مخاطر تهدد أسواق الأسهم العالمية في 2022.. ليس بينها "كورونا"
يمثل التحوّل السريع في السياسة النقدية للبنوك المركزية المتلهفة لترويض التضخم المتزايد، أكبر خطر على هبوط الأسهم العالمية العام المقبل.
وبعد أن تجاوز انتعاش ما بعد الوباء ذروته، أظهر مسح غير رسمي أجرته "بلومبرج نيوز" الشهر الجاري على مديري صناديق وشارك فيه 106 مستثمرين، أن هناك مخاطر كامنة في أسواق الأسهم العالمية خلال العام المقبل على رأسها الخطوات التي تعتزم البنوك المركزية حول العالم اتخاذها من أجل مواجهة التضخم المتزايد خاصة فيما يتعلق بأسعار المواد الغذائية.
وقال أغلب المشاركين في الاستطلاع إن ارتفاع التضخم أو التحركات العنيفة من البنوك المركزية للحد من صعود الأسعار هي أكبر المخاطر العام المقبل.
التشديد المفرط
وفي هذا الإطار قال جوليان لافارج، كبير إستراتيجيي الأسواق في "باركليز برايفت بنك": "من أكبر المخاطر هي التشديد المفرط للأحوال النقدية.. ورغم اكتمال شروط إنهاء التدابير الطارئة التي قررتها تلك البنوك، سيكون الأمر صعباً على الولايات المتحدة والاقتصاد العالمي أن يتحملوا الزيادات المفرطة في أسعار الفائدة خاصة القادمة من الفيدرالي".
واعتبر أن المخاوف بشأن تشديد السياسة النقدية تغطي على المخاطر الأخرى مثل التفشي الجديد المحتمل للوباء أو التباطؤ في الصين أو التوترات الجيوسياسية.
ومع ذلك، لا يعني هذا أن هذه المخاطر خارج المراقبة، فماركوس موريس إيتون، مدير محفظة في "أليانز غلوبال إنفستورز"، التي تشرف على أصول بقيمة 730 مليار دولار يرى أنه "للأسف، سيظل كوفيد متواجداً، بصورة أو بأخرى، في المستقبل القريب.. لكن ما يهم أننا أصبحنا أفضل في إدارة تداعياته الشخصية والاقتصادية".
وتتماشى النتائج مع أحدث استطلاع أجراه "بنك أوف أمريكا" لمديري الصناديق العالمية، والذي أظهر أن البنوك المركزية المتشددة يُنظر إليها على أنها أكبر المخاطر ذات التأثير الكبير للمرة الأولى منذ مايو 2018، يليها التضخم وعودة تفشي كوفيد- 19.
ويستعد المستثمرون لاجتماعات السياسة الرئيسية في الاحتياطي الفيدرالي والبنك المركزي الأوروبي وبنك إنجلترا الأسبوع الجاري، والتي قد توضح وتيرة تشديد السياسة النقدية ووقف تدابير التحفيز.
التوسع الاقتصادي
ورغم تلك المخاطر فقد أشار أكثر من 40% من المشاركين في الاستطلاع إلى أن التوسع الاقتصادي الأكثر قوة سيكون حافزا رئيسيا للصعود في عام 2022 في حال تحققه.
وقالت كاتي كوش، المدير المشترك لأسهم القيمة في ذراع "جولدمان ساكس" لإدارة الأصول، والتي تشرف على أصول بقيمة تريليوني دولار: "نعتقد أن 2021 كان عام التعافي، وأن 2022 سيكون عام المرونة أي الاستثمار في إعادة سلاسل التوريد للوطن، ورقمنة الشركات، والابتكار في الرعاية الصحية، وبناء كوكب أكثر استدامة".
وتكمن واحدة من أفضل الفرص التي تراها كوش في الشركات الأمريكية الصغيرة نظراً لأنها تقدم "تعرضاً للجيل الجديد من المبتكرين ومغيري قواعد اللعب في القطاعات بتقييمات جذابة نسبياً".
بالنسبة للبعض، فإن الحماس نفسه بشكلٍ عام في السوق خطير، وقال ألسداير ماكينون، مدير أول في الصندوق الاستثماري الأسكتلندي، الذي يُشرف على أصولٍ بحوالي 890 مليار دولار: "في الواقع، نحن نعيش في فقاعة كبيرة بقدر أي فقاعة أخرى اختبرتها، وتوجد أكثر العلامات تطرفاً على المضاربة في العملات المشفرة وشركات الشيك على بياض والتدافع العام على الشركات التي تطرح أسهمها للجمهور لأول مرة".
