"العين الإخبارية" تقتحم عالم "اللا إنجابيين" العرب: أسباب شتّى والفكرة واحدة
شهد بعض المجتمعات العربية خلال السنوات الأخيرة علو صوت شباب يطلقون على أنفسهم "لا إنجابيين" يدعون لعدم إنجاب الأطفال لأسباب مختلفة.
اللا إنجابيون فئة تتبنى فلسفة تدعو لعدم الإنجاب لاعتبارات عدة، من بينها أن إنجاب الأطفال مسألة غير أخلاقية لم تستند إلى أخذ رأي الطفل قبل إحضاره إلى الحياة، وبالتالي تم إجباره على الحياة ومعاناتها.
ويرون كذلك عدم وجود داع لإنجاب طفل سينتهي به الأمر إلى العدم بالوفاة، فضلاً عن رؤيتهم لعدم الإنجاب في ظل الظروف الاقتصادية والاجتماعية الحالية والحروب والمجاعات والأوبئة.
وخلال السنوات الماضية، حظيت فلسفة "اللا إنجابية" أو Antinatalism بصدى أكبر في الوطن العربي ترجمه عدد الصفحات التي دُشِّنت لدعم هذا التوجه عبر مواقع التواصل الاجتماعي، ومن بينها صفحات: "Antinatalism - ضدّ التّناسل" وعدد مشتركيها تقريباً 113 ألفاً، و"لا إنجابي مصري" وعدد مشتركيها 21 ألفاً، و"ضد التناسل.. ضد الإنجاب" وعدد مشتركيها 15 ألفاً، و"زواج وتعارف لا إنجابيين"، وغيرها صفحات أخرى.
"العين الإخبارية" استطلعت آراء بعض الشباب الذين يتبنون هذه الفكرة، الذين يرى بعضهم أن هناك فكراً وسطياً بين عشوائية التناسل ومنع التناسل.
التخطيط للتناسل هو الحل
المصري ماجد هاشم كيلاني، صاحب فيديو "اللا إنجابية والقانون" تحدّث عن أصل فكرة عدم الإنجاب ولماذا بات يتبناها عدد أكبر من العرب.
وقال كيلاني (35 عاماً) لـ"العين الإخبارية" إنه يؤيد التخطيط للتناسل كفكر وسطي بين عشوائية التناسل ومنع التناسل.
وأوضح: "اللا إنجاب في الأصل نظرية فلسفية مبنية على النظرة التشاؤمية والسوداوية للحياة، بمعنى (لماذا أنجب أطفالاً في عالم مليء بالأمراض والأوبئة والحروب والمشكلات وفي النهاية سيموتون؟)".
وأصاف: "هذه نظرية قديمة لكن نبرتها علت مؤخراً بسبب عوامل دولية وسياسية واقتصادية واجتماعية ودينية".
ورأى الكيلاني أن "اللا انجابية" حركة استثنائية في الأساس، ومنطق أصحابها يقوم على أنه من باب الإرادة لماذا أرغم طفلاً على المجيء لحياة كلها ألم وبؤس وتنتهي بالعدم.
واعتبر أن الوسطية بين الفكرين هو الأفضل، مضيفاً: "لو شخص فقير يعيش في دولة بها مجاعات وحروب وكوارث ولا تدعم إنجاب الأطفال فالأفضل له ألا ينجب، بعكس شخص غني يعيش في دولة تحترم حقوق الطفل وتدعم الإنجاب اقتصادياً والحياة جيدة فيها فلماذا لا ينجب؟".
الإنجاب لا يخدم الأطفال!
صانع المحتوى العراقي "أبولو" (25 عاماً) أحد الرافضين بشدة لفكرة الإنجاب لعدة أسباب، على رأسها عوامل مجتمعية وصحية وسياسية.
وتحدث أبولو لـ"العين الإخبارية"، متسائلاً: "ما الغاية من الإنجاب؟ ما هي الغاية التي تصب في مصلحة الطفل لإحضاره للحياة؟".
وأجاب: "لا يوجد، وكل ما يحدث أننا نحضر أطفالاً ونربيهم وفق قواعد مجتمعية معينة، وفي مقابلها نريد من هؤلاء الأطفال خدمة آبائهم عندما يكبرون، وهذه الفكرة أشبه بشراء العبيد".
وأضاف: "إذا تحدثنا عن تربية وحياة الطفل، فهل بيئته ستتقبله بمختلف ميوله وتوجهاته وأفكاره خاصة إذا كانت البيئة مغلقة؟"، واستطرد: "بالتأكيد مستحيل وقد ينتهي الأمر بقتله".
وأكمل: "أما في حالة الفتيات فالأمر أصعب، إذ تتعرض للتعنيف الأسري أو القتل إذا حاولت التعبير عن رغباتها أو أفكارها بحرية".
