خبير مصري يكشف لـ«العين الإخبارية» أهم أسرار سوق السيارات (حوار)

تشهد سوق السيارات في مصر حالة من الارتباك، نتيجة التقلبات الاقتصادية والتضخم الذي يؤثر على قدرة المواطن علي شراء السيارات، بالإضافة إلى التغير في سياسات الاستيراد وزيادة الرسوم الجمركية والضرائب، ما أدى إلى زيادة أسعار السيارات، وعدم توافر قطع الغيار.

وكشف اللواء حسين مصطفى، المدير التنفيذي السابق لرابطة مصنعي السيارات في مصر، في حواره لـ"العين الإخبارية" أسباب ارتفاع أسعار السيارات في مصر، وأسباب عودة الأوفربرايس مجددا، كما تحدث عن أثر التسجيل المسبق للشحنات على الواردات، وأعلن عن مبيعات السيارات في مصر خلال الأشهر الأولى من عام 2024.

• استمرار حجز 13 ألف سيارة بالموانئ المصرية.. الأسباب الحقيقية
• بعد هدوء هوجة الدولار بمصر.. ماذا حدث في سوق السيارات؟

وإلى نص الحوار

لماذا ترتفع أسعار السيارات في مصر عن غيرها من الدول؟ 

يتمثل سبب ارتفاع أسعار السيارات في مصر حاليًا بنقص وجود السيارات في المعارض مقابل الطلب. 

وفي الوقت الحالي، تشهد سوق السيارات في مصر تحديات كبيرة نتيجة توقف استيراد السيارات بشكل شبه كامل، حيث جاء هذا التوقف بعد قرار اتخذ في فبراير/ شباط لعام 2022 بوقف استيراد السيارات إلا بشرط توفر عملة حرة تم إقرارها من البنك المركزي، مما أدى إلى نفاد المخزون المتاح للبيع، حيث أصبحت السيارات المعروضة هي الوحيدة المتاحة، دون إمكانية استيراد سيارات جديدة لتلبية الطلب المتزايد. 

كما تسبب توقف نظام التسجيل المسبق للشحنات قبل الشحن، الذي كان يتطلب تسجيله بمدة لا تقل عن 48 ساعة، في تعقيد عمليات الاستيراد وتزايد التأثير السلبي على السوق، وهذا سبب ارتفاع الأسعار.

ما أسباب عودة الأوفربرايس على السيارات مجددا؟

الأوفربرايس، هو المبلغ الذي يتم دفعه فوق السعر الرسمي للسيارة للحصول عليها بشكل فوري، من البائعين الذين يملكون سيارات في المعارض. 

وتلاشت هذه الظاهرة منذ فترة قريبة بعد تقارب أسعار العملات الحرة بين السوق السوداء والأسعار الرسمية داخل البنوك، ولكن برزت هذه الظاهرة في الفترة الأخيرة مرة أخرى، وذلك بسبب عدم توافر السيارات بشكل كاف داخل المعارض، والتسابق الشديد للحصول عليها. 

وبالتزامن مع توقف استيراد السيارات، فهو يزيد من الضغط على الأسعار ويسهم في عودة ظاهرة الأوفربرايس.

كما أنه من المتوقع أن تزداد ظاهرة الأوفربرايس خلال الفترة القادمة إذا استمر توقف الاستيراد لفترة أطول، نظرًا لأن المستهلك سيضطر لدفع مبالغ إضافية للحصول على السيارات المتاحة في السوق.

ما نسبة مبيعات السيارات في مصر في النصف الأول من عام 2024 بالمقارنة مع الفترة نفسها من عام 2023؟ 

لا يمكننا إجراء مقارنة بين 2024 و2023، حيث كان العام الماضي عامًا كارثيًا في مبيعات السيارت في مصر، فقد بلغ إجمالي مبيعات السيارات في مصر فقط 90 ألف سيارة، بينما في الأعوام العادية يتراوح المتوسط بين 250 ألف إلى 300 ألف سيارة.

زادت المبيعات خلال الخمسة أشهر الأولى من عام 2024 بنسبة 1%، ولكن في أبريل/ نيسان 2024، بلغ إجمالي المبيعات 5668 سيارة مقارنة بنحو 5106 سيارات في عام 2023، بارتفاع قدره 11%. 

وبالرغم من أن الرقم يشير إلى زيادة إيجابية، إلا أنه يعتبر غير ممثل بشكل كاف للسوق نظرًا لأن المتوسط الشهري العادي للمبيعات يتراوح حوالي 20% من السيارات، لذا، يتضح أن الأسواق ما زالت في شبه توقف، فالإنتاج المحلي انخفض بنسبة 11%، بينما زادت الاستيرادات بنسبة تقارب 20%، ولكن هذه الزيادة تعتبر غير ممثلة للنمو الفعلي للسوق، فهي كما قلت زيادة خادعة مع عام كارثي.

