لهذه الأسباب استخدم الأسد الكيماوي في "خان شيخون"
الأسباب الرئيسية التي دفعت نظام الأسد لشن هجوم بغاز السارين السام على بلدة خان شيخون بمحافظة إدلب، 4 إبريل الماضي.
كشف معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى، ومقره الرئيسي في العاصمة الأمريكية واشنطن، عن الأسباب الرئيسية التي دفعت نظام الأسد لشن هجوم بغاز السارين السام على بلدة خان شيخون بمحافظة إدلب، 4 إبريل الماضي، مؤكدا على أن الهجوم الكيماوي أنقذ قوات الأسد من هزيمة نكراء في تلك الجبهة.
وأوضح المعهد في دراسة بحثية أعلنها، السبت، لـ الباحث فابريس بالونش، أستاذ مشارك ومدير الأبحاث في "جامعة ليون 2"، وزميل زائر في معهد واشنطن، أن روسيا اعتبرت أن نظام الأسد لم يكن يملك سبباً عسكرياً وجيها لاستخدام هذه الأسلحة، بينما الأسد في الحقيقة لم يكن يملك أي خيار آخر في تلك الجبهة سوى استخدام الكيماوي حيث تعرضت قواته لضغوط كبيرة، وواجهت هزيمة نكراء ولم يكن هناك أي سبيل آخر لتجنب نكسة كبرى.
وشددت الدراسة على أن إدلب التي تعد المعقل الرئيسي للتمرد ضد الأسد في الوقت الراهن، يعاد هندسته ليخضع لتنظيم القاعدة حاليا، حيث إن معظم مقاتلي المعارضة هناك الذي يضم ما يقرب من الـ50 ألف مقاتل ينتمون إلى جماعات إرهابية، أما المعتدلون الباقون الذين يبلغ عددهم بضعة آلاف، فقد تمركزوا على طول الحدود التركية لتجنب القضاء عليهم من قبل «هيئة تحرير الشام» التابعة لتنظيم «القاعدة»، والمعروفة سابقاً بـ «جبهة فتح الشام» والتي باتت تسيطر على نحو80% من المدينة.
وأشارت الدراسة، إلى أن «هيئة تحرير الشام» تحاول السيطرة طوال الوقت على مدينة حماة، المدينة السنية القريبة وعاصمة محافظة حماة انطلاقاً من خان شيخون، وقد تقدمت «هيئة تحرير الشام» لتصبح على بعد بضعة كيلومترات فقط من حماة، خلال وقت سابق كما تعرضت مدينة محردة، القريبة من تلك العمليات، وهي معقل كبير للجيش السوري، لتهديدات خطيرة، فقد كان الوضع متردياً جداً لدرجة أن النظام وقتها اضطر إلى تحويل وجهة قواته من معركة حلب ضد تنظيم داعش نحو الجنوب بغية ردع «هيئة تحرير الشام» في حماة، ومنذ ذلك الحين استعاد الجيش بعض الأراضي التي كان قد فقدها، غير أن وضع حماة لايزال هشاً للغاية.
وتابعت الدراسة البحثية، أن الأسد قرر استخدام غاز السارين لقصف مدينة خان شيخون لتحطيم المقاومة المحلية ومنع المزيد من الهجمات من قبل المعارضة المسلحة انطلاقاً من تلك المدينة، مشددة على أن فهم دوافع الأسد العسكرية لا يبرر بأي شكل كان، استخدامه المتعمد للأسلحة المحرمة ضد المدنيين.
وأوضحت الدراسة، أن المؤشرات ترجح أن قوات الأسد تحاول شن هجوما مضادا لتعزيز مواقعها في جبهة إدلب ومحاولة صد زحف المعارضة، ولم يكن هناك أي خيار آخر للأسد سوى شن هجوم كيماوي ليكون بمثابة الخطوة الأولى من هجوم واسع النطاق على محافظة إدلب، المعقل الرئيسي للمعارضة.
وأوضحت الدراسة الأهمية الإستراتيجية لخان شيخون بالنسبة لنظام الأسد حيث تُعد خان شيخون هدفاً استراتيجياً رئيسياً في الهجوم المضاد في حماة، وإعادة السيطرة عليها ستسمح للنظام بالقضاء على التهديد الذي يمثله المعارضون في حماة والمنطقة المركزية بكاملها، بما فيها حمص، وتشير التحضيرات العسكرية على الأرض إلى رغبة النظام إلى شن هجوم واسع على جبهة إدلب خلال وقت قريب، حيث تم رصد نشر قوات من «فيلق الحرس الثوري» الإيراني و مليشيا «حزب الله» على طول جبهة حماة في وقت سابق من هذا الشهر، في حين أُرسلت القوات الروسية للدفاع عن محردة، محذرة من أن الأسد قد يلجأ إلى المزيد في الأساليب الوحشية والعشوائية التي تنتهك القانون الدولي، مع ما قد يترتب على ذلك من عواقب مدمرة على السكان المدنيين المحليين.
ونبهت الدراسة إلى أن الولايات المتحدة، تواجه حالياً سؤالا صعبا ما إذا كان رحيل الأسد يشكل أولوية بالنسبة إليها بعد هجوم خان شيخون أم لا؟! لافتة إلى أن أغلب مقاتلي المعارضة في إدلب يخضعون لسيطرة عناصر تنظيم «القاعدة» ويبدو أن الأسد عازم على استخدام كافة الوسائل المتاحة له لإخراجهم، مهما كان الثمن بالنسبة للمدنيين. وحتى الآن، اقتصرت الإجراءات الأمريكية المباشرة في المحافظة على مجموعة من الضربات الجوية ضد أهداف تنظيم «القاعدة» في أواخر مارس الماضي، ونظراً لصعوبة إيجاد شركاء على الأرض يشاركون الأهداف الأمريكية، قد يكون ذلك كل ما ترغب واشنطن في القيام به فور قيام نظام الأسد بشن هجومه على إدلب بشكل جدي، محذرة من أن جميع الرهانات سوف تسقط إذا ما استخدم الأسد الأسلحة الكيميائية مرة أخرى.