لغز الاقتصاد الصيني.. أرقام إيجابية ولكن! (تحليل)
كانت الأسهم الصينية من بين أفضل الأسهم أداءً في العالم خلال الأشهر الستة الماضية.
حيث يراهن المستثمرون على التعافي الاقتصادي للبلاد بعد رفع القيود المفروضة على تفشي وباء كوفيد.
الربع الأول
ولكن منذ 18 أبريل/ نيسان، أصدرت الصين أرقامًا عن إنتاجها الاقتصادي للربع الأول حيث فقدت أسهم الشركات الصينية في جميع أنحاء العالم حوالي 540 مليار دولار من حيث القيمة ، وفقًا لحسابات سي إن إن. وخفض المستثمرون تعرضهم للصين وسط حالة عدم اليقين الاقتصادي في البلاد ، وتزايدت التوترات الجيوسياسية وحملة بكين على الشركات الاستشارية الدولية.
وفقد مؤشر ناسداك جولدن دراجون الصيني أكثر من 5٪ منذ 18 أبريل/ نيسان. كما تراجع مؤشر هانج سنج في هونج كونج بنسبة 5٪. وانخفض مؤشر شنغهاي بنسبة ٣٪ ومؤشر شجنن بنس 6.5٪ وخلال نفس الفترة ، قفز مؤشر ناسداك بنسبة 4٪.
ولم يقتصر البيع على الأسهم حيث انخفض اليوان الصيني بأكثر من 2٪ في الشهر الماضي.
والأربعاء الماضي، انخفض اليوان إلى أقل من 7 مقابل الدولار الأمريكي في التعاملات الخارجية واخترق هذا المستوى الرئيسي لأول مرة هذا العام وتراجعت العملة أكثر يوم الجمعة الماضي ، لتصل إلى أدنى مستوى لها في ما يقرب من ستة أشهر
ونقل التقرير عن بروك سيلفرز ، كبير مسؤولي الاستثمار في شركة كايوان كابيتال ومقرها هونغ كونغ، أن المستثمرين يظلون متشككين بشأن الصين لسببين رئيسيين؛ أولاً أن الانتعاش لم يكن قوياً وثانيا بسبب المخاطر الجيوسياسية والسياسة الصينية.
التوترات مع أمريكا
وأصبحت العلاقات بين الولايات المتحدة والصين متوترة بشكل متزايد خلال الأشهر القليلة الماضية حيث شددت واشنطن العقوبات ضد الصناعات الصينية الرئيسية، بما في ذلك صناعة الرقائق وأظهرت بكين عدم ثقة متزايدًا في الشركات الأجنبية، وقمعت الاستشارات الدولية ووسعت قانون مكافحة التجسس في البلاد الشهر الماضي.
ويوضح مايكل كيلي، الرئيس التنفيذي لشركة إدارة الأصول المتعددة بين بريدج أنه لسوء الحظ بعد عقدين من التعاون المتبادل، تصاعدت التوترات العالمية بين الصين والولايات المتحدة".
انتعاش غير مكتمل
وبدأت الأسهم الصينية ارتفاعًا حادًا في أواخر أكتوبر/ تشرين الأول الماضي على أمل أن تخرج البلاد من سياستها المكلفة الخاصة بـ صفر كوفيد، وفي أوائل ديسمبر/ كانون الأول، تخلصت بكين من القيود الصارمة، مما أدى إلى انتعاش سريع في النشاط الاقتصادي.
ولكن على الرغم من النمو القوي الذي يقوده الاستهلاك بنسبة 4.5٪ في الربع الأول، تصف البيانات الاقتصادية الأخيرة انتعاش ثاني أكبر اقتصاد في العالم بأنه غير متكافئ.
وأصدرت الصين مجموعة من البيانات الاقتصادية لشهر أبريل، والتي خيبت آمال المستثمرين إلى حد كبير، حيث خفضت بنوك نومورا وباركلي توقعاتهما للنمو الاقتصادي إلى 5.5٪ و5.3٪ على التوالي بعد صدور البيانات. لكن بنوك يو بي اس وجولدن مان ساكس أبقت على توقعات النمو الخاصة بهما ، والتي بلغت 5.7٪ و 6٪ لهذا العام.
كذلك ارتفع مؤشر التضخم بنسبة 0.1٪ فقط في أبريل/ نيسان، وهو أبطأ وتيرة في أكثر من عامين وانخفض مؤشر التضخم، الذي يقيس أسعار منتجات المصانع بنسبة 3.6٪، مسجلاً أكبر انكماش في ثلاث سنوات، وهو ما يؤكد مخاطر الانكماش.
