قيمة الشهادات تتراجع.. لماذا يشعر الجيل الفرنسي الجديد بالتهميش؟
تتزايد في فرنسا شكاوى الشباب من فقدان الحافز وصعوبة تحقيق المكانة الاجتماعية التي وعدتهم بها دراستهم الجامعية.
فبينما كانوا يؤمنون يومًا بأن الشهادة هي مفتاح النجاح، كشفت دراسة حديثة صادرة عن مركز "فرانس ستراتِجي" أن قيمة الدبلومات الأكاديمية تآكلت بشكل ملحوظ خلال العقود الأخيرة، وأن آلاف الخريجين يعيشون اليوم فجوة بين مؤهلاتهم وفرصهم الفعلية في سوق العمل.
جيل متعلم... لكنه أقل حظًا
يشير التقرير، الذي صدر الأربعاء تحت عنوان «شباب الأمس واليوم: التراجع الكبير؟"، إلى أن أكثر من نصف الشباب الفرنسي اليوم يحملون شهادة من التعليم العالي، مقارنةً بواحد فقط من كل خمسة في عام 1975، بحسب صحيفة "ليزيكو" الفرنسية.
ورغم هذا التقدم التعليمي الهائل، فإن الواقع الاقتصادي والاجتماعي لا يعكس هذا الإنجاز: كثيرون منهم يشغلون وظائف لا تتناسب مع مستواهم الدراسي، ويعانون من ضعف القدرة على شراء السكن أو تكوين الثروة، وهو ما يغذّي شعورًا عامًا بـ"التراجع الطبقي".
وقالت الدراسة إن هذا الوضع يغذي حالة من الإحباط الجماعي بين جيل كامل يرى أن جهوده لم تُترجم إلى أمن اقتصادي أو استقرار اجتماعي، كما كان الحال مع جيل الآباء.
صراع أجيال صامت
ووصف كليمان بون، المفوض السامي للتخطيط والاستراتيجية في فرنسا، الظاهرة بأنها "نزاع جِيلي صامت" بين الشباب والجيل السابق المعروف باسم جيل الطفرة السكانية.
وأضاف أن النقاش العام حول هذا التفاوت يغذّيه محتوى متزايد على مواقع التواصل الاجتماعي، أبرزها حساب ساخر يحمل اسم "نيكولا الذي يدفع كل شيء"، يمثّل شخصية شاب ثلاثيني غاضب من أعباء الحياة والضرائب وغلاء المعيشة.
"كان الماضي أفضل"... رأي يشترك فيه الجميع
وبحسب الأرقام التي أوردها التقرير، ثلاثة أرباع الفرنسيين (75%) يعتقدون أن الحياة كانت "أفضل في الماضي"، وحتى بين الفئة الشابة دون سن الـ35، يشارك 67% هذا الرأي، في مؤشرٍ على عمق الإحباط الذي يشعر به جيلٌ كان يُفترض أن يكون أكثر ازدهارًا من سابقه.
جيل الشهادات بلا امتيازات
وخلص تقرير "فرانس ستراتِجي" إلى أن التحول في سوق العمل، وارتفاع أسعار العقارات، وتراجع الحراك الاجتماعي أدت إلى ولادة جيل جديد "أكثر تعليمًا لكنه أقل امتيازًا".
جيل يشعر أن جهده الأكاديمي لم يعد ضمانًا لمستقبلٍ أفضل — بل أصبح أحيانًا عبئًا إضافيًا في سباق البقاء الاقتصادي.