الصين تقتحم مناطق سيطرة الدولار.. تفعيل خطة "اليوان الدولي"
تحاول الصين من خلال عملتها "اليوان"، أن تبني عملة احتياطية دولية تحتاجها الدول لتأمين الاستقرار المالي العالمي وتسهيل النمو الاقتصادي.
ويراقب الغرب الصعود الاقتصادي القوي للصين في الآونة الأخيرة، إذ أصبحت أكبر منتج في العالم، وأكبر اقتصاد عالمي من خلال تعادل القوة الشرائية (PPP) وفق صندوق النقد الدولي.
وبينما يزداد الحديث عن تكهنات بأن الصين ستصبح قريبا القوة المهيمنة الجديدة على العالم؛ إلا أن هذه المرحلة تحتاج إلى خطوات اقتصادية ونقدية تمهد لصعود هذه القوة على عرش الاقتصاد العالمي.
- الصين تبني احتياطيا ضخما لـ"اليوان".. محاولة لحصار الدولار
- ديزني لاند تعود للحياة في شنغهاي.. "مركز أعمال" الصين يودع كورونا
وبدأت الصين بالتحرك على الأرض من أجل إنشاء مجمع احتياطي لعملتها في خطوة تستهدف تدويل اليوان؛ إذ يقوم بنك الشعب الصيني ببناء احتياطي باليوان مع 5دول أخرى بالتعاون مع بنك التسويات الدولية.
وتتعاون الصين مع إندونيسيا وماليزيا وهونج كونج وسنغافورة وتشيلي؛ حيث تساهم كل منها بـ15 مليار يوان أي حوالي 2.2 مليار دولار.
"امتياز باهظ"
الفوائد الناشئة عن إمكانية إصدار بلد للعملة الرئيسية للاقتصاد العالمي، عميقة ومتنوعة للغاية، فهي "امتياز باهظ"، لأن العملة حينها ستكون قادرة على تجنب خطر الوقوع في أزمات ميزان المدفوعات، أو تذبذبات أسعار الصرف.
ومرد ذلك، إلى أن تدويل العملة يجعل منها أساسا في معظم أسعار التجارة الدولية، وفي نفس الوقت تتمتع الحكومة باستقلالية غير محدودة تقريبا لسياستها الاقتصادية.
من المؤكد أن الحكومة الصينية تدرك هذه الفوائد، فضلاً عن المشاكل المتعلقة بـ"فخ الدولار"، أي الاعتماد الكبير على الدولار الأمريكي، حيث العالم بأسره (بما في ذلك الصين) ملزمة حاليا بالتعامل بالدولار.
وتحاول الصين من خلال عملتها "اليوان"، أن تبني عملة احتياطية دولية تحتاجها الدول لتأمين الاستقرار المالي العالمي وتسهيل النمو الاقتصادي العالمي.
أدوات الصين
ومنذ عام 2012 حتى اليوم، نجحت الصين في فتح 22 مركزا لعملتها حول العالم، خاصة في آسيا، مع وجود مراكز أخرى في الولايات المتحدة وأوروبا وإفريقيا.
ويُسمح لهذه المراكز بتطوير العمليات باليوان من خلال البنوك المعتمدة، والتي تكون في جميع الحالات تقريبا صينية؛ فهذه المراكز هامة لأن تدويل العملة قد يتم تعزيزه من خلال تدويل النظام المصرفي الوطني وفي الحالة الصينية يتم صنع كلاهما في وقت واحد.
ولدى الصين نظام التحويلات المالية العابر للحدود بديلا لـ"SWIFT" وهو نظام "CIPS" والذي أطلقته الصين عام 2015، لتسهيل الأعمال التجارية عبر الحدود بعملة اليوان وإنشاء بديل لنظام SWIFT المستخدم على نطاق واسع.
ولتأكيد أن إعلان الصين اليوم بناء مجمع احتياطي لعملتها، ليس وليد اليوم، فقد كانت بكين تخطو تدريجيا نحو تدويل عملتها من خلال تحديد أسعار براميل النفط بعملة اليوان.
تاريخيا، دفعت حكومة الولايات المتحدة بشدة تسمية سلع الطاقة بالدولار؛ لكن من المؤكد أن هذه الخطوة الصينية المماثلة ستثير حركات جيوسياسية كبيرة في المستقبل.
ومنذ عام 2015 حتى اليوم، تروج الصين لمبادرة تتمثل في حملات إعلانية في مواقع إستراتيجية في جميع أنحاء العالم (مثل المطارات الدولية في أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية) لتحفيز الأجانب على الاستثمار في اليوان.
لذلك، من الواضح تماما أن الحكومة الصينية منخرطة بعمق في جهود تدويل عملتها؛ وقد تترافق هذه الإجراءات مع سياسات أخرى تتعلق بالجبهة الخارجية.
المبادرة الأهم
الأهم، أن مبادرة الحزام والطريق، من المحتمل أن تكون ناقلا بعيد المدى لزيادة الاستخدام الدولي لليوان الصيني بين الدول الشريكة والتي يتجاوز عددها 60 بلدا مباشرا، وأكثر من 80 بلدا بشكل غير مباشر.
ويُصدر بنك التسويات الدولية مسحا كل ثلاث سنوات حول أسواق الصرف الأجنبي العالمية، ويوضح أن هيمنة الدولار الأمريكي ما تزال قوية، إذ أن 88.3% من جميع العمليات في هذه الأسواق تزال تستخدم الدولار.
أما بالنسبة لليوان الصيني فلا يزال استخدامه متواضعا جدا بنسبة 4.3% من الإجمالي، لكن التطور مع مرور الوقت كان ملحوظا، فقد كان صفرا في عام 2001 وأقل من 1% في عام 2010.
كما أن التجارة الخارجية الصينية باليوان كانت صفرا في عام 2009 وبعد عشر سنوات تمثل ما يقرب من 15% من الإجمالي.
أخيرا، من الضروري تحليل استخدام اليوان كعملة احتياطية، ففي عام 2016، أدرج صندوق النقد الدولي اليوان في سلة العملات المكونة لحقوق السحب الخاصة إلى جانب الدولار الأمريكي واليورو والجنيه الإسترليني والين.
منذ ذلك الحين، يوفر الصندوق بيانات عن مشاركة اليوان في احتياطيات النقد الأجنبي، وقد تطورت هذه الحصة من 1.1% من إجمالي الاحتياطيات المخصصة في الربع الرابع من 2016، إلى 2% في الربع الثاني من عام 2020.
aXA6IDE4LjExOC4yMjcuMTk5IA== جزيرة ام اند امز