واشنطن و"التنين" بعد المنطاد و"خطاب الاتحاد".. لهيب "الحرب" والترميم
بين الوعيد ودعوات الترميم، يتصاعد لهيب "حرب باردة" بين أمريكا والصين في توتر فاقمه خطاب الاتحاد وحادثة المنطاد.
واليوم الأربعاء، لم يتأخر الرد الصيني على انتقادات تضمنها خطاب الرئيس الأمريكي جو بايدن لبكين خلال خطابه السنوي عن حال الاتحاد أمام الكونغرس.
وبمؤتمر صحفي عقدته الأربعاء، قالت الناطقة باسم وزارة الخارجية الصينية ماو نينغ: "سندافع بحزم عن سيادة الصين وأمنها ومصالحها التنموية".
ورغم لهجة التهديد التي نضحت بها العبارة السابقة، إلا أن بكين لم تغفل توجيه دعوة للحوار وترميم العلاقات، حيث دعت نينغ الولايات المتحدة إلى "العمل مع الصين لدفع العلاقات الصينية الأمريكية إلى مسار التنمية الصحية والمستقرة".
حرب باردة!
من الصعب فهم درجة التوتر المخيمة على العلاقات الأمريكية الصينية بالفترة الأخيرة، وسط تواتر لافت للتصريحات والتهديدات، تخللتها لهجة هادئة أحيانا تدعو للحوار وتجنب النزاع.
لكن المؤكد في خضم التطورات المتسارعة أن حادثة منطاد "التجسس" الصيني الذي حلق مؤخرا فوق الولايات المتحدة الأمريكية خلف حمما سكبت الزيت على لهيب العلاقات.
وعلى خط التوتر ذاته، لم يخل خطاب حالة الاتحاد للرئيس الأمريكي من انتقادات للتنين، رفعت منسوب الغضب في بكين، رغم محاولات الإيهام من هذا الجانب أو ذاك بعدم الرغبة في التصعيد وتجاوز الخطوط الحمراء هنا وهناك.
والثلاثاء، أكد الرئيس الأمريكي جو بايدن أن واشنطن لن تسمح للصين بترهيبها، لكنه شدد في الوقت نفسه على أن واشنطن لا تسعى إلى نزاع مع بكين.
وجاءت تصريحات بايدن في إشارة إلى حادث المنطاد الصيني الذي حلق فوق الأراضي الأمريكية قبل إسقاطه السبت الماضي.
وقال بايدن، في خطابه عن حال الاتحاد: "لا تسيئوا فهمنا: كما أظهرنا بوضوح الأسبوع الماضي، إذا هددت الصين سيادتنا، فسنعمل على حماية بلادنا وقد فعلنا ذلك".
وردا على المعارضة الجمهورية التي اتهمته بأنه انتظر طويلا لإسقاط المنطاد ما يشي بـ"ضعف" إدارته في مواجهة بكين، شدد بايدن على أن الولايات المتحدة اليوم "في أقوى موقع منذ عقود لمنافسة الصين أو أي طرف آخر في العالم".
ورأى أن "الفوز بالمنافسة مع الصين يجب أن يوحدنا جميعًا"، مؤكدا في الوقت نفسه تصميمه على "العمل مع الصين، حيث يمكن أن يخدم ذلك المصالح الأمريكية ويفيد العالم بأسره".
وقبل أيام، أسقط الجيش الأمريكي قبالة سواحل كارولينا الجنوبية منطادا صينيا اعتبرته وزارة الدفاع (البنتاغون) تجسسيا ويهدف إلى جمع معلومات حساسة.
لكن بكين أكدت أنه منطاد مدني يهدف بشكل أساسي إلى جمع بيانات الأرصاد الجوية.
دعوة البنتاغون
بعد يومين من إسقاط المنطاد، اعتبرت الحكومة الصينية أن واشنطن "أثرت بشدة وألحقت ضررا" بالعلاقات بين البلدين.
ودفع الحادث وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن في اللحظة الأخيرة إلى تأجيل زيارة كانت مقررة للعاصمة الصينية مطلع الأسبوع، تهدف إلى تهدئة التوتر في العلاقات بين الخصمين الاستراتيجيين.
وفي مؤشر على توتر متصاعد، كشف البنتاغون، الثلاثاء، عن أن بكين رفضت السبت اقتراحا أمريكيا بإجراء محادثة هاتفية بين وزير الدفاع لويد أوستن ونظيره الصيني وي فنغي.
وحينها، نقلت وكالة فرانس برس عن المتحدث باسم البنتاغون بات ريدر قوله: "السبت في الرابع من فبراير (شباط) بعد تنفيذ قرار إسقاط منطاد الحزب الشيوعي الصيني، قدمت وزارة الدفاع (الأمريكية) طلبا لإجراء مكالمة آمنة بين الوزير أوستن ووزير الدفاع الصيني وي فنغي".
وأضاف أن "الاتصالات بين جيوشنا مهمة خصوصا في مثل هذه الأوقات، وللأسف رفض الحزب الشيوعي الصيني طلبنا"، في تطورات يرى مراقبون أنها تختزل حقيقة التوتر المتفاقم بين القوتين، وسط مخاوف من تصاعد لهيب الحرب الباردة المستعرة بين القوتين.