سفير الإمارات بالصين يعدد في مقابلة مع "العين الإخبارية" ثمار علاقات استراتيجية متنامية
أكد الدكتور علي عبيد الظاهري سفير دولة الإمارات لدى جمهورية الصين الشعبية عمق وتطور العلاقات الإماراتية الصينية منذ تأسيسها عام 1984.
ومهنئا جمهورية الصين بمناسبة يومها الوطني الـ73 استعرض السفير الظاهري في مقابلة مع "العين الإخبارية" مراحل ازدهار وتنامي تلك العلاقات، وصولا إلى حجم تبادل تجاري غير نفطي يتجاوز الـ60 مليار دولار أمريكي.
السفير أكد أيضا خلال المقابلة على ثمار العلاقات الثنائية الاستراتيجية بين البلدين، لا سيما في قضايا المناخ والتنمية الاقتصادية والطاقة والذكاء الاصطناعي والتجارة والاستثمار والطيران والعلوم والتكنولوجيا، والتعليم المتطور.
بالإضافة إلى الرؤى المشتركة للبلدين بشأن القضايا والتحديات العالمية والإقليمية بما يساهم بتحقيق الاستقرار والأمن والسلم على مختلف الصعد الدولية والإقليمية.
وإلى نص المقابلة مع الدكتور علي عبيد الظاهري سفير دولة الإمارات لدى جمهورية الصين الشعبية:
* كيف ترون تطور العلاقات الإماراتية الصينية في الآونة الأخيرة؟
في البداية يطيب لي أن أتوجه بأحر التهاني وأطيب الأمنيات إلى جمهورية الصين الشعبية قيادة وشعبا بمناسبة اليوم الوطني الـ73، وبالإنجازات الكبيرة التي حققتها الصين الصديقة على الصعيدين المحلي والدولي.
كما لا بد لي أن أشيد بمستوى التطور الذي شهدته العلاقات الثنائية منذ تأسيسها في 1984، والتي ارتقت تحت قيادة الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات، وشي جين بينج رئيس جمهورية الصين الشعبية لتصل إلى الشراكة الاستراتيجية الشاملة في عام 2018 في مختلف المجالات الاقتصادية والتجارية والثقافية والسياسية والدبلوماسية.
وتشهد علاقاتنا الثنائية اليوم حقبة تاريخية، تجاوز خلالها التبادل التجاري غير النفطي 60 مليار دولار أمريكي، ونحن قادرون على تحقيق هدف الوصول إلى 200 مليار دولار للتجارة بين الدولتين بحلول 2030.
وفي إطار التعاون بين البلدين بهدف تحقيق الازدهار المشترك حرصت الإمارات العربية المتحدة على أن تكون من أوائل الدول الداعمة للمبادرات الصينية التنموية، مثل مبادرة الحزام والطريق ومبادرة التنمية العالمية، وهي أيضا عضو مؤسس للبنك الآسيوي للاستثمار في البنية التحتية.
* ننطلق من العلاقات الصينية الإماراتية، للحديث عن العلاقات الصينية العربية، كيف ترونها حالياً؟ وما الدور الذي تلعبه دولة الإمارات في هذا الإطار؟
تجمع الصين بالعالم العربي علاقات عميقة، وقد ترسخت هذه العلاقة على أساس الاحترام المتبادل والمنفعة المشتركة ونمت لتصبح هذه الفترة حقبة مميزة ثانية بين الصين والمنطقة العربية. ولعل خير مثال على ذلك هو العلاقة بين دولة الإمارات والصين، حيث تبلغ نسبة إجمالي التجارة غير النفطية بين البلدين 28% من إجمالي التجارة غير النفطية بين الصين والدول العربية، وقد أصبحت دولة الإمارات مركزا لوجستيا إقليميا رئيسيا، ولا سيما بين الصين والمنطقة العربية، ولذلك فإن أكثر من 60٪ من تجارة الصين إلى الشرق الأوسط وشمال أفريقيا تمر الآن عبر الإمارات العربية المتحدة.
* كيف ترون التعاون الإماراتي الصيني في الملفات الإقليمية والعالمية لا سيما في مجال التغير المناخي؟
لطالما سعت دولة الإمارات للعب دور إيجابي في قضايا المناخ. وواصلت تكثيف جهودها للحد من تأثيره، وقد كانت الإمارات العربية المتحدة أول دولة في المنطقة توقع وتصدق على اتفاقية باريس للمناخ، كما أعلنت عن مبادرة الحياد المناخي بحلول عام 2050.
وتشكل قضية تغير المناخ محورا أساسيا وأولوية لدولة الإمارات، ولذلك كان هذا الملف حاضرا خلال فعاليات إكسبو 2020 دبي، كما استضافت الدولة قمة عالمية حول قضايا المناخ خلال هذا الحدث العالمي.
وفي هذا الصدد تستعد دولة الإمارات لمؤتمر COP27 القادم في شرم الشيخ وتقوم بالتنسيق مع جمهورية مصر العربية. كما تستعد دولة الإمارات لاستضافة COP28 في عام 2023 لتعزيز دبلوماسية المناخ وتحقيق تطلعات الدولة وكذلك المجتمع الدولي في معالجة التغير المناخي.
ولا شك أن الصين تقوم بدور رئيسي على الساحة الدولية في هذا المجال، إذ تشارك دولة الإمارات في اهتمامها بقضية المناخ، وقد التزمت الحكومة الصينية في خطتها الخمسية الأخيرة بتعزيز التنمية منخفضة الانبعاثات الكربونية والاستخدام الأكثر كفاءة للموارد ومنح أولوية للمحافظة على الطبيعة، كما تعهد شي جين بينج الرئيس الصيني بأن تصل البلاد إلى ذروة انبعاثات ثاني أكسيد الكربون بحلول عام 2030 وتحقيق الحياد الكربوني بعد 30 سنة، في خطابه أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة العام الماضي.
وفي ظل وجود هذا الاهتمام المشترك بملف تغير المناخ بين دولة الإمارات والصين، فإن الجانبين يحرصان على التعاون في هذا المجال، وقد تم في 2019 توقيع مذكرة تفاهم للتعاون في حماية البيئة والمحافظة عليها بين وزارة التغير المناخي والبيئة في الدولة ووزارة البيئة والإيكولوجيا الصينية، وفي نفس العام انضمت دولة الإمارات إلى التحالف الدولي للتنمية الخضراء على طول الحزام والطريق.
ونحن على يقين أن آفاق التعاون الثنائي في هذا المجال مفتوحة وطموحات البلدين كبيرة نحو التخطيط والتنفيذ لمستقبل قائم على رفع مستوى رفاهية المعيشة وجودة الحياة لشعبينا ولشعوب العالم.
* كيف يمكن أن تسهم دولة الإمارات والصين في تعزيز التنمية الاقتصادية واستقرار المنطقة؟
تتقاسم دولة الإمارات والصين رؤية متشابهة لتحقيق التنمية الاقتصادية المستدامة على مستوى العالم، ومن هذا المنطلق يواصل الجانبان البحث سوياً في سبل تطوير آليات جديدة للتعاون المشترك والمتعدد الأطراف، وإيجاد تصورات لمستقبل التعاون بما يكفل تكامل أهدافها مع جهود التنمية العالمية على كافة مستوياتها المحلية والإقليمية والدولية، سواء من خلال التعاون الثنائي أو متعدد الأطراف بما فيه مصلحة شعبي البلدين، والمنطقة وكل شعوب العالم.
ويرى الجانبان أن هنالك فرصاً متنوعة للتعاون في مجالات مختلفة مثل الطاقة والذكاء الاصطناعي والتجارة والاستثمار والطيران والعلوم والتكنولوجيا، والتعليم المتطور والبحوث وغيرها، والتي من شأنها أن تعود بالنفع ليس فقط على دولة الإمارات والصين وإنما لكافة دول المنطقة لتساهم في التنمية الاقتصادية فيها على عدة مستويات.
إن دولة الإمارات حريصة على مبادئ السلم والتسامح والانفتاح والحوار مع الثقافات الأخرى من خلال مد جسور التواصل والتعاون مع المجتمع الدولي لتعزيز الأمن والاستقرار وتحقيق التنمية الاقتصادية المستدامة على مستوى العالم.
وتعد علاقاتنا مع جمهورية الصين الشعبية نموذجا متميزا للعلاقات الثنائية القائمة على الاحترام والثقة المتبادلين والتي تنسجم مع هذه المبادئ. وستعمل دولة الإمارات مع الصين وجميع الأعضاء في مجلس الأمن للمساهمة في تحقيق السلام والازدهار العالميين.
* كيف تقيمون التطورات التي قامت بها الصين؟ وما توقعاتكم لمستقبلها؟
إن الإنجازات الملهمة التي حققتها الصين المتعلقة بالقضاء على الفقر، هي من أهم إنجازات العصر الحديث، حيث بلغت الصين اليوم مكانة عالمية متقدمة، وأضحت ثاني أقوى اقتصاد عالمي وذات مكانة دولية رائدة.
وقد لعبت الصين دورا بارزا في تحقيق أهداف التنمية المستدامة لعام 2030 قبل 10 سنوات من الموعد المحدد لها، وساهمت سياساتها بشكل كبير في تحقيق هدف الألفية للأمم المتحدة لخفض الفقر على مستوى العالم إلى النصف.
aXA6IDE4LjIxNy4xMzIuMTA3IA== جزيرة ام اند امز