لا شك أن الفضاء الرقمي بات جزءاً لا يتجزأ من حياة الأطفال، ولا يمكن حجبهم عنه، لكن المسؤولية تقع على عاتق الجميع لضمان بيئة آمنة لهم.
فمن خلال التوعية، وسن القوانين، وتعزيز دور الأسرة، يمكننا حماية الأطفال من المخاطر الرقمية وتمكينهم من استخدام الإنترنت .
والحقيقة الواقعة اليوم أن الأطفال أصبحوا أكثر انخراطاً في الفضاء الإلكتروني، سواء من خلال منصات التواصل الاجتماعي أو الألعاب الإلكترونية أو التطبيقات التعليمية، وهو ما لا يخلو من المخاطر، إذ يتعرض الأطفال كثيراً لمحتوى غير ملائم، فضلاً عن جرائم التنمر الإلكتروني، والابتزاز، والاحتيال، وانتهاك خصوصيتهم وسرقة بياناتهم الشخصية، ومن من هنا، تبرز الحاجة الملحة لحماية الأطفال في الفضاء الرقمي، وهي مسؤولية مجتمعية مشتركة.
وعلى الرغم من أنه لا يمكن إنكار الفوائد العديدة التي توفرها التكنولوجيا للأطفال، من تعزيز مهاراتهم التعليمية إلى توسيع آفاقهم المعرفية، إلا أن هذه الفوائد تأتي مصحوبة بجملة من المخاطر - كما أشرت - ما يجعلهم عرضة للوقوع في براثن عالم الإجرام الإلكتروني.
لذا تسعى العديد من الدول إلى وضع أطر قانونية لحماية الأطفال في الفضاء الرقمي، ومن بين أبرز هذه التشريعات القوانين العالمية والإقليمية مثل اللائحة العامة لحماية البيانات (GDPR) في الاتحاد الأوروبي التي تفرض قيوداً صارمة على جمع ومعالجة بيانات الأطفال، فضلاً عن قانون حماية خصوصية الأطفال على الإنترنت (COPPA) في الولايات المتحدة الذي يمنع جمع بيانات الأطفال دون موافقة الوالدين.
وفي هذا السياق، لا بد من الإشارة إلى التشريعات الإماراتية التي أعتبرها مهمة في حماية الطفل وقد تنبهت مبكراً إلى هذه الخطورة، فقد أصدرت دولة الإمارات قوانين لحماية الأطفال من الجرائم الإلكترونية، مثل قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات، وقانون “وديمة” لحماية حقوق الطفل وهو ما يسهم في حماية الطفل من هذا الخطر الداهم من خلال وضع قيود على المحتوى الرقمي وتعزيز إنشاء منصات أكثر أماناً للأطفال.
لكن لا يمكن للقوانين وحدها أن تضمن حماية الطفل في الفضاء الرقمي، إذ يجب أن تتضافر جهود الأسرة والمجتمع من أجل بيئة رقمية آمنة، كما يجب على الآباء الحديث مع أبنائهم عن مخاطر الإنترنت بطرق تناسب أعمارهم واستخدام برامج الرقابة الأبوية وتحديد أوقات استخدام الإنترنت عبر وضع حدود زمنية لاستخدام الأطفال للأجهزة الذكية لتجنب الإدمان الرقمي وإدراج مناهج التوعية الرقمية.
هذا عصر خطر على الطفولة من ناحية التكنولوجيا، ولحماية الأطفال في الفضاء الرقمي، يجب اتباع نهج شامل يجمع بين التشريعات الصارمة، والتوعية المستمرة، والتكنولوجيا الآمنة، كما يجب على الجميع التعاون لضمان توفير بيئة آمنة للأطفال على الإنترنت.. وإلا سيبقى فلذات أكبادنا في مهب الريح.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة