العمل الخيري والصدقة في رمضان.. بركة في الرزق وكفارة للذنب
الصدقة من أفضل وأحب الأعمال إلى الله، وفي شهر رمضان يأتي ثوابها مُضاعفا لأنها تُغني الفقير وتدفع عنه السؤال، كما أنها خير تطوع يقوم به المسلم.. فكيف نأتي بها؟ الصدقة عملٌ تطوعي نحرص جميعا على الإتيان به، ويُقصد بها إنفاق المال أو نحوه مثل التطوع في تجهيز
الصدقة عملٌ تطوعي نحرص جميعا على الإتيان به، ويُقصد بها إنفاق المال أو نحوه مثل التطوع في تجهيز وجبات الإطعام أو أعمال البر كافة، على أن تكون بنية قصد ثواب الآخرة، وهدفها أن تعزز التكافل المجتمعي والتعاون والتراحم بين أفراده، فهي توجه للفقراء والمساكين وأصحاب الحاجة وتُغنيهم وتساهم في تحسين أحوالهم، ولذلك يأتي ثواب الصدقة في رمضان أكبر وأعظم.
فضل الصدقة في رمضان
الطاعة في شهر رمضان مُضاعفة وتصل إلى سبعين ضعفا، كما أوضحت دار الإفتاء المصرية، فالإكثار من خصال الخير في الشهر الكريم تعادل فريضة فيمن سواه، والفريضة فيه أجرها يصل إلى سبعين فريضة، مما يعني أن الحرص على الصدقة بالبر والتقوى والإنفاق على ذوي القربى واليتامى والمساكين.
وعن فضل الصدقة قال أبو هريرة رضي الله عنه إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "سَبْعَةٌ يُظِلُّهُمُ اللَّهُ تَعَالَى في ظِلِّهِ يَومَ لا ظِلَّ إلَّا ظِلُّهُ: إمَامٌ عَدْلٌ، وشَابٌّ نَشَأَ في عِبَادَةِ اللَّهِ، ورَجُلٌ قَلْبُهُ مُعَلَّقٌ في المَسَاجِدِ، ورَجُلَانِ تَحَابَّا في اللَّهِ، اجْتَمعا عليه وتَفَرَّقَا عليه، ورَجُلٌ دَعَتْهُ امْرَأَةٌ ذَاتُ مَنْصِبٍ وجَمَالٍ فَقالَ: إنِّي أَخَافُ اللَّهَ، ورَجُلٌ تَصَدَّقَ بصَدَقَةٍ فأخْفَاهَا حتَّى لا تَعْلَمَ شِمَالُهُ ما تُنْفِقُ يَمِينُهُ، ورَجُلٌ ذَكَرَ اللَّهَ خَالِيًا، فَفَاضَتْ عَيْنَاهُ"
الإنفاق والصدقة تكفر الذنوب وتبارك في الرزق وتُطفئ غضب الرب، كما أنها تطهير للنفس ويقبلها الله ويزيدها لصاحبها، فقال الله تعالى في كتابه "ويُربي الصدقات"، والحرص على العطاء في شهر رمضان شهر الإنفاق، الذي تتضاعف فيه الأعمال جميعا ولو بشق تمرة"، فرصة للمشاركة في مواساتهم وجبر خواطرهم وإغنائهم عن السؤال.
أفضل الصدقة في رمضان
تكثر الأعمال الخيرية في رمضان من تبرعات مادية وعينية للمستشفيات والمرضى والفقراء واليتامى، أو المساهمة في توزيع وجبات الإفطار على الصائمين، أو تجهيز حقائب رمضان بمكونات الأغذية للأسر الفقيرة، أو لتطوع لمساعدة الغير بهدف نيل ثواب الآخرة.
ويذكر الفقهاء زكاة الفطر باعتبارها من أعمال البر الواجبة في الشهر الكريم، بينما أفضل الصدقات هي ما روي عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، قال:
"أَفْضَلُ الصَّدَقَةِ، أوْ خَيْرُ الصَّدَقَةِ عن ظَهْرِ غِنًى، والْيَدُ العُلْيا خَيْرٌ مِنَ اليَدِ السُّفْلَى، وابْدَأْ بمَن تَعُولُ"
أي أن الصدقة الحسنة هي التي يأتي بها المسلم بعد أن يقضي حاجة نفسه وأسرته، كما أن تُغني المحتاج وتقيه شر السؤال، والأفضل الإنفاق على المحتاجين من الأقارب والمعارف أولا.