وانخفضت الواردات بنسبة 7.9٪ في أبريل / نيسان، مما عزز بوادر ضعف الطلب المحلي.
وفيما يتعلق بالتوظيف، سجل معدل البطالة للفتيان الذين تتراوح أعمارهم بين 16 و 24 عامًا مستوى قياسيًا بلغ 20.4٪ في أبريل / نيسان.
ويوضح سيلفرز أن قطاع العقارات المتعثر" في الصين، لا يزال مصدر قلق كبير والذي كان المحرك الرئيسي للاقتصاد في السابق حيث إنه على مدى العقود القليلة الماضية، استحوذ القطاع على ما يصل إلى 30 ٪ من الناتج المحلي الإجمالي للصين.
وأفاد المكتب الوطني للإحصاء الماضي أن أسعار المساكن الجديدة ارتفعت بنسبة 0.3٪ فقط في أبريل / نيسان، بعد أن كان صاعدا بنسبة 0.4٪ في مارس/ أذار ، مما يشير إلى أن الطلب قد يتلاشى بعد انتهاء القيود الوبائية .
و قبل فبراير/ شباط، كانت أسعار المساكن في انخفاض تاريخي لمدة 18 شهرًا تقريبًا.
مكافحة التجسس
حتى في الوقت الذي سعى فيه قادة الصين إلى جذب الاستثمار الأجنبي، أثارت حملة ضد شركات الاستشارات قلق رجال الأعمال.
وقامت بكين في الشهر الماضي، بتعديل قانون مكافحة التجسس، الذي وسع قائمة الأنشطة التي يمكن اعتبارها تجسسًا وخلال الأشهر القليلة الماضية.
وشن المسؤولون سلسلة من المداهمات على شركات استشارية كبرى، واتهموا شركة الاستشارات "كاب فيجين"، بالمساعدة في تسريب معلومات عسكرية حساسة إلى القوات الأجنبية.
كما أعلنت السلطات عن تحقيق على مستوى البلاد لمعرفة ما إذا كانت صناعة الاستشارات قد استخدمت في التجسس.
وقال نيل توماس، الزميل في مركز تحليل الصين التابع لمعهد مجتمع آسيا للسياسات إن تحركات بكين للحد من وصول الأجانب إلى المعلومات المحلية عن الأعمال تجعل الاستثمار في الأسهم في الصين أكثر صعوبة".
ويوضح أن التركيز الكبير على الأمن القومي في صنع السياسة الاقتصادية هو مثال نموذجي لكيفية خلق قيادة شي لمخاطر سياسية تجعل من الصعب على الشركات الأجنبية القيام بأعمال تجارية في الصين."
ويقول مديرو الصناديق والمحللون إن الإجراءات الصارمة تجعل الأمر أكثر صعوبة بالنسبة للمستثمرين الأجانب للحصول على معلومات روتينية حول الشركات الصينية التي من شأنها أن تؤثر عادة في عملية صنع القرار.
وفي الوقت نفسه، قيدت بكين الوصول الخارجي إلى بعض مصادر البيانات الصينية ، مثل موقع ويند، وهي قاعدة بيانات توفر البيانات المالية الرئيسية.
إغلاق المحال والشركات
وتخطط شركة فورستر للاستشارات، وهي شركة أبحاث واستشارات أمريكية ، للتخلص من غالبية محلليها في الصين ، وفقًا لتقارير وسائل الإعلام. وقالت الشركة إنها ستغلق مكتبها في الصين كجزء من إعادة هيكلة عالمية.
وقال متحدث باسم الشركة إن السبب الرئيسي في اغلاق شركته في الصين هو وضع الاقتصاد غير المواتي، إلى جانب التحول المستمر حيث إن حجم أعمال الشركة في الصين "ليس مؤثرا على إيرادات الشركة عالميا وسوف تستمر في خدمة عملائها في الصين دون تأثر.
وأوقف أيضا أحد صناديق التقاعد الكندية فريقها للاستثمار في الأسهم في الصين وهو يعد أحد أكبر صناديق التقاعد في العالم.
ورغم ذلك بعض المستثمرين ما زالوا مقتنعين بأن الصين سوف تنتعش. ويحتاج المرء أيضًا إلى أن يضع في اعتباره أن هذا يتبع الصين التي كانت تقود سابقًا معظم أسواق إلا أن الأسهم الرئيسية حاليا عند أدنى مستوياتها في أكتوبر/ تشرنين الأول".
وأضاف كلما ظهرت المزيد من المشكلات في الاقتصادات الغربية سوف يقوم المزيد من المستثمرين العالميين باستثمار الأموال في الأصول الصينية.
aXA6IDMuMTQ3LjIwNS4xOSA=
جزيرة ام اند امز