قرية مخصصة للأطفال في أيام الشارقة التراثية
رئيس اللجنة العليا لأيام الشارقة التراثية يقول إن للأطفال نصيبا كبيرا من فعاليات أيام الشارقة التراثية هذا العام.
زوار أيام الشارقة التراثية يحرصون على زيارة كل الأماكن والمواقع والساحات في الأيام، فهي من وجهة نظر كثيرين تشكل محطة لقاء وفرصة حيوية لمتابعة ما يعرض من عناصر تراثية، والاطلاع على ما تقدمه دولة الإمارات العربية المتحدة وبقية الدول المشاركة من عروض متنوعة في عالم الفن والموسيقى والحرف والألعاب التراثية، ومتابعة ندوة أو محاضرة في المقهى الثقافي، وما إن تسأل أحد الزوار أو المختصين أو عشاق التراث الذين يلتقون يومياً في ساحات الأيام، إلا وتجد الإجابة واضحة ومباشرة "ليس لي إلا أن أزور كل المواقع يومياً، أو في الأيام التالية، فهذه التظاهرة التراثية العالمية لا يمكن للزائر إلا أن يحط رحاله فيها جميعها، كي يعرف أكثر"، ولذلك تجده هنا يسأل ويلتقط الصور ويسجل لقطات فيديو في القرية التراثية، وتجده هناك مع أطفاله حيث الألعاب التراثية الجاذبة، ومن ثم سرعان ما ينتقل إلى "البيت الغربي"، كي يتابع هذه المحاضرة أو تلك من بدايتها.
ألعاب تراثية للأطفال
لا يمكن لأي زائر لأيام الشارقة التراثية أن يغض الطرف عن قرية الطفل التراثية وما تحتويه من ألعاب ومعلومات وترفيه، أو يختصر الوقت ولا يقوم بزيارتها، وقضاء الوقت الكافي هناك، ففيها من الألعاب والفعاليات والأنشطة ما يغري الكبير قبل الصغير، كما أنها تشهد كل عام إضافات كمية ونوعية، ويتوافر فيها كل ما يسهم في تنمية مدارك ومعارف الطفل، وتعريفه بالماضي وعراقته وأهميته، والتأكيد على التراث وضرورة التعرف إليه من خلال الألعاب والأنشطة والفعاليات المتنوعة، ويمكن الطفل أن يقضي فيها ساعات من دون ملل، بل يتعلم فيها الكثير، ويستمتع بما تحويه من ألعاب ترفيهية وتعليمية وأنشطة تناسب مختلف الأعمار.قال الدكتور عبد العزيز المسلم رئيس معهد الشارقة للتراث، رئيس اللجنة العليا لأيام الشارقة التراثية: "إن للأطفال دوماً نصيبا كبيرا من فعاليات أيام الشارقة التراثية، لهم قريتهم الخاصة المليئة بالألعاب التراثية التي تنقلهم إلى زمن جميل لا يعرفونه، لكنهم عشقوه، فقد مروا عليه من خلال تلك الألعاب التي تعيدهم إلى تلك القصص التي سمعوها ذات يوم من آبائهم وأجدادهم، فإذا بها حقيقة على أرض الواقع في الساحة المخصصة لهم في أيام الشارقة التراثية، ونراهم يتنقلون بفرح غامر وسعادة كبرى بين ما يزيد على 240 فعالية مخصصة لهم طوال فترة أيام الشارقة التراثية، فهم يستحقون منا ذلك وأكثر، وهي محاولة جادة ومستمرة من أجل ربطهم بالماضي والتراث الإماراتي العريق الذي يحتل مكانة مهمة في ذاكرتنا ووجداننا وواقعنا، فهو مكون رئيس من مكونات الهوية الوطنية والخصوصية".
وأكد المسلم أن "الاهتمام بالطفل في أيام الشارقة التراثية يعتبر أولوية كبرى، خصوصاً أن أحد أبرز مهمات الأيام، العمل على تعريف الجيل الجديد بتراثنا والبيئات الإماراتية المتنوعة وكيف كانت حياة الأجيال السابقة، وحتى يتسنى لنا تحقيق مثل هذا الهدف المهم لا بد من التركيز على الأطفال، فهم الجيل الجديد الذي نشأ في ظروف وأوضاع مختلفة، ونحن نحرص على تقديم المعلومة الوافية لهم عن التراث بمختلف بيئاته وعناصره ومكوناته، ونحرص أيضاً على استمرار وديمومة تواصلهم وتفاعلهم مع تراث أجدادهم، ومثل هذه المهمة لا بد أن تعلن عن نفسها من خلال توفير حصة وافية للطفل في الأيام".
ولفت إلى أهمية ورشة القراءة اليومية التي تعقد بين الخامسة عصراً والتاسعة ليلاً، في مكتبة الموروث في ساحة الأيام بقلب الشارقة، حيث تستقبل الأطفال والطلبة من أجل المشاركة في الورشة اليومية التي تحمل عنوان "اقرأ"، وتركز الورشة على القراءة من كتب التراث وتلك القصص والحكايات التي تسهم في تحقيق أكثر من هدف في أكثر من مستوى، فهي تنشّط عملية القراءة لدى الأطفال، وتعمل على تأصيل وغرس عادة القراءة لديهم، بالإضافة إلى أنها تربط الطفل بالتراث، وبالتالي تغرس فيه الانتماء والولاء لتراث بلده وهويته، كما أنها تسهم في التأكيد على أهمية القراءة وترسيخ عادة القراءة وثقافة القراءة، وتأتي تزامناً مع عام القراءة، وتوجهات الدولة والقيادة الرشيدة من أجل القراءة والمعرفة.
وقد لاقت أولى ورش "اقرأ" في مكتبة الموروث إقبالاً كبيراً من الأطفال، الذين تفاعلوا مع القصص والحكايات، وطرحوا الأسئلة المتنوعة والمهمة التي عكست مدى حرصهم على القراءة والمعرفة، كما أنها أتاحت الفرصة لهم من خلال قيام كل واحد منهم بفعل القراءة، حيث أتيحت لكل طفل منهم الفرصة خلال الورشة، للقراءة من الكتب المتوافرة في المكتبة، وذلك أمام زملائه الأطفال.
قرية الحرف التراثية
تحتل القرية التراثية موقعاً مهماً وحيوياً في ساحة أيام الشارقة التراثية، في نسختها الـ 15، حيث الحرف التراثية العديدة والمتنوعة التي تعرضها جهات ومؤسسات إماراتية وخليجية، متخصصة في عالم التراث والحرف، كما أنها تلقى إقبالاً جماهيرياً لافتاً من زوار الأيام، حيث يلتقط الزوار الصور للعاملين في تلك الحرف أثناء قيامهم ببعض المهام من أجل إنجاز قطعة ما في تلك الحرف، وكثير هم الذين يتوقفون لفترات طويلة هناك يسألون عن مختلف تفاصيل هذه الحرفة أو تلك، ما يؤشر على مدى رغبة الجمهور بالتعرف على طبيعة تلك الحرف.
وتشهد القرية التراثية يومياً حضوراً من مختلف الجنسيات، من زوار وعشاق التراث والباحثين والمختصين، فقد اعتادوا في أيام الشارقة التراثية أن يتنقلوا بين مختلف الأجنحة والأقسام، ومن بينها القرية التراثية التي تعتبر واحدة من محطات الأيام المهمة والكبيرة.
وقالت حورية فرج الشامسي نائب رئيس مركز الحرف الإماراتية رئيس لجنة الحرف التراثية في أيام الشارقة التراثية: "إن المشاركة في القرية التراثية متنوعة، من داخل الدولة، ومن دول مجلس التعاون الخليجي، فهناك مشاركة من خورفكان، بحرفتين هما صبغ الملابس، وصناعة النعل، أما رأس الخيمة فتشارك من خلال مركز التنمية الاجتماعية، بتقديم حرفة الحنا وحرفة الرحى وحرفة السفافة والتلي وقرض البراقع، في حين تعرض جمعية عجمان للفنون الشعبية، حرفة الدهون والعطور، وقلادة الحبال، وتمييل ليف الحبال، كما تشارك جمعية الإحسان الخيرية بعجمان بحرفة الخياطة والتطريز، أما جمعية الاتحاد النسائي العام في أبوظبي، فتشارك في غزل الصوف وصناعة السدو، وصناعة البشت من مصنع أبوظبي للخياطة والبشوت، بينما يشارك مركز الحرف، بعرض وتقديم حرف تراثية عديدة، من بينها حرفة التلي وحرفة السفافة، بالإضافة إلى عرض منتجات المركز، وهناك أيضاً مشاركات متنوعة وثرية من قبل مؤسسات وجهات من دول مجلس التعاون الخليجي، تشكل قيمة مضافة على ما هو معروض من حرف تراثية تهدف إلى التعريف بالحرف التراثية وكيفية صناعتها، وأهميتها، والتأكيد على مكانتها تاريخياً ومدى حضورها اليوم.
توقيع أول كتابين في الأيام
ضمن فعاليات أيام الشارقة التراثية في نسختها الـ 15، وقّع الدكتور محمد عبد الحافظ المدير الأكاديمي في معهد الشارقة للتراث، كتابين في مجال التراث والتاريخ، الأول بعنوان "السرد والجنوسة في سيرة بني هلال"، والثاني بعنوان "في مدنية الثقافة ومرجعيتها الشعبية"، وذلك في مركز فعاليات التراث الثقافي "البيت الغربي"، ولفت الدكتور عبد الحافظ إلى أهمية الكتابين، كونهما يحتويان على قصص سردية لم ترد في الكتب التاريخية التي صدرت قديماً وحديثاً.
ويتضمن الكتاب الأول الذي استمر المؤلف في جمعه سنوات طويلة بدأت من عام 1994، دراسة سردية لسيرة بني هلال، ويتحدث عن صوت المرأة في العصر الهلالي المهمشة، وعن أبرز الشخصيات النسائية في ذلك العصر.
أما الكتاب الثاني، فيتضمن طرحاً نظرياً في مجال الطرح العام لبعض الشخصيات المؤثرة من المنظرين المعاصرين العالميين الذين اشتهروا بكتاباتهم التنظيرية الثقافية والشعبية في جميع المجالات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية وغيرها من القطاعات المهمة.
بدوره، أشاد الدكتور محمد عبد الحافظ بجهود معهد الشارقة للتراث الذي أصدر 50 كتاباً خاصاً بالتراث خلال العام الماضي، حيث كان له نصيب من هذه الإنجازات بإصدار كتابين وقعهما أمام المختصين والمعنين بالسرد التاريخي والتراث الشعبي ضمن فعاليات الأيام.
التراث والتشكيل
تناول الفنان التشكيلي السعودي عبد العظيم الضامن، رئيس جائزة إبداع للشباب، في محاضرة له بالمقهى الثقافي في "البيت الغربي"، العلاقة بين المكان والتراثي والفنان التشكيلي، وتطرق إلى العلاقة بين الأماكن والفن، وعن مكان إقامته في جزيرة يقطنها 60 ألف نسمة في السعودية، التي كان لها عظيم الأثر في جعله فنان تشكيلي، وتنمية مواهبه الذاتية، والتي جعلت منه فنانا قادرا على دمج المناظر التاريخية التراثية والشعبية في كتاباته ولوحاته.
ولفت إلى بعض العادات والتقاليد التي كان يتبعها القاطنون في الجزيرة التي ولد فيها، مبيناً أن بعض المساكن في مسقط رأسه كانت مبنية من الحجارة القديمة، إضافة إلى تطرقه إلى كيفية وطرق الزواج القديمة التي كان لها بهجة سابقاً، عكس الأيام الحالية التي ينتهي بها العرس بانتهاء العشاء في قاعات الأفراح، فضلاً عن دخول الأفراد إلى مياه البحار للصيد يدوياً على شواطئه.
كما تطرق إلى المهرجانات القديمة التي كانت تنظم في القدم في جزيرتهم التي منها "دوخلة"، وهي عبارة عن أغانٍ وأهازيج كانت تغنى في المناسبات المميزة مثل استقبال المعتمرين والأمهات، وغيرها من الحفلات.
وشرح الضامن كيفية استفادة الفنان من الأبنية التراثية والتاريخية والعادات القديمة، حيث استمد جميع لوحاته من البحر، وكانت نافذة له لدخول عالم الفن التشكيلي التراثي.
وبيّن الضامن أنه عمل من خلال لوحاته على رسم قصص واقعية من خلال التراث عن طريق دمج التراث بالفن والتعبير عنه بالشخصيات الحية، والمزج بين التراث المعماري مع القلعة التي كانت تتوسط الجزيرة التي كان يسكن فيها، التي يوجد فيها معبد عشتار.
وتكلم عن بعض المدن التراثية في السعودية التي استطاع بعض الفنانين التأثير فيها وتطويرها بفضل رسوماتهم ولوحاتهم، ومن بينها الغاط وقرية الدرعية، وغيرهما والتي طورتها وحسنتها حكومة المملكة العربية السعودية، بفضل الفنانين التشكيليين، والذي كان أهمهم الفنان علي الرزايزة، الذي استلهم من هذه الأماكن لوحاته وأصبحت بفضله علامة فارقة في الفن التشكيلي.
وأوضح بأن القرى التراثية في السعودية تختلف في تصاميمها وبنيانها، وذلك يعود إلى طبيعة المكان والمواد المستخدمة في ترميمها، حيث إن بعضها كان صخري والبعض الآخر طيني، ما أدى إلى تنوع بنيانها وأشكالها التراثية، وباتت تحاكي التراث الحضاري المعاصر.
aXA6IDE4LjE5MS45Ny4yMjkg
جزيرة ام اند امز