتناولها لديها بصمة كربونية، فربما قطعت مئات أو آلاف المسافات الملوثة قبل أن تصل إلى أقرب متجر لك.
كل ما هو متصل بالفرد من ممتلكات يؤثر في البصمة الكربونية له، وكلما زادت كمية الوقود المستخدمة في نشاطاتك البشرية أو ما يتعلق بها تصبح بصمتك الكربونية أكبر.. فتخيل ما مقدار بصمتك الكربونية؟!
يبلغ متوسط البصمة الكربونية لأي شخص في الولايات المتحدة 16 طنًّا، وهو واحد من أعلى المعدلات في العالم.. وعلى الصعيد العالمي، يقترب متوسط البصمة الكربونية من 4 أطنان، بحسب منظمة الحفاظ على الطبيعة الأمريكية.
ولتجنب ارتفاع درجة الحرارة العالمية درجة ونصف درجة مئوية، يجب أن ينخفض متوسط البصمة الكربونية العالمية سنويًا إلى أقل من 2 طن بحلول عام 2050، وفقا للمنظمة.
تتجه العديد من الحكومات إلى الوصول للحياد الكربوني، وهو خفض انبعاثات الكربون إلى أقصى حد، كوسيلة لمعالجة أزمة المُناخ، ويتجه الأفراد المؤمنون بأهمية حل أزمة تغير المناخ إلى تغيير نمط حياتهم.
فالتقليل من استهلاك اللحوم -بجانب أنه مفيد للصحة وللظروف المعيشية الصعبة التي نعيشها بسبب تضرر اقتصادات أغلب دولنا جراء الجائحة والأحداث الجيوسياسية العالمية- يسهم في تقليل البصمة الكربونية، وكذلك تقليل السفر بالطيران أو تقليل استخدام السيارات.
من المستحيل تقريبًا عدم ترك بصمة كربونية خلفنا نحن البشر، ولكنه ليس سببًا للتوقف عن المحاولة.. فلن يتبقى من الإنسان على الأرض غير بصمته وأثره سواء كان إيجابيا أو سلبيًّا ملوثًا للحياة.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة