الصين تواجه شبح الشيخوخة.. وذروة عدد السكان في 2023
الصين تشهد انخفاضا في معدل المواليد خلال 2017 مما يشير إلى أنَّ معظم الآباء والأمهات الذين يرغبون في إنجاب طفل ثانٍ قد فعلوا ذلك بالفعل
أفاد تقرير جديد أصدرته شركة أبحاث "كومبليت إنتليجنس" بأنَّ عدد سكان الصين سيبلغ ذروته خلال عام 2023، أي قبل 5 سنوات من التوقعات الرسميّة، ثم يبدأ فترة طويلة من التراجع.
وقال توني ناش، وهو الرئيس التنفيذي ومؤسس شركة "كومبليت إنتليجنس"، وأحد المشاركين في إعداد التقرير، إنَّ النتائج يجب أن تكون مصدر قلق لصانعي السياسات في بكين، الذين انتظروا فترة طويلة للغاية لرفع "سياسة الطفل الواحد" المثيرة للجدل، والتي حولت الصين لمجتمع شيخوخة سريع النمو.
وحسب شبكة أخبار "جوان تشا" الصينية، فإنَّ الصين تخلَّت عن سياسة "الطفل الواحد" خلال عام 2015، للسماح للأزواج بإنجاب طفلين في أحدث جهود من السلطات لحل الأزمة الديموجرافية التي تعيشها البلاد بسبب انخفاض معدل المواليد.
ورغم تلك الجهود، شهدت البلاد انخفاضاً في معدل المواليد العام الماضي، يُعد الأسوأ منذ عام 1961، مما يشير إلى أنَّ معظم الآباء والأمهات الذين يرغبون في إنجاب طفل ثانٍ قد فعلوا ذلك بالفعل، إن لم يكن جميعهم.
وأشار التقرير الذي شارك في إعداده شركة أبحاث "جلوبال ديموجرافيك"، إلى أنَّ هذا يعني أن ذروة سكان الصين ستتقدم إلى الأمام من عام 2028 إلى عام 2023، عندما يصل عدد السكان إلى 1.41 مليار نسمة".
وأرجع التقرير السبب الرئيسي وراء انخفاض معدل المواليد إلى انخفاض عدد النساء في سن الإنجاب، إذ من المتوقع أن ينخفض عدد النساء اللاتي تتراوح أعمارهن بين 15 و49 عامًا بمقدار 56 مليوناً بين عامي 2018 و2033.
وتنباٌ التقرير أنَّ عدد الأطفال الذين تقل أعمارهم عن 9 أعوام سينخفض بمقدار 27 مليوناً بحلول عام 2028، وهو ما يمثل انخفاضًا بنسبة 17% عن اليوم، مما يثقل كاهل الأسواق الاستهلاكية ذات الصلة بما في ذلك اللعب والملابس ومنتجات الألبان والتعليم ورعاية الأطفال.
ويقول التقرير إنَّ عدد الأطفال في سن ما قبل المدرسة- حتى سن الـ4- بلغ ذروته بالفعل خلال عام 2017 إذ بلغ 84 مليوناً، ويعتقد الباحثون أنَّ الانخفاض السنوي في هذه الفئة العمرية سيكون 2.8%، مع تقلص العدد الإجمالي إلى 57.4 مليون بحلول عام 2033.
وتتوافق تلك النتائج على نطاق واسع مع نتائج علماء الديموغرافيا الآخرين، إذ قال تشن يوهوا، الأستاذ في كلية العلوم الاجتماعية والسلوكية بجامعة نانجينج الصينية، إنَّه في حين أن المتنبئين المختلفين سيكون لديهم أعداد مختلفة تقريبًا، إلا أن ذروة السكان في المدى المتوسط أمر لا مفر منه.
وقال تشن: "الكثير من الأبحاث من مختلف المؤسسات الدولية، بما في ذلك مؤسستي، تقدر أن عدد سكان الصين سيتوقف عن الزيادة في حوالي عام 2025 ثم يبدأ في الانخفاض، ومن الناحية الديموغرافية سيصل التحدي الحقيقي للصين بعد عام 2025".
ويشير البحث إلى أنَّ الصين قد تكافح من أجل تحقيق طموح قادتها في أن يصبحوا "أغنياء قبل أن يصبحوا مسنين" ، خاصة مع تباطؤ النمو الاقتصادي بالفعل.
وقال ريتشارد جاكسون، رئيس ومؤسس معهد الشيخوخة العالمي، إنَّ الصين ستشيخ قبل أن تصبح غنيّة، وهذه هي النتيجة غير المقصودة لـ"سياسة الطفل الواحد".
ومن المتوقع أن تعاني مقاطعة هيلونغجيانج الواقعة شمال البلاد من أكبر انخفاض في عدد السكان، بنسبة انكماش تبلغ 5.2%، تليها عن كثب مقاطعات لياونينج وتشجيانج وجيلين.
وترتبط النتائج تقريبًا بدراسات أخرى عن انخفاض عدد سكان الصين، مثل تحليل صور الأقمار الصناعية الذي أجرته جامعة تسينجهوا في وقت سابق من هذا العام، والذي أظهر أن كثافة الضوء قد خفت في 28% من 3300 مدينة وبلدة صينية بين عامي 2013 و2016.
وقال ناش من شركة "كومبليت إنتليجنس"، إنَّ الثراء المتنامي كان جزءًا وراء انخفاض عدد السكان، إذ إنَّ الأسر الأكثر ثراءً لديها أطفال أقل.
ومع ذلك، قال كلينت لوران، العضو المنتدب لشركة جلوبال ديموجرافيز ومقرها هونج كونج، إنَّ زيادة الثراء سيجلب الاستقرار الاجتماعي، في حين أن الرعاية الصحية الأفضل ستعني أن الناس سيعيشون ويعملون لفترة أطول، ويتصدى جزئياً لتأثير مجتمع الشيخوخة.
وأشار لوران إلى أنَّ هذا لم يحدث بالصدفة، فالحكومة الصينية كانت تفكر بطريقة أكثر ذكاءً بغض النظر عما قد تفكر فيه سياسياً، وأضاف: "إذا كان لديك نسبة جيّدة من السكان الذين يعملون، فسيزداد ثراءهم، وبالتالي سيصبح لديهم أنماط حياة أفضل، واستقرار اجتماعي، وهذا ما خططت له الصين بالفعل".
وكانت تنبؤات سابقة حذرت من الزيادة المطردة في عدد المُسنّين بالصين، والتي من المتوقع أن تصل إلى 400 مليون بحلول نهاية عام 2035 بدلاً من حوالي 240 مليوناً في عام 2018.
ووجد تقرير الأكاديمية الصينية للعلوم الاجتماعية أن "نسبة الإعالة"، وهي نسبة الأشخاص غير العاملين، والتي تضم الأطفال والمسنين، ارتفعت للمرة الأولى منذ أكثر من 30 عاماً خلال عام 2011، ومن المتوقع على نطاق واسع أن تزداد بشكل أكبر.
ومن المتوقع أن ترتفع نسبة المتقاعدين حتى عام 2060، في حين أن قرار تخفيف قانون "الطفل الواحد" قد صُمم لإعادة توازن البنية العمرية للصين، إلا أنه على المدى القصير سيؤدي أيضاً إلى زيادة معدل الإعالة.