الحائري والصدر.. قصة الخلاف وحقيقة زيارة زعيم التيار الصدري إيران سرًا
يوم دامٍ عاشته العاصمة بغداد، بعد إعلان زعيم التيار الصدري اعتزاله السياسة، مما تسبب في اشتباكات انتهت وتيرتها ببيان الانسحاب الأخير.
تلك الاشتباكات التي دفعت مقتدى الصدر لإعلان إضرابه عن الطعام حتى يتوقف العنف، كان لها صدى مدوٍ في أرجاء العالم العربي والدول المنخرطة في الشأن العراقي، وتلك القوى الخارجية التي ينتسب إليها زعيم التيار الصدري روحيًا.
إحدى تلك القوى كان المرجع الديني الشيعي كاظم الحائري، الذي انتقد مقتدى الصدر في بيانه الذي أعلن فيه اعتزال العمل المرجعي، واتهمه "بالسعي لتفريق أبناء الشعب العراقي والمذهب الشيعي باسم المرجعين الشيعيين محمد باقر الصدر ومحمد صادق الصدر، والتصدّي للقيادة باسمهما وهو فاقد للاجتهاد أو لباقي الشرائط المشترطة في القيادة الشرعية فهو -في الحقيقة- ليس صدريًّا مهما ادعى أو انتسب".
الصدر الذي لا يزال يتبع الحائري من الناحية الشرعية، بحسب مصادر خاصة لـ"العين الإخبارية"، لم يأل جهدًا ورد على الأخير في تغريدة عبر حسابه الرسمي بموقع التواصل الاجتماعي "تويتر"، قائلا: "يظن الكثيرون بمن فيهم السيد الحائري أن هذه القيادة جاءت بفضلهم أو بأمرهم، كلا، إن ذلك بفضل ربي أولا ومن فضل والدي محمد صادق الصدر الذي لم يتخلَّ عن العراق وشعبه".
قصة الخلاف
تلك البيانات المتبادلة، أثارت قصة الخلاف بين الصدر والحائري والذي يعود للعام 2011، بعدما أسقط الأخير وكالته الشرعية عن مقتدى وسحبها منه على خلفية مواجهات قادها التيار الصدري ضد الحكومة في عهد رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي.
وحول ذلك، قال مدير مكتب المرجع الحائري، الشيخ كاظم العبادي في حديث لـ"العين الإخبارية"، إن "بيان الحائري لم يكن لمهاجمة الصدر، لأن الأخير لا يزال يتبع الحائري وفقاً لوصية والده المرجع الراحل محمد محمد صادق الصدر".
وأضاف مدير مكتب المرجع الحائري: "الخلاف موجود في وجهات النظر تجاه العملية السياسية في العراق بين الرجلين، لكن ذلك لا يعني أن الصدر قطع ارتباطه الشرعي مع المرجع الحائري".
وعند سؤاله عن بيان الحائري الأخير الذي وصف بأنه موجه ضد التيار الصدري، قال العبادي: "إنه ليس موجهاً للتيار بل كان موقفاً شرعياً وليس سياسياً"، مضيفًا: "بما أن الصدر يتبع الحائري بالقضايا الشرعية فيعتبر هذا البيان موجهاً له".
اعتزال السياسة
وأضاف العبادي: "الصدر قال اليوم أنا مواطن عراقي ولا أتدخل بالسياسة بتاتاً، وإن الحائري أمرني بالاعتزال ولن أعود للسياسة".
والحائري معروف بأنه من مؤيدي النظام الإيراني والمرشد علي خامنئي، وهو ما بدا واضحًا في بيانه الأخير بعد اعتزاله للمرجعية الدينية، قائلا: "دعا مقلديه إلى إطاعة المرشد علي خامنئي".
وعقب بيان الحائري، أعلن زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر أمس اعتزاله من النشاط السياسي، الأمر الذي دفعه أنصاره الموجودين في المنطقة الخضراء ببغداد إلى مهاجمة مقار حكومية واندلاع مواجهات مسلحة.
وقبل مقتله على يد نظام صدام حسين، دعا آية الله محمد صادق الصدر (والد مقتدى الصدر) أتباعه لاتباع الحائري.
هل زار الصدر إيران سراً؟
وفي سياق متصل، قالت منصات إعلامية مقربة من الحرس الثوري الإيراني، إن طائرة كانت تقل زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، هبطت في وقت متأخر من مساء الإثنين في مطار الخميني الدولي.
وقالت منصة "السياسة" التابعة للحرس الثوري، إن الصدر وعقب وصوله إلى مطار الخميني توجه فوراً إلى محافظة قم، حيث يقيم المرجع الحائري هناك، من دون تقديم المزيد من التفاصيل.
وأكدت منصات إعلامية للحرس الثوري أن "الطائرة تابعة للخطوط الجوية العراقية نقلت الصدر فجر اليوم إلى مطار النجف الدولي من طهران".
وعند سؤال مدير مكتب الحائري في قم كاظم العبادي عن زيارة الصدر للحائري، قال: "لا يمكن نفي أو تأكيد ذلك، وهذه قضايا عادة ما تحاط بالسرية، كون العراق مليئا بأوضاع أمنية وسياسية غير مستقرة".
لكن العبادي قال إن "الصدر ما زالت مرجعيته الحائري في الفتوى والقضايا الشرعية"، مضيفًا أن: "أبواب مكتب الحائري مفتوحة أمام السيد الصدر".