قيادي في الائتلاف الحكومي بالمغرب لـ"العين الإخبارية": نتجرع تبعات الحكومة السابقة
جهود حكومية متتالية في المملكة المغربية، لامتصاص ارتدادات موجة الغلاء العالمية، وتجاوز تبعات 10 أعوام عجاف من تدبير حزب العدالة والتنمية ذات التوجه الإخواني.
مهمة جسيمة تواجه الحكومة الجديدة بقيادة حزب التجمع الوطني للأحرار، الحاصل على المرتبة الأولى في الانتخابات البرلمانية الأخيرة. يُطوقها إرث ثقيل للحكومتين السابقتين، وسياق دولي متأثر بتداعيات الجائحة السلبية.
وعلى الرغم من الضغط الدولي الكبير بسبب الأزمات العالمية، تستنفر حكومة أخنوش بكافة مكوناتها كافة الموارد الممكنة للحفاظ على استقرار الأسعار والرفع من القدرة الشرائية للمواطن.
وتمضي الحكومة في تنفيذ برنامجها ذي الطابع الاجتماعي، بشراكة مع مختلف الفاعلين السياسيين والنقابيين، والمدنيين، إذ يعقد رئيس الحكومة عزيز أخنوش اليوم الخميس أولى جلسات الحوار الاجتماعي مع النقابات الممثلة للعمال في مختلف القطاعات، وذلك في مقاربة تشاركية لإيجاد حلول جماعية لما يطرح على الساحة من تحديات.
أسئلة متعددة حول الجهود الحكومية لمواجهة موجة الغلاء، ومدى تماسك مكونات الحكومة، وتقييم الأشهر الأولى من عملها. يجيب عنها في حوار خاص مع "العين الإخبارية"، شفيق الودغيري، عضو المجلس الوطني لحزب التجمع الوطني للأحرار قائد الحكومة الحالية.
** تعرف البلاد موجة غلاء، كيف تنظرون إلى هذا الأمر؟ وما الذي اتخذته الحكومة التي تقودونها في هذا الصدد؟
أولا، يجب الاعتراف أن هناك ارتفاعا لأسعار المواد الغذائية بالمغرب، وهذا الارتفاع راجع لأسباب وتداعيات، ومنها ارتفاع أثمان المواد الغذائية وارتفاع أثمان الشحن الدولي وثمن برميل النفط في السوق الدولي وتداعيات جائحة كورونا، وكذا عدم استقرار مجموعة من الدول في أوروبا الشرقية والتي لها تداعيات وأثر مباشر على القدرة الشرائية للمواطنين.
ثانيا، هذا الغلاء ليس صفة لصيقة بالمغرب، ولكن الحكومة ملزمة بأن تأخذ إجراءات والتي منها الاستمرار في دعم المواد الأساسية كالقمح والسكر وغاز البوتان، والذي تتحمله الدولة من خلال صندوق المقاصة (صندوق حكومي لدعم المواد الأساسية من خلال دعم ثمن المواد الأصلية وتخفيضها).
وتبقى مسألة المحروقات التي تؤثر على نقض البضائع والخضراوات والفواكه، حيث إن الحكومة الحالية التي يقودها حزبنا، تتجرع القرارات اللاجتماعية واللاشعبية التي اتخذتها الحكومتان السابقتان اللتان كان يرأسهما حزب العدالة والتنمية من خلال رفع الدعم عن المحروقات وإزالتها من صندوق المقاصة.
اليوم هناك ضرورة لمراجعة هذه القرارات نظرا لأن المواطنين المغاربة يكتوون بنار الأسعار التي تتطلب اتخاذ إجراءات استعجالية، كما أن الحكومة تشتغل بالرغم من أن النتائج يمكن ألا تظهر خلال أمد قصير جد، ولكن ستتخذ تدابير من شأنها أن تخفف من حدة هذه الضغوط على المغاربة، والتي زاد من حدتها الجفاف وقلة الأمطار.
** بذكر غلاء السعار والجفاف، كيف تنظرون للمبادرة الملكية في دعم القطاع الفلاحي؟
العاهل المغربي الملك محمد السادس، كان دائما لديه السبق في اتخاذ إجراءات استباقية أساسية تدعم الفئات المتضررة من المجتمع، وفي هذا الإطار فالحكومة المغربية ملزمة ومطالبة بتنفيذ الاستراتيجية الملكية على أرض الواقع.
ومن خلال استقبال العاهل المغربي لرئيس الحكومة ووزير الفلاحة، أعطى تعليماته كي يساهم صندوق الحسن الثاني للتنمية الاجتماعية والاقتصادية في عملية الدعم، وبالتالي فالحكومة منكبة على تفعيل هذه التعليمات والاستراتيجية الملكية، ومنه يمكن للفلاحة المغاربة ابتداء من يوم الجمعة المقبل الاستفادة من الأعلاف المدعم والمواد الفلاحية الأخرى.
ومن هنا لابد من تثمين المبادرة الملكية التي واكبها التحرك الاستعجالي للحكومة من أجل تخفيف العبء على المواطن المغربي خاصة الفلاح الذي يعاني الأمرين وتداعيات كورونا وغلاء الأسعار ومخلفات الجفاف كذلك.
هذا البرنامج الذي يفوق الغلاف المالي المخصص له عتبة المليار دولار أمريكي، سيساهم بشكل كبير في تخفيف تداعيات الجفاف على الفلاح، وبشكل غير مباشر سينعكس على المواطن العادي، على مستوى الأسعار، وحتى الحفاظ على فرص الشغل.
** تنتقد أحزاب المعارضة الحصيلة الأولية للحكومة، ما تعليقكم؟
الحكومة منذ أول أيامها، اشتغلت بجهد كبير، وأنجزت الكثير مما وعدت به المواطنين.
100 يوم لا تعكس حجم الجهود التي قامت بها الحكومة بالرغم من وجود مؤشرات إيجابية تؤكد وجود تفاؤل بالنظر إلى الإجراءات القادمة.
لكن، دعني أخبرك أنه خلال 100 يوم الأولى كانت الحصيلة إيجابية جدا بالنظر إلى إخراج مراسيم قوانين حول الحماية الاجتماعية والتي سيصل عدد المستفيدين منها إلى 11 مليون شخص مغربي والذين لم تكن تشملهم أي تغطية صحية من قبل.
كما أن هناك الدعم المباشر للفلاحين، من خلال ضح 100 مليار سنتيم (أكثر من 100 مليون دولار امريكي)، والتي تشمل مواد الأعلاف بالأساس التي يحتاجها الفلاحون لمواجهة تداعيات الجفاف، والذي لم يعرف المغرب مثله منذ 41 سنة خلت .
** بالحديث دائماً عن المعارضة، هُناك ادعاءات تقول إن الائتلاف الحكومي، وعلى قلة الأحزاب المكونة له، يعرف خلافات؟
الحديث عن شائعات تذبذب في العلاقة ورجوع أحد أحزاب الائتلاف الحكومي إلى الخلف، جوابه هو اللقاء الذي نظم مساء الثلاثاء بين زعماء الأحزاب الثلاث، وهو رسالة لجميع المشككين والمشوشين، والمتمثلة في أن "الحكومة المغربية متماسكة منسجمة متضامنة وتعمل على خدمة الشعب المغربي وفق البرنامج الحكومي الذي صوت عليه البرلمان المغربي ".
كما أن البرنامج الحكومي يعكس البرامج الانتخابية للأحزاب الثلاث والذي من خلاله صوت عليه المواطن في الانتخابات التشريعية ( النيابة / البرلمانية) الأخيرة.
وأيضا فلقاء ليلة أمس يتمثل الجواب عن هذه الادعاءات وكذا تعبير صارح وواضح أن الحكومة قلبها على المواطنين المغاربة، لأن هناك مجموعة من الأصوات التي تطالب بتعجيل خلق حلول مستعجلة لما يتعلق بغلاء الأسعار.
كما أن تصريحات زعماء الأغلبية أجمعت على ضرورة أن تعطى المسائل الاجتماعية عناية اكثر بالرغم من أن الحكومة ومنذ بداية عملها وتحت قيادة العاهل المغربي تشتغل على هذه الملفات المتعددة والمرتبطة.
لطالما انتقدت النقابات غياب مأسسة للحوار الاجتماعي في عهد الحكومتين السالفتين، ماذا قدمتم في هذا الصدد؟
الحكومة المغربية ومنذ البداية تعطي إشارات إيجابية فيما يتعلق بالملف الاجتماعي، ومن بين أهم الإشارات ملف "الأساتذة أطر الأكاديميات" (أو ما يصطلح عليه إعلاميا بأساتذة التعاقد)، وكذا فئات الأطر الإدارية ومجموعة أخرى، حيث وبإشراف مباشر من رئيس الحكومة تم إيجاد حلول لهذه الفئات.
ويوم الإثنين الماضي وخلال المنتدى البرلماني الدولي المتعلق بالعدالة الاجتماعية والذي نظمه مجلس المستشارين (الغرفة الثانية بالبرلمان المغربي)، رئيس الحكومة أطلق رسميا "مبادرة الحوار الاجتماعي"، وهي مبادرة لا تتعلق بطرف سياسي أو اجتماعي وهي ضرورة من خلال استماع الحكومة لمختلف الفرقاء الاجتماعيين والحساسيات المجتمعية، لأنهم يمثلون مجموعة كبيرة من شرائح المجتمع.
كما أننا نتكلم على النقابات الأكثر تمثيلية بناء على نتائج الانتخابات التي جرت عام 2021، وهو ما يتم العمل به في المغرب ومنذ مدة طويلة سيرا على ما تقوم به الدول الديمقراطية بالعالم.
وهُنا، أذكركم بأن أولى جلسات الحوار ستعقد اليوم الخميس، بدعوة من السيد رئيس الحكومة، وتشمل كما جرت العادة، النقابات العمالية من جهة، والاتحاد العام للمقاولات من جهة أخرى، بالإضافة إلى رئيس الحكومة وبعض الوزراء.
أشير هنا إلى حديث السيد أخنوش قبل أيام، حيث قال إن هذه الجلسة الأولى تأتي بهدف الشروع في التفكير الجدي والمسؤول في كيفية مأسسة الحوار الاجتماعي ليكون عقده ملزما ومنتظما.
وهنا أود التذكير بأن أكبر انتقاد وجه للحكومتين السابقتين هو غياب "مأسسة للحوار الاجتماعي"، الشيء الذي ستعمل حكومتنا على تجاوزه بإذن الله، إيماناً منها بالمقاربة التشاركية في التعاطي مع المواضيع المطروحة على الساحة، والتي تهم المواطنين.
وكما قال أخنوش، فإن توجه الحكومة هو توجه صادق ومسؤول من أجل تحمل المسؤولية كاملة في جيل جديد من الحوار الاجتماعي بما يضمن التجاوب مع مطالب هذه المكونات، ولكن في نفس الوقت يراعي الوضعية الصعبة التي يمر منها الاقتصاد الوطني جراء مواصلة التداعيات الوخيمة لفيروس كورونا-19، وللمقدمات الصعبة التي أملتها الظروف المناخية الراهنة في المجال الفلاحي.