الصين وروسيا تواجهان الضغوط الأمريكية بتجنب استخدام "الدولار"
الدولتان تحرصان على تقليص اعتمادهما على الدولار الأمريكي، بينما تواصلان الحديث عن إنشاء نظام جديد لتداول عملات الروبل واليوان مباشرة.
قال مستشار كبير للرئيس الروسي فلاديمير بوتين إنه يتعين على الصين وروسيا تجنب استخدام الدولار الأمريكي في الترجمات المالية لتقليل قدرة واشنطن على تحريض الدول الأخرى على اتباع قواعدها مع التهديد بفرض عقوبات.
وحسب شبكة أخبار "جوان تشا" الصينية فإن الدولتين تحرصان على تقليص اعتمادهما على الدولار الأمريكي لبعض الوقت، بينما تواصلان الحديث عن إنشاء نظام جديد لتداول عملات "الروبل" و"اليوان" مباشرة على الرغم من التأخيرات المتعددة.
وبحسب ما قاله سيرجي جلازييف الخبير الاقتصادي الكبير ومستشار الرئيس الروسي: "الولايات المتحدة هي أقوى اقتصاد في العالم، إذا أردنا تجنب هيمنة الدولار فإن أول ما يتعين علينا القيام به هو تجنب استخدام الدولارات، لأن أساس الاقتصاد الأمريكي يستند إلى احتياطيات الدولار المملوكة من قبل دول أخرى، وهذا منحه القدرة والثقة للضغط على الدول الأخرى للعب وفقا لقواعدها".
وأضاف أن "من شأن تجنب استخدام الدولار الأمريكي إضعاف النفوذ الأمريكي في نهاية المطاف".
ويتضح اعتماد الاقتصاد الروسي على الدولار الأمريكي من خلال ثلاث محاولات فاشلة هذا الأسبوع خلال منتدى سان بطرسبرج الاقتصادي الدولي لتبادل اليوان الصيني مقابل الروبل الروسي، حيث رفضت ثلاثة بنوك روسية رئيسية إتمام الصفقة، قائلة إنها ستبيع الروبل فقط مقابل الدولار الأمريكي.
وتسعى بكين وموسكو إلى إقامة علاقات اقتصادية أوثق في مواجهة الضغوط المتصاعدة لإدارة ترامب على الصين والعقوبات المستمرة على روسيا.
ويقوم الرئيس الصيني شي جين بينغ، الأربعاء، بزيارة إلى روسيا حيث يهدف كلا البلدين إلى فتح "حقبة جديدة" من الصداقة وتعزيز الشراكة الاقتصادية في سياق تبادل عقوبات وحرب تجارية بين بكين وواشنطن، من ثم يتوجه إلى ثاني أكبر مدينة في روسيا لحضور المنتدى الاقتصادي السنوي الخميس.
وفي واحدة من أحدث خطوات التصعيد للنزاع التجاري المستمر منذ عام بين الصين والولايات المتحدة، أشارت واشنطن إلى أسباب تتعلق بالأمن القومي لوضع هواوي على قائمة سوداء تمنع بشكل فعال الشركات الأمريكية أو الأجنبية التي تتعامل في المعدات الأمريكية الحاصلة على براءة اختراع من تزويد أكبر شركة مصنعة لمعدات الاتصالات في الصين.
وفي الأسبوع الماضي، عارضت الصين هذه الخطوة من خلال إنشاء "قائمة كيانات غير موثوق بها" لتلك الشركات التي أضرت أفعالها بالشركات الصينية لأسباب غير اقتصادية.
وقال جلازييف: "الصين، التي لديها مخاوف عميقة بشأن العقوبات الأمريكية، كانت حذرة للغاية عند التعاون مع روسيا".
