إشادات بعرض "تشارلي" في السعودية.. ونقاد: هذه أسباب تراجع المسرح المصري (خاص)
نالت مسرحية "تشارلي تشابلن" المعروضة حاليًا ضمن موسم الرياض بالمملكة العربية السعودية إشادات واسعة من الجماهير وصناع المسرح والنقاد.
وعلى مواقع التواصل الاجتماعي، أبدى الجمهور إعجابه بالعرض المسرحي، مع تعليقات تتراوح بين ترشيحه للمشاهدة، وأخرى تشيد بالمستوى العالي للإخراج والتمثيل.
واحتفى السيناريست المصري مدحت العدل، مؤلف المسرحية، بالعرض الأول في منطقة بوليفارد الرياض، وكتب عبر "تويتر": "لا بد أن أشيد بالجمهور السعودي العظيم وردة فعله المذهلة والمشجعة للعرض".
وأضاف السيناريست المصري: "هذا العرض يحتاج إلى ثقافة وتذوق من نوع خاص"، متوجهًا بالشكر إلى هيئة الترفية السعودية على "وقوفها بجانب العرض وإيمانها بالقوة الناعمة وتأثيرها"، وكذلك فريق العمل.
وفي المقابل، أثار عرض "تشارلي" وغيره من عروض موسم الرياض جدلًا بين صناع المسرح في مصر، واعتبره البعض بابًا لـ"هجرة الفنانين المصريين إلى الخارج في ظل تراجع كبير للمسرح المصري".
واستطلعت "العين الإخبارية" آراء نقاد ومسرحيين حول العرض، واعتبر أحمد عبدالرازق أبو العلا، عضو لجنة القراءة بالمسرح القومي في مصر، أن عروض موسم الرياض تشبه "مسرح القطاع الخاص".
"مسرح تجاري"
وقال "أبو العلا" إن عروض موسم الرياض تخضع لشروط "بعيدة عن المسرح والفن"، مضيفًا: "أنا ضد مسرح القطاع الخاص والمسرح التجاري الذي كان متواجدًا في مصر"، مشيرًا إلى أن "موسم الرياض يستقطب الفنانين المصريين بعيدًا عن مسرح الدولة في مصر، وهذه مسألة مهمة جدًا".
واعتبر أن "مصر لم تعد تهتم بالمسرح"، وموسم الرياض أصبح "مصدر دخل ورزق للكثير من الفنانين المصريين، وهم في النهاية بشر ويريدون إعالة أسرهم، وبالتالي لا أحد ينكر عليهم التوجه إلى السعودية".
وأردف الناقد المسرحي: "الدولة تهمل الفنانين والكتاب، إذًا من حقهم أن ينطلقوا، ولا يمكننا أن نلومهم، لأنهم لم يجدوا العناية في بلدهم ووجدوا الإهمال من مسؤولي المسرح".
"الفنان المصري مُهان"
وقال "أبوالعلا" إن عروض موسم الرياض "ترفيهية وليست فنًا مسرحيًا، وفنيًا أنا ضد هذا الاتجاه، ولكن التقييم الموضوعي هو أن الفنان المصري مٌهان من بلده، وكثيرمن الفنانين قاعدين في البيوت".
ودعا إلى "إعادة الاهتمام بمسرح الدولة، وحينها يمكن لموسم الرياض أن يأخذ العروض المصرية الناجحة، دون الحاجة إلى إنتاج عروض خاصة له، وستكون عروض جادة تحمل رسالة وتحقق الربحية والجماهيرية".
وانتقد "أبوالعلا" غياب دور المؤلف المسرحي في العروض المصرية، قائلًا: "هذه كارثة، والموسم الماضي لم نر عرضًا واحدًا لمؤلف مسرحي، وكل العروض كانت عبارة عن إعداد من أجل توفير أجرة المؤلف".
واختتم: "غياب المؤلف المسرحي يؤدي لانهيار المسرح المصري، وفي المقابل لا يوجد عرض في موسم الرياض اسمه إعداد، وكل العروض عبارة عن تأليف ونصوص مسرحية، وبالتالي عندما تشارك عروض مصرية في المهرجانات الخارجية ينكشف حال المسرح المصري ويرجع بخفي حنين".
