الأزمة تتجه هذه المرة بعد صدور أحكام قضائية بسجن ١٢ قياديا من مدبري استفتاء الانفصال غير القانوني الذي تم في عام ٢٠١٧.
وها هي أزمة كتالونيا تتفجر مرة أخرى في المملكة الإسبانية التي تعيش وحدتها على صفيح ساخن في العقدين الأخيرين وسط مطالبات تتكرر كل سنتين أو ثلاث، أزمة الانفصال ليست وليدة اللحظة، ولا يمكن النظر لها من خلال زاوية الميول الرياضي التي نسمعها في جلسات المقاهي والمجالس، فمشجع برشلونة يدعم الانفصال ومشجع ريال مدريد مع بقاء الإقليم ضمن الأراضي الإسبانية..
تتجدد الأزمة هذه المرة بعد صدور أحكام قضائية بسجن ١٢ قيادياً من مدبري استفتاء الانفصال غير القانوني الذي تم في عام ٢٠١٧، والذي كان أحد مُحفزاته نتائج الاستفتاء الرمزي الذي تم في عام ٢٠١٤ ، وما تبعه من صعود أسماء لقادة الحراك الانفصالي، الأحكام الأخيرة الصادرة في حق ١٢ شخصاً تضمنت السجن من ٩ إلى ١٢ سنة، في الوقت الذي لا يزال فيه أهم قادة الانفصال كارلس بوشديمون هارباً في بلجيكا خوفاً من أحكام القضاء الإسباني.
لا يمكن الإجابة على أسئلة كهذه دون النظر إلى الظروف الاقتصادية والاختلافات الثقافية وتأثيرها على الواقع السياسي والاجتماعي في أسبانيا أولاً، وعلى مركب الاتحاد الأوروبي المضطرب من أزمة البريكست والأوضاع المتردية لبعض دوله كاليونان، فكرة الوحدة التي كانت حُلماً رومانسياً لشعوب القارة الأوروبية أصبحت اليوم على المحك.
جذور هذه الأزمة مرتبط بنزاع تاريخي زاده توتراً صعود الديكتاتور فرانكو إلى الحكم بعد الحرب الأهلية الإسبانية وقبضته الحديدية على السلطة من عام ١٩٣٩ حتى وفاته في عام ١٩٧٥. ويمكنك عزيزي القارئ الرجوع إلى أرشيف التاريخ لمعرفة أهم المحطات التاريخية التي حدثت لهذا الإقليم في القرن الماضي.
وعودة إلى الحاضر وما يحدث في إقليم كتالونيا تتوجه الأنظار إلى بيدرو سانشيز رئيس الحكومة الإسبانية الحالي ورئيس الحزب الاشتراكي (يسار)، والذي حتى اللحظة لم يقم بأي ردة فعل حازمة تجاه المتظاهرين كما فعل سلفه مانويل راخوي رئيس الحزب الشعبي (يمين) والذي فعّل المادة ١٥٥ من القانون إبان أزمة الاستفتاء في عام ٢٠١٧، ومن خلالها عطل الحكم الذاتي في كتالونيا وضمها لإدارة الحكومة المركزية.
في وقتٍ تشير فيه كثير من الأخبار إلى وصول جماعات فوضوية (أناركية) من دول أوروبا إلى مدينة برشلونة في الأيام الماضية لإشعال فتيل الأزمة وما يصحبه من عنف متوقع وما يتبعه من ردات فعل غامضة إلى الآن من قبل الحكومة الإسبانية، ولا يلوح في الأفق أي حل مباشر وفعّال يعفينا ويعفي إسبانيا والكتلونيين الانفصاليين وغير الانفصاليين من تكرار هذا المشهد الممل في شكله والحزين في مضمونه، وتتوارد الأسئلة الفلسفية في الشارع الإسباني عن قيم الديمقراطية وحكم القانون وحرية التعبير والأمن.
ولا يمكن الإجابة على أسئلة كهذه دون النظر إلى الظروف الاقتصادية والاختلافات الثقافية وتأثيرها على الواقع السياسي والاجتماعي في إسبانيا أولاً وعلى مركب الاتحاد الأوروبي المضطرب من أزمة البريكست والأوضاع المتردية لبعض دوله كاليونان، فكرة الوحدة التي كانت حُلماً رومانسياً لشعوب القارة الأوروبية أصبحت اليوم على المحك.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة