"تاتا".."نونو".."بخ".. كلمات طفولية في مصر القديمة مستمرة حتى اليوم

آلاف الكلمات المستعملة يوميا في قاموس "العامية" للمصريين مستوحاة من لهجة أجدادهم منذ آلاف السنين بما في ذلك عالم لغة الأطفال.
لاتزال آلاف الكلمات المستعملة يوميا في قاموس "العامية" للمصريين مستوحاة من لهجة أجدادهم منذ آلاف السنين في جميع مظاهر حياتهم اليومية، فمنذ نعومة أظافر الطفل يسمع من أمه كلمات مصرية هيروغليفية، فلفظ "نونو" الذي تطلقه الأم لنداء طفلها أصله كلمة مصرية قديمة بمعنى طفل صغير، وأيضا "نانّوس"وهي تنقسم إلى كلمة “نا” بمعنى كثير و”نوس” بمعنى جمال، ومعناها كثير الجمال، أيضا يطلق عليه "واد- ياض –ولا" وهي كلمات قبطية تطلق على الطفل الصغير أو الصبي.
من العادات المصرية التي لاتزال مستمرة كذلك حتى الآن وترتبط بالأطفال هي احتفال الأسرة بـ"سبوع" الطفل عندما يكمل سبعة أيام، وفي هذه المناسبة تغني له الأسرة "حلاقاتك برجلاتك "فكلمة برجلاتك مصرية قديمة وتنقسم إلى "برج" بمعنى يمد وكلمة" لاتك" أي "رجليك" في إشارة إلى الدعاء للطفل بالنمو، ويقوم الأهل بإلباس الطفل "حلق ذهب" وهي من القبطية "هلق" وتعني بالعربية قرط.
وعندما يجوع الطفل يقول "مم" بمعنى أنه يريد أن يأكل، وعندما تأكله تقول له"هم- مم" كلمة "هم" من المصرية القديمة بمعنى ابتلع، أما "مم" فهي من القبطية "أوم" بمعنى أكل أو طعام، وعندما تشربه تقول له "امبو" أي اشرب، وعندما تخوّف طفلها تقول له "هاجيبلك البعبع" فكلمة "بعبع" من الكلمة القبطية "بوبو" وهو اسم "عفريت" في التراث المصري القديم، ومنها الكلمة القبطية "فوبوس "بمعنى خوف أو رعب، وهى أصل كلمة "فوبيا، كما تنهره وتقول له "بطل فطفطه" بمعنى كفاية نط وقفز، أما كلمة "بح" التي تقال عندما ينتهي الشيء وتعني أن الشيء خلص.
يكبر الطفل قليلا وتريد أن تعلمه أمه المشي فتقول له "تاتا خطي العتبة " تاتا" أي امشِ، وكلمه عتبة من القبطية ” أتبا” بمعنى مقدمة أو بداية، وعندما يبكي "تطبطب" عليه وبالعربية تربت عليه، وإذا أراد النوم تقول له "هُو يا نونو هُو"، بمعنى كفى يا طفلي الصغير كفى، وعندما يتكلم بصوت عالٍ تقول له "بطّل دوشة" وهي من الكلمة القبطية "داوش" بمعنى صوت مرتفع،، وإذا أرادت أن تعلمه نظافة شيء ما تقول له "كخه" وهي كلمة مصرية بمعنى قذارة.
الألعاب عند الأطفال
العديد من ألعاب الأطفال اليوم والأغاني المصاحبة له هي موروثة من لعب الأطفال في مصر القديمة، ففي كتابة "اللغة المصرية الحالية" يشير الباحث عصام ستاتي إلى العديد من هذه الألعاب ومنها أغنية "السح –بدح يا خروف نطاح" وهي تعني هيا إلى العلف يا خروف نطاح، وعندما يهطل المطر تقوم الأطفال بالغناء وتقول "يا مطره رخي رخي" فالكلمة "رخي" معناها بالقبطية يغسل أو ينظف.
