الصين بين الابتكار والسياسة.. مسار دقيق يحدد معايير النجاح

اجتمع كبار رجال الأعمال في الصين مؤخرًا في مؤتمر نظمته الحكومة، وجسدت كلماتهم التزامًا واضحًا بالابتكار والمسؤولية الاجتماعية ضمن إطار الأولويات الوطنية.
ووفقا لتقرير لمجلة فورين بولسي، استخدم المتحدثون، دون استثناء، عبارات مثل "آفاق واسعة"، و"إمكانات كبيرة"، و"الوقت المناسب تمامًا" — وهي مصطلحات أصبحت مرتبطة ارتباطًا وثيقًا بخطاب الرئيس شي جين بينغ منذ توليه الحكم.
والحدث عكس بوضوح كيف أصبحت ريادة الأعمال في الصين مرتبطة ارتباطًا وثيقًا بالاصطفاف مع الأولويات السياسية. وتمثل الشركات المشاركة هذا التوجه، خاصة تلك العاملة في القطاعات الاستراتيجية التي حددتها خطة "صُنع في الصين 2025".
ابتكار وطني
وبرزت شركتا Unitree Robotics وGalactic Energy كمثالين على ما تعتبره بكين “الابتكار الموجّه.
أما شركة Unitree ف تهيمن على سوق الروبوتات منخفضة التكلفة، بينما Galactic Energy، التي أسسها موظفون سابقون في القطاع الفضائي الحكومي، تمثل طموح الصين في إطلاق آلاف الأقمار الصناعية.
وكلا الشركتين لا تُعرضان كشركات خاصة بقدر ما تُقدَّمان كشركاء وطنيين في مشروع الصين التكنولوجي. ينطبق الأمر ذاته على شركات مثل Erdos Group، أكبر منتج للكشمير في البلاد، والتي أصبحت تُروّج الآن لنهج الاستدامة البيئية؛ وشركة Weiqiao التي نقلت صناعتها للألمنيوم إلى مقاطعة تستخدم الطاقة الكهرومائية؛ وشركة Jointown الدوائية التي توسعت في الأرياف استجابةً لحملة "النهضة الريفية".
دعم حكومي
وأكدت السلطات على نيتها دعم القطاع الخاص مجددًا. ففي فبراير/شباط، التقى الرئيس شي جين بينج بعدد من رواد الأعمال، بمن فيهم جاك ما، في إشارة إلى الانفتاح. كما تبنت بكين في أبريل/نيسان أول قانون شامل لدعم القطاع الخاص، يتعهد بضمان المنافسة العادلة وإنهاء ممارسات مثل "الصيد عبر المقاطعات" التي استهدفت آلاف رجال الأعمال.
وفي حين انخفض الاستثمار الأجنبي المباشر بنسبة 15.2% في النصف الأول من عام 2025 مقارنة بالعام الماضي، في ظل استمرار المخاوف من الغموض القانوني وتقلّب السياسات، جاء المؤتمر ليس فقط لطمأنة الداخل، بل أراد توجيه رسالة للخارج مفادها أن الصين لا تزال ترحب بريادة الأعمال.
وما سيحدد نجاح الحكومة في جذب الاستثمارات الأجنبية هو مدى سماحها لريادة الأعمال بأن تنمو، خارج دائرة الأولويات السياسية.