أحاديث عن فضل الصدقة في رمضان
وعن فضل الصدقة في كل وقت، وخاصة في شهر رمضان، وردت كثير من الأحاديث النبوية الشريفة التي تحث على إتيان الزكاة والصدقات باعتبارها تزكية وتطهير للنفس من الذنوب وكفارة عن كل إثم، ومنها:
روي عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما: "كان رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم أجودَ الناسِ بالخيرِ، وكان أجودَ ما يكون في شهرِ رمضانَ حتى ينسلِخَ، فيأتيه جبريلُ فيعرضُ عليه القرآنَ، فإذا لقِيَه جبريلُ كان رسولُ اللهِ أجودَ بالخيرِ من الرِّيحِ الْمُرسَلَةِ"
وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "نِعْمَ الصَّدَقَةُ اللِّقْحَةُ الصَّفِيُّ مِنْحَةً، والشَّاةُ الصَّفِيُّ مِنْحَةً، تَغْدُو بإناءٍ، وتَرُوحُ بآخَرَ".
وروى أبو هريرة رضي الله عنه "أن رجل قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم: يا رَسولَ اللَّهِ أيُّ الصَّدَقَةِ أفْضَلُ؟ قَالَ: أنْ تَصَدَّقَ وأَنْتَ صَحِيحٌ حَرِيصٌ، تَأْمُلُ الغِنَى، وتَخْشَى الفَقْرَ، ولَا تُمْهِلْ حتَّى إذَا بَلَغَتِ الحُلْقُومَ، قُلْتَ لِفُلَانٍ كَذَا، ولِفُلَانٍ كَذَا، وقدْ كانَ لِفُلَانٍ"
وعن أشكال الصدقة التي قد تبدو حتى في السلوك اليومي للمسلم قال أبو هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
"كُلُّ سُلامَى مِنَ النَّاسِ عليه صَدَقَةٌ، كُلَّ يَومٍ تَطْلُعُ فيه الشَّمْسُ، يَعْدِلُ بيْنَ الِاثْنَيْنِ صَدَقَةٌ، ويُعِينُ الرَّجُلَ علَى دابَّتِهِ فَيَحْمِلُ عليها، أوْ يَرْفَعُ عليها مَتاعَهُ صَدَقَةٌ، والكَلِمَةُ الطَّيِّبَةُ صَدَقَةٌ، وكُلُّ خُطْوَةٍ يَخْطُوها إلى الصَّلاةِ صَدَقَةٌ، ويُمِيطُ الأذَى عَنِ الطَّرِيقِ صَدَقَةٌ"
وقيام المسلم بالتصدق في رمضان يكفر الذنوب عنه جميعا، كما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم حين قال: "مَنْ فَطَّرَ صَائِمًا كَانَ لَهُ مِثْلُ أَجْرِهِ، غَيْرَ أَنَّهُ لَا يَنْقُصُ مِنْ أَجْرِ الصَّائِمِ شَيْئً"
أهمية العمل الخيري في شهر رمضان
جاء الإسلام كي يرسخ للرحمة بين الناس، بهدف أن يسود السلام بين البشر وينتشر بينهم فعل الخيرات تحقيقا للتكافل والتراحم فيما بينهم، كما ذكر الله تعالى في كتابه الكريم: "وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ"، ولتحقيق الرحمة يجب أن يتحاب الناس فما بينهم، ويُفرض عليهم التعاون والتكافل المجتمعي.
وفي شهر رمضان شهر الخير والمغفرة والعتق من النار، يسعى المسلمون إلى نيل الثواب ليكون مُضاعفا، عبر الصلاة وقيام الليل والصدقة أيضا، التي يأتي فضلها في الشهر الكريم أكبر، لأن أثر الصدقة على الفقراء والمحتاجين خلال شهر رمضان يحقق ما أوصى به رسول الله بأن تكون الزكاة والصدقات لتغنيهم وتُدخل السرور على قلوبهم.
وقد تكون الصدقة: إطعام الطعام، كفالة اليتامى، إعداد موائد الرحمن، التطوع في تعليم الأطفال وتوزيع الوجبات، والحرص على البر والأعمال الخيرية في رمضان يساهم في:
- تزكية النفس وتطهيرها من الذنوب.
- التقرب إلى الله.
- مضاعفة الحسنات.
- تحصين القلب أمام المعاصي والمكاره.
- يعزز التعاون والشعور بالآخرين.
- يقوي الصلات المجتمعية ويُعلي من قيمة التكافل الاجتماعي.
احرصوا على الصدقة في شهر رمضان فهي من أحب الأعمال التي يتقرب بها العبد إلى ربه.