قصر البنات في تونس.. حكايات السلف تروى للخلف
![صورة قديمة لقصر باب بنات](https://cdn.al-ain.com/lg/images/2022/1/27/133-015534-castle-tunisia-history-girls_700x400.jpg)
قصر باب البنات الذي يعود تاريخه إلى العهد الحفصي (1207- 1574) لا يزال اسمه حاضرا رغم شبه اندثاره.
وإلى اليوم اسم قصر باب بنات يتداول على كل لسان تونسي ينوي قضاء مصالحه اليومية، نظرا لأن نهج باب بنات يضم الوزارات السيادية؛ التربية والمالية والشؤون الدينية والعدل والشؤون الاجتماعية وقصر الحكومة وقصر العدالة لكن نسبة قليلة من التونسيين يعرفون قصة هذا الشارع الرمز في العاصمة تونس.
سمي بقصر البنات لأن السلطان أبو زكريا الحفصي (1223-1249) تبنى بنات عدوه يحي بن غانية الثلاث ورباهن في هذا القصر، الواقع بالقرب من رئاسة الحكومة التونسية.
ويحي ابن غانية هو أحد ولاة وقادة المرابطين في الأندلس،.وبنو غانية سلالة صنهاجية من بقايا أمراء المرابطين، قادوا ثورة (عرفت بثورة الملثمين) في إفريقية (تونس) هدفت إلى إحياء دولة المرابطين والقضاء على امبراطورية الموحدين التي تغلّبت على الأندلس.
وشيد أبو زكرياء الحفصي، الذي كان يوصف بشهامته وكرامة أخلاقه، بالقرب من القصر بابا أطلق عليه باب بنات، وكان دور هذا الباب هو فصل مدينة تونس العتيقة عن حي الأقارب المسيحيين للسلاطين الحفصيين.
وتعود قصة هذا القصر للعهد الحفصي حينما أسس أبو زكرياء الحفصي الدولة الحفصية، ووجد البلاد في حالة اضطراب تعيشه على وقع تفرقة ومؤامرات وفتن بين القبائل والعشائر، فقرر أن يقاتل كل أعدائه من أبناء دولته.
كان أكبر منازع لسلطانه وأول محارب له أحد الزعماء من أواخر الأمراء المرابطين يسمى يحي بن غانية، المعروف وقتها بـ"المايورقي"، نسبة لكونه لاستيلائه على الجزر الشرقية من الأندلس المعروفة "بمايورقة".
فلما تغلب الموحدون على الأندلس، أخذ يحشد الجيوش والأساطيل لمقاومة خلفاء عبد المؤمن بن علي (مؤسس الدولة الموحدية)، فكبرت مطامعه وتوجه نحو أفريقية "تونس"، فهاجم بعض مراسيها وطمع في العاصمة كمركز للحكم وحاصرها أياما قليلة، حتى جاء أبو زكريا فقرر مطاردته ومحاربته والقضاء عليه والايقاع به، ففر ناجيا بنفسه إلى الصحراء وبقي شريدا طريدا حتى هلك وتوفي سنة 1237.
وكان ليحي بن غانية سوى ثلاث بنات، فلما أحس بضياعه في الصحراء وضياع ماله، خاف على بناته ولم يجد أحدا يثق فيه من أقربائه أو رجاله وقرر أن يرسل بناته إلى عدوه أبي زكرياء لما يعرفه عنه من محاسن الأخلاق طالبا منه رعايتهن واعتبارهن مثل بناته.
الاميرات المايورقات
وقال أستاذ التاريخ التونسي، طارق المسعي، إن أبي زكرياء الحفصي، كان رجلا متواضعا وشهما، حيث استقبل البنات اللاتي استمعن لكلام والدهن واتجهن إلى الحاضرة (المدينة العتيقة ومركز الحكم) وأنزلهن منزل عز وأسكنهن في القصبة حيث يقطن، ثم بنى لهن قصر البنات ليعشن فيه أحرارا دون الشعور بأنهن عالة على أحد، ووضع لهن أموالا كثيرة وخدما وحشما وكن معروفات باسم الأميرات المايورقات.
وتابع في تصريحات لـ"العين الاخبارية": "السلطان الحفصي شيد بابا سمي بباب بنات يفتح على جهة باردو، وتحديدا رأس الطابية كي يستطعن التنقل بكل سهولة إلى الحقل الذي أهداهن إياه للتمتع بجمال الطبيعة".
وأضاف: "الثلاث بنات لم يتزوجن وأكملن حياتهن في ذلك القصر وقمن بصد كل الذين أرادوا التقرب منهن حيث كن يتميزن بالأنفة والكبرياء والتفاخر بأصلهن".
وأكد أن قصر البنات بقي مهجورا بعد وفاة كل الأخوات واستعمل في بعض الأحيان لإقامة حفلة خاصة أو للتوسع عندما تضطرهم الحاجة، وكان القصر مقابلا لقصر القصبة.
aXA6IDUyLjE1LjIzNi4yMjMg
جزيرة ام اند امز