أمين رابطة مصنعي السيارات في مصر يتحدث لـ«العين الإخبارية» عن وباء «التاجر العميل» (حوار)
تواجه صناعة السيارات في مصر مجموعة من التحديات التي تؤثر على نموها وتنافسيتها على المستوى العالمي، تتمثل في ارتفاع تكاليف الإنتاج وضعف البنية التحتية اللوجستية، مما أثر على كفاءة عمليات التصنيع والتسويق.
وبالإضافة إلى اعتماد صناعة السيارات بشكل كبير على التكنولوجيا المتقدمة والابتكارات، مما يفرض تحديات إضافية في مجالات البحث والتطوير.
- مصر تفرج عن 10 آلاف سيارة فقط كل شهر.. مصلحة الجمارك تكشف الحقيقة
- أول سيارة كهربائية ذاتية القيادة من «تويوتا».. إليك موعد الطرح
وكشف المهندس خالد سعد، الأمين العام لرابطة مصنعي السيارات، في حواره لـ"العين الإخبارية"، عن التحديات الرئيسية التي تواجه صناعة السيارات في مصر حاليًا، بالإضافة إلى العوامل التي تعوق نمو وتطور القطاع.
كما كشف عن تأثير التكنولوجيا والابتكارات الحديثة على صناعة السيارات.
وتحدث الأمين العام لرابطة مصنعي السيارات عن الخطوات التي يجب اتخاذها لتعزيز التصنيع المحلي وجعله أكثر تنافسية، وتابع موضحًا السياسات الضرورية التي يجب تبنيها لدعم الابتكار في صناعة السيارات.
وإلى نص الحوار:
ما التحديات الرئيسية التي تواجه قطاع السيارات في مصر حاليًا؟
هناك العديد من التحديات التي تواجه قطاع السيارات في مصر، ويتمثل التحدي الرئيسي في الأسعار والذي أصبح أمرًا محوريًا يؤثر بشكل كبير على قرارات المستهلكين.
ويلاحظ أن أسعار السيارات قد ارتفعت بشكل كبير، مما أدى إلى تراجع في الطلب وانخفاض حجم المبيعات، فكانت السيارات الاقتصادية التي تتراوح أسعارها من 200 إلى 300 ألف جنيه مصري هي الأكثر شيوعًا، ولكن تزايد الأسعار أدى إلى عدم قبول المستهلكين لهذه الأسعار المرتفعة، مما أثر سلبًا على حركة الشراء وتراجعت المبيعات بشكل كبير.
وفي السنوات السابقة، كانت أرقام المبيعات تتراوح بين 250 و300 ألف سيارة سنويًا في السوق المصري، إلا أن العام الماضي شهد انخفاضًا كبيراً وصل إلى 90 ألف سيارة فقط.
ومن المتوقع أن يستمر هذا التراجع في عام 2024 بنسبة تصل إلى 20% إضافية، مما يجعل الوضع الحالي يعد تحديًا صعبًا بالنسبة للصناعة والأسواق المعنية.
ويتعلق التحدي الثاني بالاتفاقات الدولية، حيث توجد اتفاقيات مع الدول الأوروبية، تركيا، المغرب، ودول أفريقيا، وغيرها.
وتسمح هذه الاتفاقيات ببيع السيارات المستوردة دون فرض رسوم جمركية، مما يجعل السيارات المجمعة محليًا تتكبد تكاليف إضافية نتيجة للجمارك والضرائب، مما يجذب المستهلكين نحو السيارات المستوردة التي تعرض بأسعار متقاربة.
ويتمثل التحدي الثالث في ارتفاع تكاليف الشحن، حيث شهدت أسعار الشحن زيادة كبيرة، بالإضافة إلى وجود مشاكل تتعلق بعمليات الشحن ذاتها، وهذه العوامل تسهم في زيادة التحديات التي تواجه السيارات المصنعة محليًا وتقلل من تنافسيتها في السوق.
أما التحدي الرابع، وهو الأهم، فيتعلق بعدم توافق السيارات المصنعة محليًا مع المواصفات العالمية القياسية.
وحاليًا، يتم تطبيق عدد محدود جدًا من المواصفات في عمليات التجميع المحلي، بينما يتمثل المعيار العالمي في وجود ما يصل إلى 48 إلى 50 مواصفة قياسية.
ويحول هذا الفارق دون قدرة الإنتاج المحلي على التصدير بشكل فعال ويؤثر سلبًا على جودة المنتج النهائي واستقباله من قبل السوق الدولي.
هل تعتقد أن هناك عوامل محددة تعوق نمو وتطور قطاع السيارات في مصر؟
نعم، يواجه قطاع السيارات تحديات كبيرة تعوق نموه وتطوره بشكل كبير، ومن بين هذه التحديات، يبرز ارتفاع الأسعار كعامل رئيسي يؤثر سلباً على سوق السيارات، بالإضافة إلى التخبط في السياسات الاقتصادية والضرائب المتغيرة.
وعلاوة على ذلك، هناك ظاهرة "التاجر العميل"، الذي يشتري السيارات بكميات كبيرة دون أن يكون له دور فعال في القطاع، مما يؤدي إلى تخزينها وانتظار ارتفاع الأسعار ثم يبيعها، مما يسفر عن توقف في السوق وظاهرة الأوفر برايس.