"أبولو" تطرق لمشكلات تعانيها النساء حال قررن الإنجاب تدفعه لتأييد فكرة عدم الإنجاب، قائلا: "النساء يعانين في حال قررن الإنجاب سواء بيولوجياً أو بسبب عدم تفهم أغلب الشركاء معاناة زوجاتهم صحياً ونفسياً، وأيضاً بعض المجتمعات ترى أن إنجاب الفتاة عار، مع الأخذ في الاعتبار أن الإجهاض ممنوع حتى لو كان الطفل معاقاً".
أيضاً تحدث عن انعدام خصوصية الطفل، قائلاً: "في العالم العربي لا يوجد احترام لخصوصية الطفل وعندما يولد يتم فرض الوصاية الأبوية عليه".
ورأى أن أكبر أزمة يعاني منها الشخص اللا إنجابي في المجتمع العربي هو عدم وجود شريكات لا إنجابيات بشكل كبير، إذ إن المؤمنات بهذه الفلسفة نسبتهن قليلة، وهو ما قد يدفع بعض الرجال لقطع القناة المنوية حتى لا ينجبون مستقبلاً حال تزوجوا.
واختتم: "كلما زاد ذكاء الإنسان قل الإنجاب لأن الإنجاب مسؤولية كبيرة، وعدم الإنجاب ليست قلة مسؤولية بقدر ما هو ذكاء وتخطيط".
رفض الإنجاب لأسباب اقتصادية
فاتح عادل، سائق من الجزائر عمره 35 عاما، أيد فكرة عدم الإنجاب اعتراضا على ظروف الحياة سواء مادية أو نفسية أو اجتماعية.
وقال فاتح لـ"العين الإخبارية"، إنه مقتنع بحرية عدم الإنجاب وإن كان لا يشجع أحداً على تبني هذه الفكرة، موضحا أنه يرى أن "حياتنا ليست جيدة لاستقبال مولود جديد"، وفق تعبيره.
وأضاف: " لا أرى أن الظروف المعيشية ملائمة لإنجاب الأطفال، فلا يوجد مستشفى أو تعليم أو بنى تحتية تضمن حياة كريمة لإنسان جديد".
ورأى أن مَن يستطيع في هذا العصر توفير حياة كريمة لنفسه ولشريكه فإنه يكون قد صنع المستحيل، متابعاً: "حتى لو استطاع الشخص توفير حياة كريمة على مستواه الفردي فإنه لن يستطيع تغيير المجتمع".
واختتم: "من يريد الإنجاب عليه أن يوفر لطفله مستوى معيشياً جيداً، وقد أفكر في الإنجاب إذا انتقلت للعيش في مجتمع راق لكن سأنجب بعدد محدود أيضاً".
أرفض الإنجاب لأقضي وقتاً لنفسي
جبرائيل إبراهام، في أول العقد الرابع من عمره ويعيش في مصر، تحدث عن رفضه لفكرة إنجاب الأطفال لأسباب عديدة، بعضها يتعلق بطفولته والآخر بالأوضاع الاقتصادية.
وقال إبراهام لـ"العين الإخبارية": "عدم الرغبة في الإنجاب هي لأسباب عدة، بعضها من الماضي حيث أنني لم أحظ بطفولة سعيدة أو أوقات جيدة في حتى في شبابي ".
وأضاف: "هناك أسباب أخرى من الحاضر، من بينها أنني أرغب بقضاء أوقات لذاتي تعويضاً عما حُرِمت منه في الماضي، وأيضاً لأسباب اقتصادية حيث إن تكلفة تربية طفل باهظة الثمن مع صعوبة المعيشة".
وتابع: "ثالثاً لا تعنيني أسئلة المستقبل كاحتياجي لابن يرعاني في كبري، وهل سيرعاني أم لا أو سأحتاج لرعاية أم لا، أم سأموت قبل أن يرعاني، أو يموت هو قبل أن يرعاني".
عدم الإنجاب بسبب الزيادة السكانية
مصري آخر يعمل محاسباً يدعم فكرة عدم الإنجاب بسبب الزيادة السكانية وصعوبة توفير حياة كريمة لأطفال جدد.
وقال "م. د"، وهو خريج جامعة الأزهر، فضل عدم ذكر اسمه، لـ"العين الإخبارية": "أعتقد أن الإنجاب ظلم للطفل إذا لم تكن ستوفر له حياة كريمة".
وأضاف الشاب وهو بعمر 33 عاماً: "أنا لم آخذ حقي في العلاج ولا الوظيفة ولا السكن بسبب الكثافة السكانية التي أرى أنها سبب كل المشكلات".
واختتم: "حالياً أعيش حياة جميلة وسعيد في حياتي جداً لأني لست ملزماً بطفل ولم أشعر أني ظلمت أحداً".
aXA6IDMuMTQ1LjU5Ljg5IA== جزيرة ام اند امز