"الفضاء القريب".. الصين تضع استراتيجية هزيمة أمريكا بـ"البالونات"
من وجهة نظر الصين، تقع أحدث معركة للقوى العظمى على ارتفاع يتراوح بين 12 و60 ميلا من سطح الأرض في طبقة رقيقة من الغلاف الجوي.
وبوجود الطبقة الرقيقية المعروفة بـ"الفضاء القريب" فوق مسارات معظم مسارات الطائرات التجارية والعسكرية وأسفل الأقمار الصناعية، تعد منطقة بينية لرحلات الفضاء التي تمر خلالها، لكنها أيضا منطقة تمر منها الأسلحة فرط الصوتية وتعبرها الصواريخ الباليستية، بحسب شبكة "سي إن إن" الأمريكية.
وأولت الصين اهتماما كبيرا بالتطورات الأمريكية وجهود الدول الأخرى في "الفضاء القريب"، والتي وصفها الخبراء العسكريون الصينيون بـ"جبهة جديدة للعسكرة" و"مجال مهم للمنافسة بين القوى العسكرية في العالم."
وبالإضافة إلى تطوير مركبات متطورة مثل الطائرات المسيرة التي تعمل بالطاقة الشمسية والمركبات فرط الصوتية، تعيد الصين إحياء تقنية عمرها عقود من الزمن لاستخدامها في هذه المساحة من المجال الجوي، خاصة المركبات الأخف من الهواء.
وتشمل المركبات الأخف من الهواء، المناطيد، خاصة تلك ذات الارتفاعات العالية والمشابهة للمنطاد الذي تم رصده فوق الولايات المتحدة وإسقاطه، السبت.
وتؤكد الصين أن المنطاد هو مركبة مدنية تستخدم في الأغراض البحثية، بالرغم من ادعاءات المسؤولين الأمريكيين بأن الجهاز جزء من برنامج مراقبة صيني واسع النطاق.
وبينما يجرى تحليل الأجزاء التي تم استعادتها من المنطاد، قال مسؤول كبير بوزارة الدفاع الأمريكية، الخميس، إن البالون "كان قادرا على إجراء عمليات جمع الإشارات الاستخباراتية" وكان جزءا من أسطول تم تسييره فوق "أكثر من 40 بلدا عبر خمس قارات"، وهو ادعاء رفضته الصين رفضا قاطعا.
التكنولوجيا القديمة
وفي حين لا تزال هناك تساؤلات بشأن الحادث، تكشف دراسة لتقارير الإعلام الصيني والأوراق البحثية العلمية، عن الاهتمام الصيني المتزايد بتلك المركبات الأخف، والتي روج الخبراء العسكريون الصينيون لاستخدامها بمجموعة واسعة من الأغراض، من الاتصالات، والاستطلاع، والمراقبة، إلى الإجراءات المضادة الإلكترونية.
وأوضحت "سي إن إن" أن الأبحاث الصينية بشأن البالونات عالية الارتفاعات ترجع إلى السبعينيات، لكن على مدار العقد الماضي كان هناك تركيز متجدد على استخدام التكنولوجيا القديمة بعد تزويدها بمعدات جديدة، في وقت زادت فيه القوى الكبرى حول العالم من قدراتهم في السماء.
ويظهر بحث على "سي إن كيه آي"، أكبر قاعدة بيانات أكاديمية إلكترونية صينية، أن الباحثين الصينيين؛ عسكريين ومدنيين، نشروا أكثر من ألف ورقة وتقرير عن "الفضاء القريب"، معظمها يركز على تطوير مركبات رحلات الفضاء القريب.
كما أنشأت الصين مركز أبحاث لتصميم وتطوير البالونات عالية الارتفاع والمناطيد التي تحلق في الفضاء القريب، تحت إشراف الأكاديمية الصينية للعلوم؛ وهي مؤسسة فكرية حكومية بارزة.
وأشارت "سي إن إن" إلى أن أحد مجالات الاهتمام هو المراقبة؛ ففي حين تنشر الصين بالفعل شبكة أقمار صناعية شاسعة من أجل عمليات المراقبة بعيدة المدى المتطورة، سلط الخبراء العسكريون الصينيون الضوء على مميزات المركبات الأخف من الهواء في أداء هذه المهمة.
وعلى عكس الأقمار الصناعية الدوارة أو الطائرات المتنقلة، يمكن للمناطيد "أن تحوم فوق مكان ثابت لفترة زمنية طويلة"، ولا يمكن أن تكتشفها الرادارات بسهولة، بحسب ما كتبه شي هونغ، المحرر التنفيذي لمجلة "شيببورن ويبنز"، في مقال نشرته وسائل الإعلام التابعة للدولة عام 2022.
ومن الواضح أن الصين ليست الوحيدة التي ترى استخدامات جديدة لتكنولوجيا تمت الاستفادة منها في أغراض الاستطلاع العسكري منذ أواخر القرن الثامن عشر عندما استخدمت القوات الفرنسية فيلق مناطيد.
إذ تعمل الولايات المتحدة أيضا على تعزيز قدرتها على استخدام المركبات الأخف من الهواء. وفي عام 2021، تعاقدت وزارة الدفاع الأمريكية مع شركة طيران أمريكية تعمل على استخدام البالونات كوسيلة "لتطوير صورة تشغيلية أكثر اكتمالا وتطبيق التأثيرات على ساحة المعركة"، بحسب بيان من الشركة المعروفة باسم "ريفين إيروستار" في حينه.
ويبدو أن الصين مدركة تماما لاحتمال استخدام دول أخرى للمناطيد في التجسس، إذ أشار خبراء إلى احتمال استخدام البالونات في جمع البيانات، والذي يمكن أن يساعد في تطوير الصين للأسلحة فرط الصوتية التي تمر عبر الفضاء القريب.
aXA6IDMuMTQ0LjEwNi4yMDcg
جزيرة ام اند امز