التحدي الأكبر في COP27.. قضية "الصندوق" تسيطر على قمة المناخ
بينما يجتمع قادة العالم في مصر هذا الأسبوع من أجل محادثات المناخ في COP27، لا تزال هناك أسئلة معلقة في هذا الملف المتعلق بمصير الكوكب.
أبرز هذه الأسئلة يتعلق بالجهة التي يجب أن تتحمل تكاليف الخسائر والأضرار الناجمة عن تغير المناخ، حيث تطالب البلدان الفقيرة التي تضررت بشدة من تغير المناخ بتعويضات من الدول الغنية التي تتحمل المسؤولية الأكبر عن هذه الأضرار.
العشرات من البلدان النامية التي تواجه أضرارا ضخمة من تغير المناخ لم تفعل شيئا يذكر للتسبب في الأزمة، لذا هم يطالبون بتعويضات من الأطراف التي يرون أنها مسؤولة.
من المسؤول؟
المسؤولية هنا ملقاة على الولايات المتحدة والدول الصناعية الكبرى، أو الدول الأكثر ثراء التي حرقت النفط والغاز والفحم لعقود وخلقت التلوث الذي يؤدي إلى ارتفاع درجة حرارة كوكب الأرض بشكل خطير.
قد لا تكون هناك أي مسؤولية قانونية أو حتى سياسية تقع على عاتق هذه الدول، لكن بالتأكيد هناك مسؤولية أخلاقية، أو حتى إدراج القضية تحت منطق "من أفسد شيئا فعليه إصلاحه".
من الناحية القانونية والعملية، كان من الصعب تطبيق هذا المبدأ على تغير المناخ، حيث عارضت الدول والكتل الغنية مثل الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي فكرة تقديم تعويض صريح للدول الفقيرة عن الكوارث المناخية، خشية تعرضهم لمسؤولية غير محدودة.
مع افتتاح محادثات الأمم المتحدة بشأن المناخ في شرم الشيخ المصرية، سيكون النقاش حول الخسائر والأضرار في المقدمة، لكن الأهم تمثل في نجاح مصر الدولة المضيفة، وباكستان، التي تقود مجموعة من 77 دولة نامية، في وضع القضية على جدول الأعمال الرسمي لأول مرة.
وفقا لـ"نيويورك تايمز"، اعتبر سايمون ستيل، مسؤول المناخ في الأمم المتحدة، أن قرار الإدارج على جدول الأعمال "يبشر بالخير" للتوصل إلى حل وسط بنهاية القمة.
هذه القضية لا مفر منها هذا العام، حيث يجتمع قادة من حوالي 200 دولة في القارة الأفريقية، في وقت يتعرض الملايين فيه لخطر المجاعة بسبب الجفاف الذي اشتد بسبب تغير المناخ.
وقد سمحت التطورات في العلوم للباحثين بتحديد الدور الذي يلعبه الاحتباس الحراري في الكوارث، مما عزز الحجة القائلة بأن الدول الغنية، التي أصدرت نصف جميع الغازات المسببة للاحتباس الحراري منذ عام 1850، تتحمل مسؤولية كبيرة.
ماذا عن التعهدات؟
في العام الماضي ، تعهدت الدول الغنية بتقديم 40 مليار دولار سنويا بحلول عام 2025 لمساعدة البلدان الفقيرة في إجراءات التكيف مع المناخ مثل بناء الدفاعات ضد الفيضانات.
لكن تقرير للأمم المتحدة يقدر أن هذا أقل من خمس ما تحتاجه الدول النامية، وقد أدى ذلك إلى زيادة الدعوات إلى تمويل منفصل للخسائر والأضرار للتعامل مع تداعيات الكوارث المناخية التي لا تستطيع الدول حماية نفسها منها.
في مواجهة الضغط المتزايد، وافق جون كيري، مبعوث الرئيس الأمريكي للمناخ، على مناقشة فكرة تمويل الخسائر والأضرار، وهي خطوة ساعدت على تجنب معركة مريرة حول جدول أعمال القمة، لكن هذا بعيد كل البعد عن الموافقة على صندوق جديد.