وعند قدوم شهر رمضان يغني الأطفال "وواح- وواح - أيوح" بمعنى استقر يا قمر أو لا تغيب، وكان المصريون القدماء يقولونها عندما يغيب القمر، وكذلك يغني الأطفال لاستقبال شهر رمضان أغنيه "حلو يا حلو فك الكيس وادينا بقشيش" فكلمة "حلو" بالقبطية تعني تهنئة ومباركة.
فى كتابه "أصل الألفاظ العامية من اللغة المصرية القديمة" يشير الباحث سامح مقار إلي بعض الألفاظ والمصطلحات المستخدمة في لعب الأطفال أو التي تطلق عليهم، فعندما يلعب الأطفال يقول لبعضهم البعض "بخ" وهي من الكلمة المصرية "بيخ "ومعناها عفريت، وعندما يغش طفل في اللعب يقولوا له "بطل حمرأة" أي تراجع الشخص عن عهوده، أما إذا قام بالغش أثناء اللعب يقول له الأطفال "خمام" أي غشاش، وعن الطماع يقولوا عايز "يكوّش"، كما يقول الأطفال لبعضهم البعض لفظ "ابن الإيه" وهي قبطية الأصل وتعني ابن البقرة، واللفظة أصلها قديم من الهيروغليفية "إح" بمعنى "عجل".
ومن الكلمات المستخدمة عند الأطفال كلمة "واوا" التي تدل على الألم، فعندما يجرح الطفل يصرخ ويقول واوا، وعندما يبكي الطفل ويصبح معتاد البكاء تقول له أمه "انت تمللي توأوأ كده" فكلمة "توأوأ" تعني يبكي، وإذا أصيب الطفل بنوبة سعال يصبح لديه" كحة" أي سعال، وعندما يتنفس الطفل بصعوبة أثناء النوم يطلق عليه "خنف"، وتسمى أيضا "كرشة" وهي ضيق التنفس، وعندما يصاب الطفل بالإسهال يطلق عليه "هُر" ومنها كلمة "بيهر" أي مصاب بإسهال.
ألقاب وأوصاف
ويقول" مقار "يطلق الآباء على الطفل الذي يجيد الحديث والجدل بأنه "لمض" وهي من المصرية القديمة من "مدو" بمعنى يجادل ويناقش، أيضا تستخدم كلمة "رغاي" للشخص الكثير الكلام، ومن الكلمات المستخدمة الدالة علي الشخص الذي يكثر من الكلام كلمة "لاكاك"، ويقال على الطفل البطيء ولد "لكعي" وهي من الكلمة القبطية "اتلاك" أي بطيء.
وعندما يكون الطفل كسولا يطلق عليه "بلط" وهي كلمة قبطية من"بيلتي"وتعني مقعدة والمقصود أنه كثير القعود أو كسول، وعندما ينصح الأب ابنه يقول له "يا بني متبقاش طايش" وأصل كلمة "طايش" مصري قديم من"تش" وتعني يُفقَد، يَضِل, فيكون معنى "طايش" أي ضالا، ويطلق على الطفل لفظ "مدهول" هي كلمة قبطية "متاهوول" وهى مركبة من مقطعين "متاهو" أي يرتب ثم تأتي"أوول" أي للخارج وهي تفيد النفي، ومعناها غير مرتب أو مهمل.
أيضا عندما يكون الطفل كثير الحركة والسرعة يطلق عليه كلمة "مهيص" وهي كلمة قبطية مركبة من "مه" بمعنى مملوء و"يوص"بمعنى سرعة أو عجلة, ومن الكلمة اشتقت كلمات أخرى مثل "مهيصة" و "مهياص" بمعنى يحب المهيص، ولفظة "عبيط" هي لفظة مصرية قديمة مركبة "عا" تعني حمار فى الهيروغليفية، وأن لفظة "بِيت" تعني شخصية، فيكون معنى الكلمتين معاً هو حمار الشخصية.