كما أشار أيضاً إلى أنه يتعين على الصين وروسيا، اللتين اتفقتا بالفعل على تعميق التعاون في إطار "مبادرة الحزام والطريق" التي تقودها بكين والاتحاد الاقتصادي الأوروبي-الآسيوي بقيادة موسكو، واستخدام المزيد من العملات المحلية، في حين يتعين على البورصات في الصين وروسيا استخدام اليوان الصيني حيثما أمكن ذلك.
وردد تشو لي، المدير السابق لقسم الاتصال الدولي باللجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني، تصريحات جلازييف.
وقال تشو، وهو دبلوماسي سابق في موسكو، إنه ينبغي على الحلفاء السابقين في الحرب الباردة أن يتحدوا لمواجهة العقوبات الأمريكية العدوانية.
وقال تشو أيضاً إن التعاون سوف يشمل تقييما مشتركا للمخاطر التي تتعرض لها العلاقات الصينية الروسية، نتيجة لسياسة الولايات المتحدة "الطويلة المدى" المتمثلة في استخدام العقوبات لفرض الامتثال للقواعد الأمريكية.
وأضاف أن البلدين يمكنهما إقامة نظام تسوية بغير الدولارات لتجارة الطاقة، حيث تعد روسيا الآن أكبر مورد للنفط الخام للصين، وستصبح قريبًا أكبر مورد للغاز عندما يبدأ خط أنابيب "باور أوف سيبيريا" في توصيل الغاز من أقصى شرق روسيا إلى الصين في وقت لاحق من هذا العام.
وتابع تشو قائلاً: "في بعض المجالات الحساسة، يتعين على البلدين توسيع نطاق التسوية بالعملات المحلية لقطع القيود طويلة الأجل على استثماراتنا المالية من هيمنة الدولار"، مضيفًا أنه يتعين على البلدين تسريع المفاوضات حول إقامة نظام تسوية للتداولات غير النقدية لزيادة الاستقلال المالي.
وفي عام 2014، وقعت الصين وروسيا على 38 صفقة للطاقة والتجارة والتمويل ومقايضة للعملة بقيمة 150 مليار يوان (22 مليار دولار أمريكي)، حيث كانت تسعى روسيا إلى إقامة علاقات تجارية مع الصين بعد أن أدى ضمها شبه جزيرة القرم إلى فرض عقوبات من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي.
كما صرف بنك روسيا المركزي 101 مليار دولار من احتياطاته من العملات الأجنبية العام الماضي في أكبر تحول له على الإطلاق من الأصول المقومة بالدولار الأمريكي، وانتقل إلى اليورو واليوان والين.
وقال محللون إن هذه الخطوة تعني أن روسيا تمتلك الآن نحو ربع احتياطاتها من اليوان العالمي، ما يعكس تفضيلها السياسي لأن تلعب الصين دورًا أكبر كشريك استثمار تجاري في المستقبل.
على الرغم من ذلك فإنه في الوقت الحالي لا تزال 70 إلى 90% من التجارة بين الصين وروسيا تتم بالدولار الأمريكي، مع استخدام اليوان في 2% فقط من المعاملات الخارجية لروسيا.
في إطار التفكير في مدى تعقيد تطوير بديل للدولار الأمريكي، أجلت روسيا صفقة مع بكين لتعزيز عمليات تداول الروبل واليوان مباشرة في نهاية العام الماضي، حيث كان قد أجرى البلدان محادثات لإطلاق نظام جديد عبر الحدود لتحسين المدفوعات المباشرة للفواتير التجارية، وللاستعمال بطاقة يونيون باي الصينية في روسيا وبطاقة مير الروسية في الصين.
كما يشهد الاستثمار الصيني تراجعا في أكثر المجالات الواعدة مثل قطاع الطاقة في روسيا، حيث أبطأت الصين جهودها لتدويل عملتها بسبب المخاوف من تدفقات رأس المال إلى الخارج وسط تباطؤ الاقتصاد.
aXA6IDEzLjU4LjIwNy4xOTYg
جزيرة ام اند امز