في نفس الوقت، يشعر الأوروبيون بالقلق من أنهم إذا وافقوا على إنشاء صندوق، فقد يتركون ممسكين بالحقيبة إذا رفض الرئيس الأمريكي القادم الفكرة.
ما هي الأضرار؟
في حين أن الأمم المتحدة لم تحدد الخسائر والأضرار بشكل رسمي، فقد تشمل الدمار الناجم عن الطقس القاسي الذي تفاقم بسبب الاحترار العالمي.
في عام 2019، اجتاح إعصار دوريان جزر البهاما، حيث وصلت سرعة الرياح إلى 185 ميلا في الساعة وعواصف بلغت 23 قدما دمرت المنازل والطرق والمطار، وبلغت الخسائر 3.4 مليار دولار، ربع اقتصاد البلاد.
قد يشمل أيضًا الخسائر البطيئة التي يصعب قياسها، كما هو الحال في حالة عمال الملح في بنجلاديش الذين فقدوا وظائفهم بسبب ارتفاع المد والجزر والأمطار الغزيرة التي أعاقت الإنتاج.
نظرًا لأن التعريفات واسعة النطاق، فمن الصعب حساب مقدار الخسائر والأضرار المالية التي قد تترتب على ذلك بالضبط.
قدرت إحدى الدراسات التي يتم الاستشهاد بها بشكل متكرر أن البلدان النامية يمكن أن تعاني من 290 مليار دولار إلى 580 مليار دولار من الأضرار المناخية السنوية بحلول عام 2030، حتى بعد جهود التكيف، ومن المحتمل أن يصعد هذا الرقم إلى نحو1.7 تريليون دولار بحلول 2050.
هل المساعدات مجزية؟
في الماضي، اقترحت الدول الغنية أن مثل هذه الكوارث يمكن تخفيفها من خلال المساعدات الإنسانية أو التأمين الحالي.
تقول الدول النامية إن هذا غير مقبول، حسب بعض التقديرات، فإن أكثر من نصف نداءات الأمم المتحدة للتبرعات بعد كوارث الطقس لم يتم الوفاء بها بالفعل، واضطرت الدول الفقيرة إلى تحمل الديون لإعادة البناء.
وراء الكواليس، يقول المسؤولون الأمريكيون إنهم قلقون من أن الصندوق الجديد قد يكون ضعيف التعريف وغير عملي، وفقا لصحيفة "نيويورك تايمز".
وتقول بعض الدول الغنية أيضا إن الصين، التي تعد حاليا أكبر مصدر للانبعاثات في العالم، يجب أن تساهم. وهو ما سيؤدي إلى جدال كبير بشأن هذه المسألة.
ربما يكون التحدي الأكبر هو أن الدول النامية هي الخاسر الأبرز، والناشطون ينظرون إلى الخسائر والأضرار على أنها مسألة عدالة، لكنها بالنسبة لهذه الدولة مسألة حياة أو موت.
وفي الوقت الذي اعترفت فيه واشنطن التي أحرقت الفحم لتوليد الكهرباء منذ ثمانينيات القرن التاسع عشر، وهي أكبر مصدر للانبعاثات التاريخية، بأنها تتحمل مسؤولية تغير المناخ، لكنها تتمسك بفكرة أنه بحلول الثمانينيات من القرن الماضي عندما اتفقت الحكومات على نطاق واسع على أن انبعاثات ثاني أكسيد الكربون من النفط والغاز والفحم تعمل على ارتفاع درجة حرارة كوكب الأرض، كانت الدول الناشئة تحرق الوقود الأحفوري أيضا.
إذا وافقت الدول، على الأقل من حيث المبدأ، على إنشاء صندوق للخسائر والأضرار، فسيتعين عليها الخوض في القضايا الصعبة: من يستحق المساعدة وكم؟ كيف نضمن إنفاق الأموال بطرق تعود بالنفع على الأشخاص الذين هم في أمس الحاجة إليها؟
aXA6IDMuMTMzLjEwOC40NyA= جزيرة ام اند امز