"الترفيه ليس سُبة"
في المقابل، دافع الناقد الفني المصري طارق الشناوي عن عروض موسم الرياض، معتبرًا أن صفة الترفيه والجماهيرية أو التجارية لا تعتبر سبة للعرض، وأن نجاح عروض موسم الرياض تصب في مصلحة الجميع.
وقال "الشناوي": "أي نجاح طبقًا لنظرية الأواني المستطرقة يصب في مصلحة الجميع، وعرض (تشارلي) مؤلفه ومخرجه وبطله جميعهم مصريون، وما ينقصنا هو الإنتاج فقط، وبالتالي هذا النجاح يمكننا استثماره لعمل نجاح مواز له، لكن لا بد من توافر عقلية اقتصادية في مصر تحيل الأفكار لأعمال فنية تدر ربحًا".
وأضاف لـ"العين الإخبارية": "يجب التغلب على حجة تراجع ميزانية الإنتاج المسرحي بحلول غير تقليدية، مثل تمويل الإنتاج ذاتيًا، فما المانع من إنتاج أعمال ويكون للمخرج والمؤلف أجر متفق عليه يتلقاه من الشباك، وبالتالي تجد الأفكار المتوقفة فرصة لإنتاجها، وبهذا فإن النجاح يشعل بداخلنا الرغبة في المزيد".
ما البديل؟
وأشار "الشناوي" إلى أن المسرح السعودي "ليس تجاريًا أو ترفيهيًا باستمرار"، بدليل أنه قدم مسرحية "الملك لير" ليحيى الفخراني، مضيفًا: "صفة التجارية والترفيه بحد ذاتها ليست سبة، وإذا كان العمل ترفيهيًا ويدر ربحًا فهذا ليس عيبًا، وتظل الأطياف كلها متوفرة، وعرض تشارلي يقدم شخصية عالمية لها سحر وإلهام، فما التجارة في ذلك، والتجارية هي الوجه الآخر للجماهيرية، وأحيانًا تكون هناك ظلال تظلم الكلمة".
وتساءل الناقد الفني المصري: "ماذا قدمنا نحن في مصر؟ جيراننا ينتجون ويقدمون أعمالًا وأنت بتعمل ايه! وما البديل؟ هل نمنع الفنان المصري من السعودية؟ حينها لن يكون هناك إنتاج في مصر ولا في السعودية، فما وجه الاستفادة في ذلك؟ وهؤلاء الفنانون كانوا متواجدين بمصر فلماذا لم يستغلوا؟".
من جهتها، ترى الناقدة الفنية المصرية ماجدة خير الله أن "تراجع المسرح المصري أمر كارثي، لأن مصر كانت دائمًا رائدة العلوم والآداب والفنون في محيطها، لكنها الآن تتراجع عن عمد وبإصرار".
وأضافت لـ"العين الإخبارية": "يمكننا القول إن مصر الآن بلا مسرح، والسينما فيها متوعكة، وهذا الأمر لا يقتصر على المال فقط، ولا بد من الوصول إلى أسلوب تفكير مختلف إذا كنا جادين وراغبين في التقدم".
"كارثة"
وعن نجاح عروض موسم الرياض، قالت "خير الله": "هنا الأمر مختلف، جميع الأطراف في المملكة تخدم بلدها، حتى إذا تطلب الأمر استعارة خبرات من الخارج، ولديهم المال والنوايا والحسنة لهذا النجاح".
وأردفت: "السعودية تستورد كل عناصر الفن من مصر التي تحتفظ بالتميز في هذا المجال، لكن الدول الأخرى ستسبقنا (مصر)، لأنها توفد فنانينها إلى الخارج، وهذا سيؤدي لتراكم الخبرات وترقية العنصر البشري".
ودعت الناقدة المصرية إلى إعادة الاهتمام بالفنون في المدارس: "قديمًا كان هناك حصة موسيقى وحفلات نهاية العام الدراسي وتمثيل ومسرحيات مصرية وأجنبية، والاهتمام بالفنون هو الوسيلة التي ستخلق أجيالًا واعية".
وحذرت "خير الله": "إذا تركنا الفنون فستكون كارثة، ونحن نعيشها الآن، وقلة ميزانية الإنتاج هي أحد عوامل التراجع لكن بالتفكير والتخطيط والنوايا الجيدة وبتعاون فناني مصر ودعمهم يمكننا استعادة مكانتنا الفنية".
aXA6IDMuMTQ0LjMxLjg2IA== جزيرة ام اند امز