شبح التغير المناخي يغتال البراءة.. تشريد ونزوح 43 مليون طفل حول العالم
الأطفال يدفعون ثمناً باهظاً للتغيرات المناخية، هجرة محفوفة بالمخاطر ونزوح إلى مصير مجهول؛ هذا ما أكده تقرير حديث صادر عن "اليونيسيف".
العواصف والأعاصير هي السبب الرئيسي لنزوح وتشرد الأطفال بشكل عام عالميًا، إذ اضطر 21.2 مليون شخص للنزوح بسببها خلال 6 أعوام فقط، في حين جاءت الفيضانات في المرتبة الثانية عالمياً حيث تسببت في تشريد نحو 19.7 مليون.
وذكر تقرير اليونيسيف أن الفيضانات والكوارث المدمرة التي شهدها العالم في السنوات الأخيرة نتيجة التغيرات المناخية أدت إلى نحو 43,1 مليون عملية نزوح لأطفال بين عامي 2016 و2021، ووصف التقرير هذه المخاطر بأنها ليست سوى "الجزء الظاهر من جبل الجليد".
وأشار التقرير إلى أنه من المتوقع أن يحدث نزوح لأكثر من 113 مليون طفل في العقود الثلاثة المقبلة، أخذاً في الاعتبار المخاطر الناجمة عن فيضانات الأنهار والرياح والأعاصير والفيضانات التي تعقب العواصف. وقالت لورا هيلي، المتخصصة في الهجرة في اليونيسف، ضمن فريق إعداد التقرير: "الحقيقة هي أن عدداً أكبر بكثير من الأطفال سوف يتأثرون في المستقبل، مع استمرار تفاقم آثار تغير المناخ ".
ورغم أن البيانات الخاصة بتتبع الهجرات وعمليات النزوح بسبب الظروف الجوية القاسية لا تفرق عادة بين الأطفال والبالغين؛ فإن اليونيسيف عملت مع منظمة غير ربحية مقرها جنيف، وهي المركز الدولي لرصد النزوح، لرسم خريطة للأماكن الأكثر تأثراً بالأطفال.
أخطار الجفاف
الأطفال في بعض الدول دفعوا ثمنا باهظا بالفعل، والمخاطر لا تتوقف عند حد العواصف والأعاصير والفيضانات، وإنما الجفاف أيضا أحد العوامل التي لا تلفت الانتباه رغم خطورته.. فقد عانت الكثير من الدول الأفريقية من أخطار مختلفة للتغير المناخي، الجفاف أحد هذه الأخطار التي تبدو حكرا على القارة السمراء، الصومال على سبيل المثال عانت من أسوأ موجة جفاف منذ أكثر من 50 عاماً، فقد جفت المراعي التي كانت خصبة قبل نصف قرن وكانت السكان المحليون يعتمدون عليها، مما جعلها قاحلة.
وهو ما دفع مئات الآلاف من السكان إلى الهجرة من هذه المناطق إلى مخيمات إيواء في العاصمة مقديشو، ومع ذلك تفتقر هذه المخيمات إلى المأوى المناسب والصرف الصحي والطعام الكافي.
ووفقاً لتقرير اليونيسيف، فإن هناك أكثر من نصف مليون طفل نزحوا مع أسرهم بسبب الجفاف في السنوات الأخيرة بسبب الجفاف في الصومال وحدها.
تقديرات صادمة
في آسيا، تشير التقديرات إلى أن ما يقرب من ثلث الأسر المتضررة من تغير المناخ لديها أطفال يدفعون الثمن، فهناك 43 مليونًا من أصل 134 مليون أسرة تعرضت للنزوح من المنازل حول العالم بسبب موجات الطقس القاسي في الفترة من 2016 إلى 2021، كان من بينهم أطفال. وقد أُجبر ما يقرب من نصفهم على ترك بيوتهم بسبب العواصف.
فقد شهدت الفلبين والهند والصين أكبر عدد من عمليات نزوح الأطفال بسبب المخاطر المناخية، بما يمثل نصف عدد الأطفال المتضررين حول العالم تقريباً. وتمتلك تلك الدول أيضًا أعدادًا كبيرة من السكان وأنظمة قوية لإجلاء الأشخاص، مما يسهل عليهم تسجيل البيانات.
وقد تسببت الفيضانات في الهند والصين في وقوع 19 مليون عملية نزوح لأطفال من المناطق المنكوبة. ومن المرجح أن تشهد فيتنام، إلى جانب دول مثل الهند وبنجلاديش عمليات نزوح قاسية للأطفال مع أسرهم.
وجاءت التقديرات كالتالي: الفلبين جاءت في مقدمة الدول التي شهدت نزوح أكبر عدد من الأطفال فيها بـ9.7 مليون طفل، منهم نحو 8.3 ملايين أجبروا على ترك منازلهم، وجاءت الهند في المركز الثاني بـ6.7 طفل مشرد، حيث كانت الفيضانات هي السبب الرئيسي لنزوح 3.9 ملايين طفل، ثم العواصف بـ2.8 مليون طفل.
وجاءت الصين في المركز الثالث بـ 6.4 مليون طفل نازح، ثم بنغلاديش بـ 3.3 مليون طفل، والصومال بـ1.7 مليون طفل.
حرائق الغابات
في الولايات المتحدة الأمريكية وكندا، أخطار التغيرات المناخية تأخذ أبعاداً أخرى، حيث رصد تقرير اليونيسيف أن الدولتين سجلتا نحو 800 ألف حالة نزوح لأطفال بسبب حرائق الغابات وحدها، في حين يتزايد هذه الرقم إذا أضفنا التقديرات الأخرى الخاصة بضحايا الأعاصير والفيضانات وموجات الرياح العاتية.
وأشار تقرير اليونيسيف إلى أن الولايات المتحدة الأمريكية جاءت في المركز السادس بـ1.7 مليون طفل نازح بسبب العواصف وحرائق الغابات.
توصيات
وحسبما جاء بالتقرير، فإنه يتعين على صناع السياسات والقطاع الخاص التأكد من أن التخطيط للمناخ والطاقة يأخذ في الاعتبار المخاطر التي يتعرض لها الأطفال بسبب الأحوال الجوية القاسية.
الخدمات الحيوية مثل التعليم والرعاية الصحية يجب أن تصبح "مستجيبة للصدمات" لمساعدة الأطفال وأسرهم على التعامل بشكل أفضل مع الكوارث. وهذا يعني النظر في احتياجات الأطفال في المراحل المختلفة، بدءًا من ضمان حصولهم على فرص للدراسة، وإمكانية البقاء مع أسرهم، وإمكانية العثور على عمل في نهاية المطاف.
وفي حين تشتد حدة الكوارث المناخية، فإنه لا يزال يتعين على العالم أن يعترف بالمهاجرين بسبب المناخ وأن يجد طرقا رسمية لحمايتهم.
aXA6IDE4LjExNy43NS42IA== جزيرة ام اند امز