مسرحية الشعراوي تثير غضب "التنويريين" في مصر: "ليس نبيًا" (خاص)
لم تمر ساعات على إعلان المسرح القومي المصري إنتاج مسرحية عن الشيخ محمد متولي الشعراوي، حتى ثارت ثائرة "التنويريين" لإجهاض الفكرة.
وأمام الانتقادات، أعلن الفنان إيهاب فهمي، مدير المسرح القومي التابع لوزارة الثقافة المصرية، تأجيل إنتاج المسرحية لمراجعة النص، وهو ما اعتبره نقاد فنيون "تراجعًا مستترًا".
وكانت البداية عندما انتقد الطبيب المصري خالد منتصر اعتزام المسرح القومي إنتاج وتقديم مسرحية تتناول سيرة الشيخ الشعراوي، الذي تقلد حقيبة وزارة الأوقاف في عهد الرئيس الراحل محمد أنور السادات.
وشن "منتصر" هجومًا حادًا على المسرح القومي المصري، وتبعته الكاتبة الصحفية سحر الجعارة، والنائبة المصرية فريدة الشوباشي، عضو مجلس النواب، التي تقدمت بطلب إحاطة للبرلمان لمنع إنتاج المسرحية.
وتساءلت "الشوباشي" في طلبها: "كيف يقوم المسرح القومي التابع لوزارة الثقافة بإنتاج مسرحية عن الشعراوي، الشيخ الذي سجد (لله شكرًا) على هزيمة 1967، وقال بثقة إنه فرح لهزيمة مصر".
وبعد يوم واحد، عاد الطبيب خالد منتصر ليعلن تراجع وزارة الثقافة عن إنتاج المسرحية، وكتب عبر حسابه على "فيسبوك": "تحرك من وزارة الثقافة استجابة للتنوير، مفيش مسرحية ولا أمسية عن الشعراوي".
من جهته، قال الفنان إيهاب فهمي، مدير المسرح القومي، إن ما أثير حول مسرحية الشيخ الشعراوي يأتي ضمن أمسيات ثقافية وفنية تحمل شعار "السيرة"، وتستعرض تاريخ قامات مصرية في جميع المجالات.
أمسية الشيخ الشعراوي
وأضاف "فهمي" لـ"العين الإخبارية" أن الهدف من الأمسيات هو "التعريف بتاريخ الرموز الوطنية وتأثيرها في مسيرة التنوير"، مشيرًا إلى أن أمسيات "السيرة" ستبدأ بالأديب العالمي نجيب محفوظ والإمام محمد عبده.
وعن الجدل المثار حول مسرحية وأمسية الشعراوي، أوضح "فهمي" أن الأمسية كان مقررا أن تعرض لليلة واحدة فقط ضمن إمساكية رمضان 2023، مضيفًا أن لجنة القراءة طلبت إعادة صياغة النص دراميًا.
وأيّد الناقد الفني المصري طارق الشناوي الانتقادات الموجهة إلى مسرحية وأمسية الشعراوي، قائلًا إن هذه الانتقادات لم تصدر من التنويريين فقط، بل من كل مصري لديه "حس وطني ورحابة في فهم الدين".
ورفض "الشناوي"، في حديثه لـ"العين الإخبارية"، قصر حملة الرفض الموجهة لإنتاج المسرحية على فئة التنويرين، قائلًا: "كلمة تنويري يساء تفسيرها أحيانًا، وقد يعتبرها البعض إشارة إلى العلمانية ورفض الدين".
الشناوي: "الشعراوي ضد الفن"
وأضاف: "في رأيي، آراء الشيخ الشعراوي تبتعد تماما عن العصر، وأفكاره كانت دائمًا سلبية تجاه الفن، ومنها الدعوة لتحجيب الفنانات، ودفع الكوميديان الجميل حسن عابدين للاعتزال، ودفع حسن يوسف إلى التزمت".
واعتبر "الشناوي" أن آراء الشعراوي كانت تحضّ ضد المسيحيين وتهمّش دور العلم: "الشعراوي كان يرفض زراعة الأعضاء، وإذا كان هناك مريض يخضع لجلسات غسيل كلوي كان يدعوه لوقف العلاج ولقاء الله!".
ووصف الناقد الفني المصري آراء الشيخ الشعراوي بـ"الرجعية"، منتقدًا إدراج اسمه في خطة المسرح القومي للاحتفاء برموز الوطن، قائلًا: "كان على المسرح القومي أن ينظر جيدًا، قبل أن يقع اختياره على الشعراوي".
ويرى "الشناوي" أن المجتمع المصر يعاني حاليًا من "انغلاق الفكر"، مضيفًا: "لا ننتظر من المسرح القومي أن يعمّق هذا الانغلاق"، مشيرًا إلى أن وزارة الثقافة لم تعلن صراحة التراجع عن إنتاج مسرحية الشعراوي.
"تراجع مستتر"
وأضاف: "إيهاب فهمي قال إنه النص في مرحلة المراجعة الدرامية، وهذا في رأيي تراجع مستتر بعد ردود الفعل السلبية"، متسائلًا: "كيف يكون النص في مرحلة المراجعة مع أنك عرضت الدور على كمال أبو رية؟!".
واعتبر "الشناوي" أن وزارة الثقافة وضعت في اعتبارها مريدي الشيخ الشعراوي خشية التسبب في غضبهم، لذا لم تعلن تراجعها صراحة، وراحت تبحث عن مخارج أخرى لامتصاص الانتقادات وردود الفعل الرافضة.
وختم "الشناوي" قائلًا: "الشعراوي صاحب كاريزما قوية، لا ننكر ذلك، ولكن يجب أن نضع في الاعتبار أن هتلر أيضًا كانت له كاريزما وكذلك راسبوتين، فالكاريزما ليست قرينة بأن يكون صاحبها على صواب".
ورفضت الكاتبة الصحفية سحر الجعارة تقديم سيرة الشيخ الشعراوي في أي عمل فني، قائلة: "أنا ضد تقديس الشعراوي وجعله نصف إله، هذا الرجل أخطأ وكانت له آراء سلبية ورجعية، مثل تحريم زراعة الأعضاء".
الجعارة: "رجل ضد الإنسانية"
وأضافت "الجعارة" لـ"العين الإخبارية": "فتاوى الشعراوي سببت الضرر لملايين البشر في حياته وفي مماته، فقد أفتى بهدر دم تارك الصلاة، وكان يحرض ضد المسيحيين، وهو في رأيي رجل ضد الإنسانية".
وتابعت: "الشعراوي ليس نبيا، هو إنسان يخطئ ويصيب، وإذا استمررنا في تعظيم آرائه وأفكاره الدموية فسنحوله إلى نصف إله. لا بد من التخلص من هذه الأفكار، لأن الأديان لا تدعونا لنكون جزارين".
وختمت: "لا أصنام في التاريخ، والشعراوي كانت له أخطاء جسيمة، وكان يعتبر ختان الإناث فريضة، كما أنه سجد شكرًا لله عند هزيمة 1967، فكيف نكرمه في عمل فني، ألا يكفي مسلسل إمام الدعاة؟!".
aXA6IDE4LjIyNS4xNzUuMjMwIA== جزيرة ام اند امز