دمار ونقص أدوية وجرحى بالآلاف.. مشاهد كارثية من مستشفيات بيروت
المشهد من أمام مستشفى المقاصد في منطقة طريق الجديدة في بيروت بدا مرعبا، وكشف حجم الكارثة التي ضربت لبنان.
ما يقارب 100 قتيل و4000 جريح تم توزيعهم على مستشفيات بيروت والمناطق المحيطة بها.. تلك هي آخر إحصائية لضحايا انفجار مرفأ بيروت، وفق الصليب الأحمر اللبناني.
وشكل هذا العدد الكبير من الجرحى ارتباكا للمستشفيات، لأنه فاق قدرتها الاستيعابية، وفق مصادر طبية لبنانية.
يأتي ذلك في ظل انتشار وباء فيروس كورونا المستجد، وهو ما جعل المستشفيات أمام كارثة حقيقية لم تواجهها حتى في الحرب الأهلية التي استمرت من 1975 إلى 1990.
مئات الجرحى انتظروا في الطوارئ لساعات، ما دفع المستشفيات إلى إطلاق نداءات التبرع بالدم، في حين أعلن الصليب الأحمر عن استحداث مراكز فرز وإسعاف أوّلي للحالات الطفيفة والأقل خطورة.
كما أعلن أن 75 سيارة إسعاف مدعمة بـ 375 مسعفاً تعمل على مساعدة ونقل جرحى انفجار مرفأ بيروت.
وتم مسح منطقة مار مخايل والجميزة (في وسط بيروت) بالكامل، أما المسح الثاني الذي يتم الآن فهو لمنطقة المرفأ.
وأكد الصليب الأحمر أن "القاعدة البحرية للجيش نسقت معه لإسعاف 11 مصابا من قوات اليونيفيل كانوا على متن سفينة عبر طرادات بحرية".
المشهد من أمام مستشفى المقاصد في منطقة طريق الجديدة في بيروت بدا مرعبا، وكشف حجم الكارثة التي ضربت لبنان.
مئات الشبان تجمعوا عند مدخل الطوارئ لتفقد أقربائهم. دماء غطت المكان، وفوضى لا يمكن وصفها بالكلمات.
أحد المتواجدين تحدث لـ"العين الإخبارية" عن الفاجعة قائلا إن الجرحى وصلوا بالآلاف، ما فاق قدرة المستشفى ودفع الأطباء إلى التعامل مع حالاتهم في المدخل.
وأضاف "نفذ الشاش (القماش الخاص الذي يوضع على الجروح) حالات كثيرة جرى تقطيبها وإرسالها إلى البيت من دون وضع شاش لها، وصلت 8 جثث إلى ثلاجة الموتى بالمستشفى معظمها من دون رأس".
وتابع: "عن ماذا وماذا سنتحدث، كأننا في كابوس لا نصدق أنه حقيقة حتى الآن".
أحد الجرحى جلس على باب الطوارئ وقال لـ"العين الإخبارية" والدماؤ يغطي وجهه وجسده: "كنت على دراجتي النارية في مار مخايل حين وقع الانفجار، طرت ووقعت أرضاً وسقط الزجاج المحطم من الأبنية علي".
تدخل سيدة تبدأ بالبكاء سائلة طواقم المستشفى عن ابنها سعيد قائلة: "هل تعرفون شيئاً عنه؟ كان يرتدي سروال جينز وقميصا أزرق، طويل أسمر يبلغ من العمر 22 سنة، قبل أن تسقط أرضا منهارة".
جنان سيدة كتب عليها أن تسقط جريحة بعدما تحطم زجاج منزلها وتطاير عليها، قالت لـ"العين الإخبارية" والدموع تغمر وجهها "لا أصدق ما حصل، ذقت الموت بكل ما للكلمة من معنى، أبكي على حالي أم على منزلي المهدم أم على لبنان الذي ضاع".
وأضافت "من مستشفى إلى مستشفى تنقلت، رفض استقبالي، ليس لديهم قدرة استيعاب كل الجرحى، فهم يركزون على الحالات الخطيرة، وبعدما ضاق بي الحال جئت إلى مستشفى المقاصد حيث كنت أعتقد أنهم لن يستقبلوني كما غيرهم، لكن الحمد لله أني تلقيت العلاج".
أمام مستشفى رزق في منطقة الأشرفية ببيروت، فالصورة لم تكن أفضل حالا. عدد كبير من أقارب الجرحى وقفوا بالخارج ينتظرون الاطمئنان على ذويهم، حيث لا يسمح لأكثر من شخص مرافقة الجريح.
سيدة كانت تنتظر أن يتم معالجة جرح ابن شقيقتها الذي أصيب، وفق حديثها لـ"العين الإخبارية" بضربة على رأسه بعدما سقطت عليه ثريا المنزل في منطقة الأشرفية.
وأشارت "يجب أن يدفع كل مسؤول عن الانفجار الثمن، هذه جريمة كبرى بحق الوطن، دماء الشهداء لن نقبل أن تذهب هدرا، فلتعلق المشانق وليحاكم كل من استهتر بأرواح الناس".
مستشفى الروم في المنطقة نفسها، كان لها نصيب كبير من الشهداء والدمار. الموظفون تجمعوا في الصباح أسفل المبنى والصدمة بادية على وجوههم لاسيما بعدما توفيت لهم كما قالت رئيسة قسم التمريض وفاء معلوف"4 ممرضات"، حيث كن يقمن بواجبهن الإنساني بعلاج المرضى حين وقع الانفجار.
وأضافت معلوف: "سقط 9 مرضى شهداء والسبب تحطم الزجاج عليهم، حيث أن الإصابات كانت مباشرة على رأسهم"، لافتة إلى أنه "تم إفراغ المرضى من المستشفى وتوزيعهم على مستشفيات لبنان، فالحطام كبير ولا كهرباء".
وفيما يعلن تباعا عن المزيد من القتلى والجرحى، قال وزير الصحة العامة في لبنان حمد حسن إن "عدد الوفيات نتيجة الانفجار في مرفأ بيروت إلى تصاعد وهذا الأمر واضح من خلال حجم الإتصالات التي نتلقاها من أشخاص يسألون عن أقربائهم".
وأشار إلى أن "المستشفيات تعمل بأعجوبة، وهي أساسا كانت عاجزة والوضع المصرفي سبب إحراجا شديدا لأداء هذه المستشفيات، ومع هذه الكارثة الوضع يزداد تعقيدا وحراجة وهناك تحد إضافي".
ولفت حسن إلى "أننا كنا نحول مواجهة وباء كورونا، وإذ يأتي هذا البلاء الكارثي. بعزيمتنا وإرادتنا لا يمكن إلا أن نثني على الهمم وكل الدول الصديقة والشقيقة، ونأمل أن يكون لصوت ندائنا صدى".
وكشف أن "الأضرار في مستشفى الجعيتاوي جسمية وفي مستشفى الوردية كارثية وأعتقد أن أي حكومة أو دولة ليس لديها قدرة على النهوض دون نوايا صادقة ودعم حقيقي".
وتابع: "نحن بحاجة إلى كل شيء لإسعاف الجرحى ومرضى الأمراض المزمنة والمستعصية، نحتاج إلى كل التجهيزات والأجهزة الطبية والأدوية، خصوصا أنه لدينا نقص حاد في كل شيء".