ما سبب ارتباك في سوق السيارات بمصر بسبب التسجيل المسبق للشحنات؟ وهل أثرت هذه الأزمة على الواردات مقارنة بنسب العام الماضي؟

نظام التسجيل المسبق للشحنات، هو إجراء جمركي جديد يهدف إلى تعزيز الأمن وإدارة المخاطر. يعتمد علي إتاحة بيانات أو مستندات الشحنة "الفاتورة المبدئية أو أمر الشراء" قبل الشحن بمدة لا تقل عن 48 ساعة، ومن خلال هذا النظام، تتمكن الجهات المعنية من فحص الشحنات المستوردة مسبقا لتحديد ومراقبة أي خطر محتمل يمكن أن يكون مرتبطا بها، مما يعزز السلامة العامة ويحد من عمليات التهريب والتلاعب.

وتوقف نظام التسجيل المسبق للشحنات هو أحد الأسباب الرئيسية لارتباك سوق السيارات في مصر حاليا، حيث أدى هذا التوقف إلى ارتفاع أسعار السيارات بشكل كبير وغير مسبوق. 

وعلى الرغم من نفي الجمارك لوجود توقف رسمي، إلا أن النظام متوقف فعليا دون وجود إشعار رسمي، بل بدعوي حدوث عطل في السيستم، مما يعرقل عمليات الاستيراد ويحول دون قدرة المستوردين على الحصول على رقم ACI اللازم لاستيراد السيارات وشحنها إلى الموانئ المصرية.

ويزيد هذا الوضع من التعقيدات في سوق السيارات ويؤدي إلى عرقلة العمليات التجارية، مما يعكس التحديات الحالية التي يواجهها القطاع.

ما فوائد السيارات الكهربائية واستبدالها بالمركبات الحالية؟

السيارات الكهربائية تمثل تقنية حديثة تعتمد على مكونات بسيطة وفعالة، حيث تتكون أساساً من محرك كهربائي، ومحول يحول التيار المستمر إلى التيار المتردد AC، ووحدة تحكم إلكترونية تدير عملية السيارة، بالإضافة إلى بطارية توفر الطاقة اللازمة للحركة.

وتتميز السيارات الكهربائية بعدة مزايا بيئية واقتصادية، حيث تقلل بشكل كبير من تلوث البيئة بسبب عدم وجود انبعاثات ضارة مثل الوقود البترولي. 

كما تتميز بتكلفة تشغيل أقل لنفس المسافة مقارنة بالسيارات التقليدية، وتصدر أقل ضوضاء أثناء التشغيل.

ومن الفوائد الفنية البارزة، توفر السيارات الكهربائية كفاءة عالية حيث يتم استخدام حوالي 95% من الطاقة الناتجة في الحركة مقابل حوالي 30% فقط في السيارات التقليدية، مما يعني عدم وجود فقد في استخدام الطاقة. 

كما تتميز بعزم دوران ثابت على جميع السرعات بفضل القدرة الفورية للمحرك الكهربائي.

وعلى الجانب الآخر، يعتبر سعر السيارات الكهربائية أحد التحديات الرئيسية، حيث يكون أعلى بكثير مقارنة بنفس فئة السيارات التقليدية التي تعمل بالوقود البترولي. 

ونأمل، في المستقبل أن يتم استنباط معادن قليلة التكلفة للاستخدام في بطاريات السيارات الكهربائية.

متى يمكن أن تنتج مصر سيارات محلية الصنع؟

يجب تصحيح المفهوم أولا، فمصر تنتج سيارات محلية الصنع ولكن بترخيص تصنيع من شركات كبرى في الخارج، وهذا يعني أن مصر تستورد نحو نصف مكونات السيارة وتصنع النصف الآخر داخل البلاد، مما ينتج عنه سيارة "محلية الصنع".

ولكن متي ستتمكن مصر من صنع سيارة محلية الصنع بنسبة 100% كموديل مصري خاص لمصر فيجب العلم أنه لا يوجد سيارة أمريكية 100% أو يابانية 100%، فالنظام الصناعي العالمي نظام تخصصي، أي أن بعض الدول مخصصة في إنتاج أجزاء معينة للسيارات وتصديرها إلى دول أخرى، مما يؤدي إلى تحسين التكلفة وزيادة الجودة. 

وبالطبع هناك دول كبير في صناعة السيارات على سبيل المثال، اليابان والولايات المتحدة وكوريا الجنوبية تنتج نسبة كبيرة من مكونات سياراتها محليا. 

ولكن بالنسبة لمصر، يحدد قانون الصناعة متطلبات معينة للمكونات المحلية في السيارات، مثل 45% للسيارات الملاكي و60% للسيارات التجارية مثل النقل والباصات. 

وإذا تمكنت الدولة من تحقيق صناعة سيارة بنسبة 100% محلية، فسيكون ذلك إنجازا كبيرا، ولكن يتطلب ذلك تطوير صناعات جانبية مثل صناعة المسبوكات واللدائن، بالإضافة إلى إنشاء مراكز بحثية عالية المستوى لتصنيع واختبار المكونات بمعايير عالمية، حيث أن هناك تحديات تقنية وصناعية كبيرة تحتاج إلى تغطية لتمكين مصر من تحقيق ذلك.