عتبة التضخم
رغم الاتفاق على أن التضخم يمثل خطراً، فإن تحديد المستوى الذي يُصبح عنده خطراً على سوق الأسهم أكثر صعوبة.
وبالنسبة لمعظم المستجيبين لاستطلاع "بلومبرج"، تبدأ المشكلة عندما يظل النمو السنوي لأسعار المستهلكين في الولايات المتحدة فوق 3%، ومع ذلك، قال خُمس المشاركين تقريباً إن الأسهم لن تخرج عن مسارها حتى يترسخ التضخم فوق 5%.
وبالنسبة إلى سالفاتور برونو، رئيس الاستثمارات في "جنرال إنفستمنتس بارتنرز"، فإن النقطة الفاصلة هي ثبات التضخم السنوي في الولايات المتحدة فوق 4%، وربما يكون رد فعل سوق السندات أكثر أهمية.
ويتوقع العديد من الاستراتيجيين أن أسعار الفائدة لن تواكب الزيادات في أسعار المستهلك، ما يعني أن العائدات الحقيقية على السندات المعدلة حسب التضخم ستظل منخفضة للغاية لتكون بديلاً قوياً للأسهم.
وقال برونو، الذي تشرف شركته على حوالي 650 مليار دولار: "نعتقد أن الفائدة الحقيقية مقياس حاسم ينبغي مراقبته لفهم كيف يمكن أن تخرج السوق عن مسارها؟".
ويتفق معه باسكال بلانك، رئيس الاستثمار في "أموندي"، أكبر مدير أصول متخصص في أوروبا بحوالي 2 تريليون دولار تحت الإدارة: "طالما أن البنوك المركزية تضع سقفاً للفائدة الاسمية وطالما تظل الفائدة الحقيقة شديدة الانخفاض، فلا يوجد بديل للأسهم".
وتبلغ مستويات التضخم على جانبي الأطلنطي مستويات أعلى بكثير مما قال المستجيبين للمسح إنها تسبب ضرراً.
ورغم أن الاحتياطي الفيدرالي والبنك المركزي الأوروبي تغافلوا عن القراءات خلال انتعاش ما بعد الوباء، فإن ذلك لن يستمر لوقتٍ أطول، ويرى بلانك أنهم "لن يتحملوا التضخم فوق 4% إلى 4.5% في 2022".
مفاجآت
بالطبع، يستعد المستثمرون أيضاً للمفاجآت التي تؤدي إلى صعود، والمفاجأة الرئيسية بينها هي اقتصاد يُثبت أنه أكثر مرونة من توقعات الإجماع.
وقال حسين مهدي، إستراتيجي الاقتصاد الكلي والاستثمار في ذراع "إتش إس بي سي" لإدارة الأصول، التي تشرف على 620 مليار دولار: "لا يزال هناك مجال لحدوث مفاجأة نمو إيجابية بالنظر إلى أن الأسر في الأسواق المتقدمة لديها مدخرات كبيرة يمكن أن تستنزف سريعاً كما قد يهدأ نقص المعروض أسرع مما افترض كثيرون".
وقال: "يدعم التعافي القوي في سوق العمالة أيضاً آفاق الاستهلاك بينما لا تزال الأحوال السياسية العامة ميسرة بشكل عام".
استمرار التعافي الاقتصادي القوي هو أساس وجهة النظر المتفائلة لذراع إدارة الأصول في "جولدمان ساكس" للأسهم، وقال لوك بارز، مدير محافظ أسهم القيمة للعملاء في منطقة أوروبا والشرق الأوسط وأفريقيا لدى "جولدمان ساكس"، عبر الهاتف: "لا نزال نعتقد أننا سنحظى بخلفية نمو قوية العام المقبل".
وقال: "رغم أننا نعي أن التضخم وأسعار الفائدة قد يبدآن في الارتفاع خلال 2022، فلا نرى أن ذلك يؤثر سلباً على أسواق الأسهم في الصورة الكاملة للأشياء طالما أن آلية النمو تظل قوية".
وبالنسبة لـ24% من المستجيبين في الاستطلاع، إذا أثبت التضخم أنه مؤقت، فستكون تلك المفاجأة الأكثر إيجابية وتأثيراً، رغم قول البعض إن ذلك سيعتمد على أسباب انخفاضه.
وقال ستيفان كروزكامب، رئيس الاستثمار في "دي دبليو إس"، التي تشرف على حوالي 900 مليار دولار: "تراجع التضخم يمكن أن ينتج أيضاً عن أسباب سلبية مثل هبوط النمو".
aXA6IDMuMTQ0LjgyLjEyOCA=
جزيرة ام اند امز