البلدان المنتجة للغاز الطبيعي التقليدي، والتي تُعتبر المزود الرئيسي للأسواق الدولية في الوقت الحاضر.
يتغير بسرعة ميزان الطاقة الخليجي متأثراً بالعديد من العوامل، سواء تلك الخاصة بتوجهات دول مجلس التعاون لتنويع مصادر الطاقة باتجاه التوسع في استخدامات الطاقة النظيفة والمتجددة، أو بما تفرضه التكنولوجيا من تقدم يتيح فرصاً جديدة لتطوير واستغلال الثروات النفطية والغازية المتوفرة في دول المجلس.
سيتزامن إنتاج الغاز الصخري الخليجي مع إنتاج مماثل في العديد من بلدان العالم، بما فيها الصين والهند والبرازيل التي سترفع إنتاجها مستقبلًا، مما سيجد له انعكاسات مؤثرة على أسعار الغاز الطبيعي المتداعية أصلا في الأسواق الدولية.
ولنأخذ على سبيل المثال التطور الهائل لاستخراج النفط والغاز الصخريين، واللذين حوّلا الولايات المتحدة إلى دولة مُصدرة للغاز الطبيعي، وعززا من تلبية احتياجاتها من النفط من مصادر محلية، حيث يمكن لهذه التقنيات أن تساهم في تغيير هيكلية مصادر الطاقة الخليجية لتتناسب ومتطلباتها التنموية، وذلك من خلال إنتاج النفط والغاز الصخريين المتوفرين بغزارة في دول المجلس، وبالأخص الإمارات والسعودية وعُمان.
ففي السعودية من المقرر أن يتم لأول مرة إنتاج الغاز الصخري نهاية شهر مارس الجاري من حقل «الجافورة»، والذي سيمد مشروع «وعد الشمال» باحتياجاته من الطاقة، وبالأخص الطاقة الكهربائية، هذا الحقل العملاق، يضاهي حقل «إيجل فورد»، الأميركي للنفط الصخري نهاية العام الجاري ليساهم في تلبية الاحتياجات المتزايدة للغاز في المملكة، وربما يحولها إلى مُصدّر للغاز الطبيعي مستقبلاً، لقد شكل هذا الاكتشاف تغيراً كبيراً في ميزان الطاقة السعودي؛ والذي أصبحت بواسطته المملكة تحتل المركز الخامس عالمياً في حجم احتياطيات الغاز الطبيعي، حيث يحتوي هذا الحقل على 600 تريليون قدم مكعب من الغاز، وذلك إلى جانب احتياطياتها من الغاز التقليدي والمصاحب للنفط.
ومن الأهمية بمكان الإشارة إلى أن إنتاج الطاقة الكهربائية وتطوير الصناعات البتروكيماوية يعتمدان بصورة كبيرة على الغاز، كمادة أولية، حيث تفتح عملية البدء في إنتاج الغاز الصخري الباب أمام الاكتفاء الذاتي وتلبية الطلب المستقبلي من مصادر داخلية، سواء في الإمارات أم السعودية وعُمان، بل وربما الكويت والبحرين.
والحال، فإن كافة العوامل متوفرة لإنتاج الغاز الصخري في الدول الخمس، فارتفاع أسعار النفط يوفر الاستثمارات اللازمة، كما أن الدراسات الأولية بينت وجود مكامن بكميات تجارية لإنتاج الغاز الصخري، إضافة إلى أن التكنولوجيا الخاصة بعمليات الإنتاج متاحة، وبالأخص إذا ما تم التعاون مع شركات عالمية لتطوير عملية الإنتاج، إذ يمكن في هذا الصدد أيضاً استقطاب رؤوس أموال من خلال شركات محلية مساهمة، أو من خلال مستثمرين من القطاع الخاص، وبالأخص في بعض الدول التي ربما تحتاج لاستثمارات، مما سيعزز مساهمة القطاع الخاص في التنمية ويدعم أسواق المال المحلية.
بالتأكيد سيتزامن إنتاج الغاز الصخري الخليجي مع إنتاج مماثل في العديد من بلدان العالم، بما فيها الصين والهند والبرازيل التي سترفع إنتاجها مستقبلًا، مما سيجد له انعكاسات مؤثرة على أسعار الغاز الطبيعي المتداعية أصلاً في الأسواق الدولية، إلا أن تأثيرات الأسعار ستكون إيجابية على الدول الخليجية الخمس، على اعتبار أنها ستوفر لها مصادر دخل جديدة ستساهم في زيادة العائدات لتمويل الموازنات السنوية وزيادة الانفاق الاستثماري، وذلك رغم التوقعات الخاصة بانخفاض أسعار الغاز.
أما البلدان المنتجة للغاز الطبيعي التقليدي، والتي تُعتبر المزود الرئيسي للأسواق الدولية في الوقت الحاضر، كإيران وقطر فسوف تتأثر سلباً بإنتاج الغاز الصخري الخليجي، إذا كانت ستحقق الدول الخمس الاكتفاء الذاتي أو ستنخفض الواردات منه، كما أن إمكانية تحول إحدى الدول الخمس إلى مصدر للغاز الصخري سيحولها إلى منافس في سوق الغاز الإقليمية والدولية، من هنا تأتي أهمية استكشاف وإنتاج الغاز الصخري بالسرعة الممكنة لتلبية الطلب المتزايد على الغاز، وتوفير مصادر مستقرة ومضمونة لتنمية العديد من الصناعات، وبالأخص البتروكيماوية وتعزيز الاستقلال في مجال الطاقة.
نقلا عن "الاتحاد"
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة