بايدن في بابوا غينيا الجديدة.. أمريكا والصين تتصارعان على "خاتم سليمان"
قفزة نادرة في مياه التنافس الجيوسياسي بمنطقة آسيا والمحيط الهادئ، بعنوان واضح: احتواء الصعود الصيني ووضع أقدام أمريكا في مناطق مهمة.
إذ يتوجه جو بايدن إلى بابوا غينيا الجديدة الشهر المقبل، في أول زيارة يقوم بها رئيس أمريكي إلى الأرخبيل منذ قرن على الأقل، في رحلة قصيرة لكنها ترتدي طابعا رمزيا كبيرا.
وقال وزير خارجية الأرخبيل الواقع في أوقيانوسيا جاستن تكاتشينكو إن بايدن "سيصل في 22 مايو/أيار في الصباح وسيبقى لمدة ثلاث ساعات فقط".
وأضاف أن المناقشات يفترض أن تتركز على الاقتصاد والأمن وتغير المناخ.
وتابع تكاتشينكو أن الرئيس الأمريكي يعتزم التوقف في العاصمة بور مورسبي في مايو/أيار على هامش رحلاته إلى اليابان لحضور قمة مجموعة السبع وزيارة سيدني مع التحالف غير الرسمي المسمى "كواد" الذي يضم أيضا اليابان وأستراليا والهند.
وتدل هذه الزيارة الرئاسية على الأهمية الاستراتيجية المتزايدة لبابوا غينيا الجديدة في منطقة يتعزز فيها وجود الصين.
وفي 2018، زار الرئيس شي جين بينغ ميناء مورسبي في بابوا غينيا الجديدة، وسط ضجة كبيرة، وقد رفعت الأعلام الصينية في العاصمة وتجمع حشد كبير لتحيته عند مرور موكبه.
واعتُبرت هذه الرحلة على نطاق واسع تغييرا دبلوماسيا كبيرا لبكين.
ويشعر المسؤولون الأمريكيون والأستراليون بالقلق من الارتفاع السريع في الاستثمار الصيني في بابوا غينيا الجديدة الغنية بالموارد.
وفي الماضي، زار عدد من وزراء الخارجية الأمريكيين الأرخبيل، بمن فيهم هيلاري كلينتون. كما زاره نائب الرئيس السابق مايك بنس في 2018.
لكن وفق سجلات وزارة الخارجية التي تعود إلى إدارة ثيودور روزفلت في 1901، لم يقم أي رئيس أمريكي يمارس مهامه بزيارة إلى بابوا غينيا الجديدة.
موازنة جزر سليمان
وجذبت طموحات الصين في المحيط الهادئ اهتماماً متجدداً لأول مرة في مارس/آذار 2022، عندما تسربت مسودة اتفاقية أمنية من شأنها أن تفتح باباً واسعاً للجيش والشرطة الصينيَّين في جزر سليمان.
ومع إعلان الصين وجزر سليمان في وقت لاحق توقيع الاتفاقية الأمنية، حدث ما يشبه الزلزال السياسي في منطقة المحيط الهادئ، تردد صداه في الغرب، إذ تحولت الجزر فجأة إلى نقطة صدام لم تكن متوقعة بين الولايات المتحدة والصين.
وتقع جزر سليمان المكونة من 990 جزيرة، في جنوب المحيط الهادئ، على بعد أقل من 2000 كلم من الساحل الشرقي لأستراليا، وتبلغ مساحتها مجتمعة نحو 82450 كليومترا مربعا.
ووقت إعلان الاتفاق الأمني، أعربت الدول الغربية عن مخاوفها من أن الوجود الأمني الصيني المتزايد في المحيط الهادئ من شأنه أن يزعزع استقرار المنطقة.
وتمثلت أكبر المخاوف في صفقة جزر سليمان، أن الصين قد تؤسس قاعدة عسكرية على الجزر، على بعد ألفيّ كيلومتر من الساحل الشرقي لأستراليا، رغم نفي بكين وهونيارا وجود مثل هذا المخطط.
هذه التطورات الجيوسياسية المتلاحقة، دفعت خطط الولايات المتحدة لزيادة نفوذها في منطقة المحيط الهادئ، لاحتواء الطموحات الصينية المتزايدة هناك، وبابوا غينيا الجديدة محطة في هذه الخطة.