وبالإضافة إلى ذلك، يواجه سوق السيارات في مصر تحدياً هيكلياً بسبب قلة حجمه، حيث يتم بيع نحو 90 ألفا إلى 100 ألف سيارة سنوياً فقط، مما يجعله سوقاً ضعيفاً بالمقارنة مع أسواق أخرى كبيرة مثل الصين التي تنتج ما لا يقل عن 33 مليون سيارة سنوياً، مع تصدير 3 مليون منها فقط، والباقي يغطي به احتياجات السوق المحلي.
كيف تؤثر التكنولوجيا والابتكارات الحديثة على صناعة السيارات؟
تأثير التكنولوجيا والابتكارات الحديثة على قطاع السيارات لا يمكن إغفاله، حيث تعد هذه التطورات الفنية الجديدة عاملًا رئيسيًا في دفع الصناعة نحو الأمام.
ففي الوقت الحاضر، يلاحظ أن جميع السيارات الجديدة التي تصل إلى الأسواق مزودة بتقنيات عالية سواء في المحركات، أنظمة الفتيس، أو المواصفات الخاصة بالتحكم.
وتضيف تلك التكنولوجيات الجديدة قيمة كبيرة للمنتجات وتحسن من أدائها وكفاءتها، مما يعزز من جاذبيتها لدى المستهلكين ويحفزهم على الشراء.
في رأيك ما الخطوات التي يجب اتخاذها لتعزيز التصنيع المحلي وجعله أكثر تنافسية؟
كما ذكرنا سابقًا أن هناك بعض الصعوبات التي تواجه صناعة السيارات المجمعة محليًا، من بينها الاتفاقيات الدولية وتأثيرها على أسعار السيارات المحلية بسبب التكاليف الجمركية، حيث يتطلب الوضع الراهن اتخاذ خطوات حاسمة لتحسين الوضع وتعزيز الصناعة المحلية.
ومن أبرز الخطوات التي يجب أن نتبعها هي وضع تصور لإعفاء السيارات المصنعة محليًا من الرسوم الجمركية، على غرار السيارات المستوردة من أوروبا.
وسيسهم هذا الإجراء في تقليل التكاليف وزيادة تنافسية المنتجات المحلية في السوق.
ثانيًا، يجب التركيز على تسديد الضرائب المتعلقة بالإنتاج والتصنيع أثناء عملية البيع، مما يضمن توفير الشفافية المالية والتزام الكامل بالتشريعات الضريبية المحلية.
وثالثًا، يجب أن نركز بشكل خاص على تطوير قطاع السيارات الكهربائية، حيث يعد هذا القطاع الوحيد الذي يمكننا فيه المنافسة على المستوى العالمي وتحقيق نجاحات ملموسة.
وبالتالي، يمكننا تعزيز قدرتنا على تلبية الاحتياجات المحلية والإقليمية لهذه التكنولوجيا المتقدمة.
ومن خلال اتخاذ هذه الخطوات الاستراتيجية، سنكون قادرين على تعزيز نمو واستدامة صناعتنا المحلية للسيارات، وتحقيق مكاسب اقتصادية مهمة على المدى الطويل.
هل هناك تحديات خاصة تتعلق بالبنية التحتية أو التدريب الفني للعمال في هذا القطاع؟
تتعلق التحديات في هذا القطاع ببنية الشحن التي تعد أحد أهم عوامل نجاح تبني السيارات الكهربائية، فعلى الرغم من التطور السريع في التكنولوجيا، فإن نقص البنية التحتية اللازمة للشحن يمثل عقبة كبيرة.
وبالإضافة إلى مشكلة عدم توافر المواصفات القياسية المناسبة التي تحدد معايير الجودة والأمان في الصناعة، فعدم وجود أجهزة قياسات في الموانئ والمصانع يعيق القدرة على تنفيذ هذه المواصفات بشكل فعال ومنتظم، مما يؤثر سلباً على جودة المنتج النهائي وقدرته على المنافسة في الأسواق العالمية.
ما السياسات الضرورية التي يجب تبنيها لدعم الابتكار في صناعة السيارات؟
أعتقد أن السياسات المطلوبة في الوقت الحالي، هي إنشاء لجنة متخصصة لتحديد ودراسة كافة التحديات والمشاكل التي تحتاج إلى معالجة فورية في هذا القطاع.
ويجب أن تقوم تلك اللجنة بدراسات شاملة لهذه التحديات، ووضع نقاط أساسية للعمل عليها، بما في ذلك تحديد كيفية حل هذه المشاكل والزمن المطلوب لتنفيذ هذه الحلول المقترحة.
وأعتقد أنه إذا تمكنا من إنشاء لجنة تضم ممثلين من وزارات الكهرباء، والصناعة، والبيئة لتحديد ودراسة كافة العقبات والمشاكل المماثلة، سيسهم ذلك بشكل فعال في تهيئة البيئة المناسبة وتذليل العقبات قبل بدء عمليات إنشاء صناعة السيارات الكهربائية، مما يعزز من نجاح واستدامة هذا القطاع الحيوي في المستقبل.