يايا ديلو.. ما قبل «الرصاصة القاتلة» في تشاد
فتحة دخول الرصاصة المغطاة بآثار حروق بدت واضحة على جلد صدغ زعيم المعارضة التشادية يايا ديلو، في صورة صادمة قسمت التشاديين.
انتشرت الصورة عبر مواقع التواصل كالنار في الهشيم، لتندلع معركة موازية في العالم الافتراضي بين مؤيدي رواية المجلس الانتقالي الحاكم ومناوئيه.
استنكر أنصار ديلو "إعدامه برصاصة أطلقت من مسافة قريبة"، فيما تبنى آخرون رواية الحكومة التي جاءت على لسان المتحدث باسمها -وزير الاتصالات- عبدالرحمن كلام الله.
وقال "كلام الله" إن يايا ديلو قتل الأربعاء "حيث لجأ إلى مقر حزبه، ولم يكن يريد الاستسلام وأطلق النار على قوات حفظ النظام".
من جانبه، أفاد متحدث باسم الحكومة الخميس عن مقتل أربعة جنود وثلاثة من أعضاء "الحزب الاشتراكي بلا حدود" الذي يتزعمه ديلو، والذين وصفهم بأنهم "مهاجمون".
ما قبل الرصاصة
كتبت الرصاصة نهاية يايا ديلو، لتوثق بذلك السطر الأخير في حياة رجل شكل قطب صراع داخل قبيلة "الزغاوة" مع الرئيس الانتقالي محمد إدريس ديبي.
وديلو رئيس "الحزب الاشتراكي بلاحدود" هو ابن عم الرئيس الانتقالي محمد إدريس ديبي، الذي انضم إلى حزبه صالح ديبي عم الرئيس.
والصراع بين الرجلين لم يكن مستجدا بل يعود لسنوات، وفق خبراء يعتقدون أن ديلو ارتكب هفوات عديدة، خصوصا عندما سعى محمد إدريس ديبي إلى تعزيز السلطة المتنازع عليها داخل عشيرته.
وليل الأربعاء إلى الخميس بدأت الشائعات الأولى حول مقتل يايا ديلو تنتشر، وذلك بعد دقائق قليلة فقط من هجوم عنيف شنته الشرطة على مقر حزب ديلو، باستخدام المركبات المدرعة، وعشرات سيارات الجيب المملوءة بالجنود وأفراد الشرطة المدججين بالسلاح وحتى الدبابات القتالية.
وعلى الفور، استنكر بعض أقارب ديلو ممن لديهم إمكانية الوصول إلى الإنترنت بفضل شبكة ستارلينك أو الشبكات الافتراضية الخاصة، ما اعتبروه "اغتيالا"، وحتى ذلك الوقت لم يصدر أي تعقيب رسمي حول مقتل المعارض.
وجاء الهجوم على مقر الحزب بعد ثلاث سنوات من هجوم مماثل شنه الجيش على مقر ديلو وحزبه، الذي قُتلت فيه والدته وأحد أبنائه.
ثم أرادت سلطة الرئيس ديبي الأب القبض على ديلو بتهمة "التشهير" بالسيدة الأولى التي اتهمها باختلاس أموال عامة على نطاق واسع.
وتمكن المتمرد السابق، الذي أصبح وزيرا لعمه إدريس ديبي في العقد الأول من القرن الـ21 ثم معارضا، من الفرار من البلاد، وأبطلت المحكمة العليا ترشيحه للانتخابات الرئاسية في أبريل/نيسان 2021.
"من مسافة قريبة"
بعد كر وفر، كلف المدعي العام بالمحكمة العليا في نجامينا عمر قبلاي بإضفاء الطابع الرسمي على وفاة الخصم الشرس.
وقال قبلاي إن ديلو توفي "متأثرا بجراحه"، مشيرا أيضا إلى سقوط "عشرات القتلى والجرحى".
لكن المتحدث باسم الحكومة عبدالرحمن كلام الله أعلن لاحقا، على شاشة التلفزيون الرسمي، مقتل 4 جنود، و3 من "الحزب الاشتراكي بلا حدود" بينهم يايا ديلو.
ولفت إلى أن ديلو "لم يكن يريد الاستسلام، وأن رجاله هم من أطلقوا النار أولا".
لكن، مع انتشار صورة لديلو وهو ميت، وفي صدغه فتحة دخول الرصاصة المغطاة بآثار حروق على الجلد، تفجر الجدل مجددا، حيث استنكر أنصاره "الإعدام برصاصة أطلقت على مسافة قريبة"، وهو ما نفاه المجلس الانتقالي.
عبر السنوات
تزعم ديلو المتمردين في 2005، ثم انضم إلى إدريس ديبي الأب قبل أن يصبح أحد أشرس معارضيه في أوائل العشرينيات من القرن الماضي، ثم لابنه محمد إدريس ديبي الذي خلفه بعد وفاته قبل ثلاث سنوات.
ويعتقد مراقبون أن يايا ديلو تحول قبل شهرين من الانتخابات الرئاسية لـ"شوكة حقيقية في خاصرة الرئيس الانتقالي لتشاد".
وديلو هو ابن شقيق الرئيس الراحل إدريس ديبي، ويقول الباحث الفرنسي رولاند مارشال، في حديث إعلامي، إنه "كان لدى يايا ديلو قاعدة اجتماعية حقيقية داخل عشيرة الزغاوة التي تتولى السلطة منذ 1990".
وعلى عكس والده الذي كان زعيم عشيرة الزغاوة بلا منازع، فإن "محمد الذي ينحدر من قبيلة غوران من خلال والدته، يواجه انتقادات من قبل جزء من العشيرة، ويكافح من أجل تأكيد نفسه"، بحسب تقدير أحد الباحثين التشاديين.
وقبل أسبوعين فقط، أغلق عم الرئيس الانتقالي صالح ديبي إتنو باب حزب "الحركة التقدمية" الذي أسسه شقيقه الأكبر، وانضم رسميا إلى حزب يايا ديلو، وكانت تلك القشة التي قسمت ظهر البعير.
aXA6IDMuMTM5LjcyLjE1MiA= جزيرة ام اند امز