"الوضع كارثي".. هل تهزم المآسي السلاح في السودان؟
تجددت الاشتباكات بين الجيش وقوات الدعم السريع في العاصمة السودانية الخرطوم بحسب شهود عيان، لتقوض هدنة شابها خروقات.
ورغم تجدد الاشتباكات فإن الضغوط على طرفي الأزمة وعلى المجتمع الدولي أيضا تتزايد في ظل تردي الوضع الإنساني في البلد الفقير.
وكانت السلطات الصحية في البلد الأفريقي قد أعلنت خروج 16 مستشفى عن الخدمة محذرة من انهيار القطاع الصحي إذا ما استمرت الأوضاع على ما هي عليه.
ويدخل السودان اليوم الخامس لاشتباكات دامية بين الجيش بقيادة الفريق أول عبدالفتاح برهان وقوات الدع السريع بقيادة الفرق أول محمد حمدان دقلو "حميدتي"، تفجرت في العاصمة قبل أن تمتد إلى ولايات أخرى.
ولا تزال المعارك تدور في ذات المواقع التي كانت قد بدأت فيها ما يشير على الأرجح إلى عدم قدرة أي طرف على حسم المعارك لصالحه.
ووافق الجيش وقوات الدعم السريع بضغط أمريكي على هدنة لمدة 24 ساعة دخلت حيز التنفيذ مساء أمس لكن المعارك تجددت صباح اليوم في محيط القصر الرئاسي ومقر القيادة بالخرطوم.
وتتألف ولاية الخرطوم من العاصمة الخرطوم وبحري وأم درمان وهي مدن تقع على ضفاف متقابلة لرافدي النيل الأزرق والنيل الأبيض اللذين يلتقيان هناك لتشكيل نهر النيل.
وقال أحد الشهود لرويترز إن جثثا لمدنيين وعسكريين رُصت خارج مستشفى ما زال يعمل في بحري وعلى أسرة المستشفى، مع عدم قدرة الأطقم الطبية العاملة على إرسالها للدفن أو حفظها في مشرحة.
مشهد يترافق مع تحذير أطلقته اللجنة التمهيدية لنقابة أطباء السودان قائلة إن 34 مستشفى في العاصمة إما اضطروا للتوقف عن العمل أو سيضطرون لذلك قريبا بسبب انقطاع الكهرباء ونقص المياه أو لتضررهم جراء إطلاق النيران أو القصف بالمدفعية.
دعت اللجنة الدولية للصليب الأحمر ومنظمة الصحة العالمية طرفي الصراع إلى ضمان وصول المساعدات الإنسانية إلى المحتاجين.
وأكّد رئيس الاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر فريد أيوار أنّه "لدينا سيارات إسعاف وأفراد قادرون على تقديم الإسعافات الأولية والدعم النفسي والاجتماعي، لكن هذا لن يكون ممكناً إلا بضمان الممرّات الإنسانية".
بدوره، أكّد المدير العام لمنظمة الصحّة العالمية تيدروس أدهانوم غيبرييسوس أنّ "الإمدادات التي وزّعتها منظمة الصحة العالمية على المرافق الصحية قبل التصعيد الأخير للنزاع نفدت الآن".
أضاف "هناك تقارير مثيرة للقلق عن تعرّض بعض المرافق الصحية لأعمال نهب واستخدام مرافق أخرى لأغراض عسكرية. كما وردت تقارير عن أنّ بعض المستشفيات أغلق بالفعل أو على وشك الإغلاق بسبب الهجمات ونقص الكوادر البشرية والإمدادات الطبية".
ويقضي سكان الخرطوم الذين يعيشون حالة ذعر، آخر أيام رمضان وهم يشاهدون من نوافذهم دبّابات تجوب الشوارع بينما تهتزّ مبان ويتصاعد الدخان نتيجة الحرائق التي تسبّبت بها المعارك.
وقالت سجدة جعفر الطيب مصطفى المقيمة في مدينة بحري المجاورة للخرطوم "الفزع في كل مكان، أصوات المدفعية وإطلاق النار العشوائي الذي يحدث إصابات بين المدنيين".
وفي حي الديم بالخرطوم، أصيبت إحدى الأسر بالهلع بعد أن ضرب صاروخ المبنى السكني الذي تعيش فيه. ونشرت أسرة أخرى تعيش بالقرب من مطار الخرطوم صورا لمنزلها وهو يحترق نتيجة لتبادل لإطلاق النيران.
ويحتمي طبيب الأسنان معاذ سليمان (27 عاما)، وهو مريض بالسكري ويواجه خطر نفاد الأنسولين لديه، مع جدته التي تبلغ من العمر 75 عاما ووالدته وشقيقه واثنين آخرين من أقاربه بعدما ضرب القصف المنازل المجاورة في الخرطوم. وتفكر أسرته فيما إذا كانت ستلجأ إلى الاحتماء عند أقارب خارج العاصمة.
وقال سليمان "حتى البقاء في المنزل لم يعد آمنا بسبب الشظايا والطلقات الطائشة التي تضرب المنازل".
ويجد المضطرون لمغادرة منازلهم أنفسهم وسط طوابير طويلة للحصول على الخبز والوقود في متاجر ومحطات ما زالت تفتح أبوابها، في ظلّ انقطاع الكهرباء.
وفيما تحذّر محلات البقالة التي ما زالت مفتوحة من أنّ ما لديها من بضائع سينفد سريعا، بدأ رجال ونساء يحملون أكياسًا كبيرة بمغادرة العاصمة إلى حيث لا توجد معارك في مناطق متاخمة للعاصمة جنوبا.
وقال رئيس بعثة الأمم المتحدة في السودان فولكر بيرثيس إنّ 185 شخصا على الأقل قُتلوا في المعارك حتى الآن فيما أصيب 1800 بجروح.
aXA6IDE4LjExOC4xNjIuOCA= جزيرة ام اند امز